الإجهاز على آخر ما تبقى للفقراء.. إيقاف مجانية العلاج في المستشفى الجمهوري بصنعاء

الحوثي تحت المجهر - Tuesday 22 July 2025 الساعة 05:05 pm
صنعاء، نيوزيمن:

في خطوة أثارت موجة استياء عارمة، أوقفت السلطات الصحية الخاضعة لسيطرة ميليشيا الحوثي الإيرانية، في صنعاء، تقديم خدمات العلاج المجاني في المستشفى الجمهوري، أحد أبرز المستشفيات الحكومية التي كانت تشكّل الملاذ الأخير للفقراء وذوي الدخل المحدود.

 القرار المفاجئ جاء بعد سنوات من تقديم المستشفى لخدمات طبية مجانية أو شبه مجانية للفئات الأشد فقرًا، ما يزيد من معاناة المواطنين في ظل تردّي الأوضاع المعيشية وغياب مصادر الدخل، نتيجة توقف الرواتب منذ أكثر من عشر سنوات.

وكان المستشفى الجمهوري، منذ بدء تقديم خدماته الطبية المجانية، مقصدًا للفقراء والمستضعفين من مختلف مديريات العاصمة وضواحيها، حيث ظل آلاف المرضى يصطفّون يوميًا في طوابير طويلة أمام بواباته، أملًا بالحصول على خدمة طبية تحفظ كرامتهم وتنقذ حياتهم. إلا أن قرار وقف الدعم المجاني، حوّل هذا الملاذ إلى عبء ثقيل، يعجز معظم المواطنين عن تحمّل تكاليفه.

وتقول مصادر طبية في المستشفى إن الخدمات المجانية أُوقفت بشكل مفاجئ دون إعلان رسمي، وإن التوجيهات جاءت من مسؤولين حوثيين في وزارة الصحة، في إطار توجه أوسع لتحويل القطاع الصحي إلى مورد ربحي خاضع لسيطرة نافذين من الجماعة، بينهم تجار أدوية وأصحاب مستشفيات خاصة، يجنون أرباحًا ضخمة من تدهور النظام الصحي العام.

ويؤكد عاملون في القطاع الصحي أن القيادات الحوثية المسيطرة على وزارة الصحة والقطاع الدوائي تتعامل مع الخدمات الطبية كفرصة استثمارية، لا كحق من حقوق المواطنين، إذ يتم التلاعب بموازنات الدعم الصحي وتحويل الأدوية والمستلزمات المجانية إلى السوق السوداء أو استخدامها في مستشفيات خاصة تابعة لنفوذ الجماعة، في وقت تتزايد فيه أوجاع اليمنيين تحت وطأة الفقر والجوع والبطالة.

وبات المشهد داخل المستشفيات الحكومية، بما في ذلك المستشفى الجمهوري، مأساويًا، حيث يُجبر المرضى على شراء الدواء من خارج المستشفى، ودفع رسوم باهظة مقابل الفحوصات والعلاجات، رغم أن هذه الخدمات كانت تُقدّم مجانًا حتى وقت قريب.

يقول أحد المواطنين أمام بوابة المستشفى الجمهوري: "كنا متفائلين، نعتقد أن الخدمات ستتوسع وتنتشر لتشمل مستشفيات أخرى في صنعاء وبقية المحافظات، لكننا اليوم نُفاجأ بأنها توقفت حتى هنا... لماذا يُراد هدم الشيء الوحيد الذي كان يمنح الفقراء الأمل؟". وتساءل آخر: "هل هوامير القطاع الطبي، وتجار الأدوية، تضايقوا من هذه الخدمة البسيطة، فقرروا حرماننا منها؟ هل أصبحت صحتنا وموتنا مجرد ورقة في صراع النفوذ والربح؟".

ويخشى مراقبون أن يكون قرار وقف العلاج المجاني مقدمة لخطوات أوسع لإفراغ المستشفيات الحكومية من دورها الخدمي، وتحويلها إلى منشآت مدفوعة فقط، تُدار من قبل نافذين حوثيين يسعون لاحتكار الرعاية الصحية ضمن مصالحهم التجارية، في ظل انهيار شبه كامل للقطاع الصحي، خاصة في المناطق الخاضعة لسيطرة الميليشيا.

اللافت أن هذا التدهور يجري في ظل غياب تام لأي رقابة أو محاسبة، وتحت سطوة ميليشيات تتعامل مع صحة الناس باعتبارها ملفًا سياسيًا وتجاريًا، لا إنسانيًا، وفق ما تؤكده مصادر طبية مستقلة.

وحمّل ناشطون جماعة الحوثي المسؤولية الكاملة عن هذا الانهيار، مطالبين المنظمات الأممية والدولية بفتح تحقيق عاجل في أسباب وقف الدعم المجاني، والضغط من أجل إعادة تشغيل المستشفيات الحكومية وفقًا لمبدأ الرعاية الصحية المجانية، خاصة في ظل استمرار الجماعة في قطع رواتب موظفي الدولة منذ عام 2016.

وعلّق الناشط الحقوقي جمال جميل على صفحته في موقع فيسبوك، متسائلًا عن الجهات المستفيدة من هذا القرار، ومنددًا بحرمان الفقراء من أبسط حقوقهم الصحية.

وقال جميل في منشوره: "توقف العلاج المجاني في المستشفى الجمهوري... من المستفيد من ذلك؟!". وأضاف: "منذ أن بدأ المستشفى الجمهوري بتقديم العديد من الخدمات الطبية مجانًا، أصبح الملاذ الأول للفقراء والمستضعفين. كانوا يقفون في طوابير طويلة، يتزاحمون بأعداد كبيرة، وينتظرون لساعات في سبيل الحصول على بعض الخدمات المجانية التي كانت تقدمها المستشفى".

وتابع بنبرة مؤلمة: "لا أعلم لماذا كنا متفائلين... كنا ننتظر أن تتوسع تلك الخدمات المجانية لتشمل مستشفيات ومحافظات أخرى، لكننا اليوم نُفاجأ بأخبار تتحدث عن توقف تلك الخدمات في المستشفى نفسه".

وتساءل الناشط الحقوقي في منشوره: "لماذا يُراد هدم هذا الشيء البسيط الذي كان يُقدّم للبسطاء وحرمانهم منه كأبسط حقوقهم؟ هل هوامير وتجار القطاع الطبي تضررت أعمالهم من هذه الخدمات فبدأوا ب…