د. صادق القاضي

د. صادق القاضي

تابعنى على

الإسلام.. من الخوف من الله إلى الخوف عليه.!

Thursday 07 October 2021 الساعة 07:59 am

مقارنةً ببعض أنماط التفكير اللاهوتي الإسلامي المعاصر. كان عرب الجاهلية، أقل تشدداً وأكثر عقلانية فيما يتعلق بطبيعة الآلهة، في علاقاتها بذاتها وبالبشر.

 شاهد أحدهم مرة أحد الثعالب يبول على صنم الإله الذي يعبده. فاستنتج أن الآلهة الوثنية لا تذود ولا تدافع عن نفسها بنفسها، ولا تضر ولا تنفع.. وبالتالي فهي آلهة زائفة.

كان الرجل سادناً للإله "سواع"، وكان بإمكانه طرد أو حتى قتل الثعلب، والحفاظ على وقار وهيبة إلهه. لكنه بدلا من هذه الفكرة الغبية "الدفاع عن الإله". كسر الصنم وهو يقول:

أربٌّ يبول الثُّعلبان برأسهِ؟! .. لقد ذلّ من بالت عليه الثعالبُ!

ثمّ اعتنق الإسلام على أساس أن إله الإسلام بالمقارنة- إلهٌ مختلف. حقيقي. يدافع عن نفسه وعن غيره بنفسه، ولا يحتاج لغيره للدفاع عنه وعن وجوده وألوهيته.!

صحيح. لم يسلم أغلب العرب بهذه الطريقة العقلية، ولم يخضعوا المسألة للتجريب، لكن في المقابل. أسلم كثير منهم، من خلال هذه الفكرة المقارنة، بإله كوني واحد كامل كلي القدرة، لا يضره شيء، ولا خوف عليه، ولا على أتباعه ولا هم يحزنون.

ثمّ.. مرّت الأيام.. وتغيرت الأحوال، ومعها ظهر في وقت مبكر. سدنة وكهنة ولاهوتيون جدد، لا يخافون الله، ومهمتهم صناعة الخوف على الله والدين والمقدسات الجديدة:

- يخافون على الله من العقل الذي هو أعظم ما خلق الله.!

- ويخافون على الإسلام من الحرية التي هي أول ما طالب به رسول الإسلام.!

وبغض النظر عن الأسباب والدوافع البرجماتية لهذا الخوف والتخويف، فقد كثرت هذه المخاوف السمجة المفتعلة المغرضة. وانتشرت كالوباء:

طوائف ومذاهب وفرق وجماعات وحركات.. من كل نوع. مهمتها المعلنة: الدفاع عن الله والرسول والصحابة والسنة والشريعة.!

"أنصار الله. أنصار الإسلام، أنصار الدين، أنصار الشريعة، أنصار الخلافة، أنصار السنة، أنصار المهدي، أنصار الفرقان" إلخ إلخ.

كلها أسماء جماعات إسلامية معاصرة مسلحة، تشكلت على أساس خرافة أن المقدسات الإسلامية مهددة، وأن أعضاءها جنود لله، وحراس للإسلام، وحماة للعقيدة.!

الله القوي المكين القادر.. الذي "يدافع عن الذين آمنوا". تحول في مرجل "الإسلام السياسي"، إلى إله ضعيف يحتاج لجنود وحراس وحماة وأنصار، تدافع عنه وتحميه من التلاشي والزوال.!

بدأ الإسلام بالخوف من الله، وانتهى بالخوف عليه. من شخص أو كتاب، وأحياناً من بيت شعر أو عبارة جميلة لشاب "رأى الله في الزهور، ولم يره في القبور!".

اليوم مليار مسلم يستفزهم ثعلبان سويدي برسمة مسيئة للرسول.!

بدأ الإسلام بنبي عظيم أرسله الله "رحمة للعالمين"، وانتهى بمسوخ جعلوا الإسلام ظاهرة خائفة مخيفة تثير هلع البشرية.!

صفوة القول:

الفرق بين الإله الحقيقي والإله الزائف، هو أن الأول موجود وقادر. بذاته. لا بغيره، بينما الثاني إله موجود وقادر. بغيره. لا بذاته.

الإله الذي يحتاج للبشر. هو مجرد إله وثني زائف خلقه البشر من الوهم.

والدين الذي يحتاج للدفاع عنه وعن رموزه وتصوراته.. هو توليفة تاريخية من الخرافات والأوهام والأساطير.