تقرير دولي: تجار سلاح مرتبطون بالحوثيين يعرضون أسلحة أمريكية عبر "واتساب" و"إكس"

السياسية - منذ 3 ساعات
المخا، نيوزيمن، علي جعبور:

نشرت صحيفة الغاردين البريطانية، الخميس، تقريراً دولياً جديداً يكشف النقاب عن استخدام تجار أسلحة مرتبطين بجماعة الحوثي المدعومة من إيران منصات التواصل الاجتماعي، وعلى رأسها تطبيقا "واتساب" و"إكس" (تويتر سابقًا)، لعرض وبيع أسلحة بعضها أمريكي الصنع، في خرق صريح لسياسات تلك المنصات، وفي تجاوز خطير يشير إلى تورط مباشر للحوثيين في شبكات تهريب السلاح عبر الإنترنت.

وبحسب التقرير الصادر عن مشروع الشفافية التقنية (TTP)، وهو مركز أبحاث أمريكي يركز على مراقبة ومساءلة شركات التكنولوجيا الكبرى، فقد تبين أن عشرات من حسابات "إكس" و"واتساب" تُدار من داخل اليمن، وتحديدًا من مناطق سيطرة جماعة الحوثي، ويعرض من خلالها تجار سلاح بنادق هجومية، قاذفات قنابل، ومعدات عسكرية متطورة للبيع، بعضها يحمل شعارات مثل "ملكية الحكومة الأمريكية" وشعارات الناتو.

وأورد التقرير أن أكثر من 130 حسابًا على "إكس" و67 حسابًا تجاريًا على "واتساب" كانت تنشط في هذا المجال، ويستخدم بعضها ميزات مدفوعة مثل "X Premium" لنشر محتوى ترويجي، بما في ذلك مقاطع فيديو لأسلحة متطورة، مثل بندقية M249 SAW الأمريكية، في حين استخدمت حسابات "واتساب" ميزة الكتالوج لعرض أنواع متعددة من الأسلحة بشكل علني.

أسلحة أمريكية وغطاء حوثي

أكد التقرير أن بعض الأسلحة المعروضة تعود إلى مخزونات سابقة كانت قد وُرّدت للحكومة اليمنية قبل انقلاب الحوثيين عام 2014، وتم الاستيلاء عليها، فيما يبدو أن جزءًا آخر تم تهريبه مؤخرًا من الخارج، بما في ذلك من الولايات المتحدة، عبر الخليج أو أطراف إقليمية أخرى، وعلى رأسها إيران، المتهمة بتمويل وتسليح الجماعة الحوثية.

وذكر تيمور خان، المسؤول في مركز أبحاث تسليح النزاعات، أن هناك دلائل على أن بعض الأسلحة تم تهريبها مؤخرًا، وربما كانت مخصصة لمدنيين أمريكيين، ما يشير إلى شبكة تهريب عابرة للحدود، على الأرجح تتم عبر وسطاء وحلفاء إقليميين.

مخالفات صريحة وتواطؤ تقني

التقرير لفت أيضًا إلى أن شركات التكنولوجيا المالكة لتلك المنصات، مثل "ميتا" (المالكة لواتساب) و"إكس" المملوكة لإيلون ماسك، لم تتخذ خطوات جادة لوقف هذه الانتهاكات، رغم امتلاكها الأدوات والإمكانيات التقنية والبشرية اللازمة لذلك.

وقالت كاتي بول، مديرة مشروع الشفافية التقنية: "رغم أن سياسات المنصات تمنع بيع الأسلحة، فإنها تتيح لتجار سلاح تابعين لجماعة مصنفة إرهابيًا استخدام خدماتها بحرية تامة، بل وتستفيد في بعض الحالات من نشاطاتهم، ما يطرح تهديدًا على الأمن القومي الأمريكي والدولي".

وبحسب التقرير، فإن بعض الحسابات كانت تروّج للأسلحة في تعليقات منشورات أخرى، وتُدرج إعلانات تجارية مجاورة لها، ما يلمّح إلى استفادة تلك المنصات ماليًا من هذا النشاط، ولو بشكل غير مباشر.

خطاب حوثي مرافق للتهريب

ومن اللافت أن كثيرًا من الحسابات كانت تنشر شعارات جماعة الحوثي إلى جانب عروض الأسلحة، بما في ذلك شعارهم الشهير أو ما يعرف بـ (الصرخة)، في حين نُشرت صور للأسلحة داخل حقائب تحمل شعار الحوثيين.

وفي بعض الحالات، أظهر تجار سلاح حساباتهم على أنها "تجارية رسمية" باستخدام "واتساب بزنس"، واحتوت على صور وأسماء صريحة تدل على نشاطهم، دون أن تُحذف أو تُراجع من قبل إدارة التطبيق.

شركات التواصل.. ردود بلا فاعلية

عقب صدور التقرير، أعلنت شركة "واتساب" أنها حظرت حسابين تم الإبلاغ عنهما، لكنها لم توضّح سبب عدم كشف تلك الحسابات خلال عمليات المراجعة المعتادة. كما لم ترد "إكس" على استفسارات الجهات الحقوقية بشأن استمرار حسابات ذات صلة بجماعات مصنفة إرهابية في استخدام خدماتها.

يُذكر أن منصات التواصل، ومنها "إكس"، كانت قد سرّحت أعدادًا كبيرة من موظفي الرقابة على المحتوى في السنوات الأخيرة، مما فاقم من حجم الانتهاكات، وساهم في تفشي أنشطة غير قانونية، من ضمنها تجارة السلاح والأنشطة المرتبطة بجماعات إرهابية.

إرهاب حوثي يغزو السوشال ميديا

يرفع هذا التقرير إشارات خطرة بشأن اتساع دائرة شبكات تهريب السلاح المرتبطة بالحوثيين، والتي باتت تستغل التكنولوجيا والمنصات الاجتماعية بشكل مباشر ومنظم، في ظل صمت دولي، وغياب فعلي لإجراءات ردع فعالة من قبل شركات التكنولوجيا التي لطالما أعلنت التزامها بمحاربة المحتوى العنيف والإرهابي.

وتطرح هذه المعلومات تحديات كبيرة على المجتمع الدولي، وعلى الحكومة اليمنية والتحالف العربي، لمضاعفة جهود المراقبة والتتبع، ومطالبة المنصات العالمية بتحمل مسؤوليتها الأخلاقية والقانونية في كبح جماح التهديدات الأمنية القادمة من خلف الشاشات.