لا يختلف اثنان على أن حزب التجمع اليمني للإصلاح «إخوان اليمن»، يشكل خنجراً مغروساً في خاصرة اليمن، والتحالف العربي، وسكرتيراً منفذاً لمخططات ومؤامرات الخارج، التي قدمت له الرعاية والخبرة والإسناد ليتصدر المشهد، ويستحوذ على ما تبقى من الدولة، وإظهار حقيقته الإقصائية التي تعامل بها مع كل الأطراف الشريكة في رفضها للمشروع الإيراني وبيدقه في اليمن جماعة الحوثي.
منذ العام 2011، سيطر حزب الإصلاح على مفاصل السلطة، عبر زرع عناصره في كل أركان الدولة، استحوذ الإصلاح على مفاصل الدولة (السياسية والعسكرية، واحتكر لمصلحته الملف الاقتصادي)، وهو النهج الذي أدى إلى انهيار البلاد، ومكن جماعة الحوثي من السيطرة عليها، ورغم ما جرى لم يتعلم من أخطائه الكارثية السابقة، بل استمر في نفس النهج، ولنا أن نتخيل أن أكثر من نصف قادة ألوية الجيش وكتائبه هم من مدرسي المعاهد العلمية والمدارس التي يديرها ويمتلكها الحزب، لذا فمن الطبيعي أن يكون حصاد هذا النهج هو الفشل، بعد أن انفضت كل القوى تقريبا من مائدة الشرعية أو أقصيت، بما فيها فصائل المقاومة التي قاتلت الحوثيين، ووصلنا إلى معادلة مفادها أن السلطة الشرعية هي الإصلاح والإصلاح هو الشرعية، رافضاً أي قبول بالآخر، ومتعالياً فوق كل نداءات العقل لتصويب مسار الشرعية وإعادة التوازن بشراكة حقيقية بينه وبين مكونات العمل النضالي ضد جماعة الانقلاب الحوثية، ومضى في إصراره على التعنت ورفض الآخر وتخوينه، وصولاً الى استهداف أحد أهم مكونات التحالف العربي (دولة الإمارات المتحدة) مظهرا عداوته وفجوره وناشطيه ومفكريه، ليس لأجل شيء، سوى خدمة للأجندة الخارجية المعروفة، وحنقاً من الموقف الإماراتي الرافض لإنفراد الإخوان بالسلطتين العسكرية والسياسية، وما نتج عنه من فشل وفساد وخيانة وتخاذل.
وبعد أن انسحب بمسلحيه المؤدلجين من وادي آل بوجبارة في صعدة، وتسليمه نهم والجوف، والبيضاء، وانسحاباته السلمية من مديريات شبوة لصالح الانقلابيين الحوثيين، يطالعنا اليوم والحوثي يدق أبواب مارب التي نكل فيها الإصلاح بكل معترض على نهجه الإقصائي، وخون وأذل كل من لم يؤمن بفكره الإخواني، أو يوافق على هزليته وفساده تحت مسمى (الجيش الوطني)، وبعد أن أقصى الأحزاب وخان القبائل، يطالعنا ببيان يقفز فيه إلى الأمام ويدعي أن الشرعية والتحالف خذلوا مارب، وذيل ذلك البيان المضحك بقائمة لعدد من الأحزاب السياسية في مارب، علما أن تلك الأحزاب لا صوت لها ولا رأي، في ظل سلطة الإصلاح العبثية والإقصائية.
يحاول الإصلاح كعادته القفز من القارب الذي أغرقه بأفعاله، ولا يخجل أبدا من محاولاته المستمرة في قلب الحقائق، وصناعة الكذبات، وكأن ذاكرة الشعب مخرومة، متناسيا أن الشرعية التي ينتقدها تمثله هو لا غيره، فهو المتحكم الأصيل بها، واتهامه للتحالف بالخذلان كذبة ممجوجة خصوصا وأن الدعم الذي قدمه التحالف كان كفيلاً بتحرير بيت المقدس وليس فقط اليمن، إلا أن الفساد الإصلاحي والنزعة الإقصائية، ونهج استثمار المآسي والرغبة في تكوين أكبر قدر من الثروة والسيطرة الإخوانية هي من خذلت التحالف وليس العكس.
وبغض النظر عن البيان وما ورد فيه، والذي لا يعدو أن يكون بمثابة ذر الرماد في العيون، فالواقع والتجربة أثبتت أن أي هروب إصلاحي، يحمل في طياته منفعة حوثية، ولعل التخادم القائم بين الجماعتين [الحوثي، الإصلاح] الظاهر في شبوة خير دليل على أن التفاهمات ستنسحب قريباً على ما تبقى من شبوة وأعينهم وأيديهم ستتعاون على الساحل الغربي لا محالة، فكل جبهة تم كسر الحوثي فيها، سيعمل الإصلاح على خلخلتها واستنزافها وخديعتها، ليتم تقديمها لقمة سائغة للانقلابيين كما جرت عليه عادتهم في الخيانة والانسحاب من صعدة وحتى مرخة.