عجز حوثي في مواجهة الحرب السيبرانية
السياسية - منذ 6 ساعات و 28 دقيقة
تصاعدت في الآونة الأخيرة الهجمات الإلكترونية التي تستهدف البنية التحتية لمؤسسات خاضعة لسيطرة مليشيا الحوثي في اليمن، في تطور يفتح الباب أمام مرحلة جديدة من الصراع تدور رحاها في الفضاء السيبراني، بعد أن كانت تقتصر في معظمها على الميدان العسكري. ويأتي هذا التصعيد متزامنًا مع تزايد اعتماد الحوثيين على تقنيات الاتصالات والإنترنت للتحكم بالمجتمع ومؤسساته، ما جعلها هدفًا مباشرًا لمجموعات القراصنة.
وخلال الأيام الماضية، أعلنت مجموعة الهاكرز التي تطلق على نفسها اسم (S4uD1Pwnz) عن نجاحها في تنفيذ سلسلة من الاختراقات النوعية، استهدفت مؤسسات حيوية داخل مناطق سيطرة الحوثيين. وأكدت المجموعة أنها اخترقت نظام مؤسسة موانئ البحر الأحمر – الخاضعة لسيطرة الجماعة – وتمكنت من سحب بيانات جميع رحلات السفن الصادرة والواردة، والتلاعب بالنظام عبر تغيير أسماء الشركات والجهات إلى اسم الفريق لإثبات عملية الاختراق. كما أعلنت أنها حصلت على أسماء المستخدمين وعناوين الـIP الخاصة بمدراء وموظفي المؤسسة، قبل أن تنهي العملية بتعطيل النظام بشكل كامل.
>> قطع للاتصالات واختراق وتعطيل مواقع.. سخرية وتندر من عبث "هكر" هواة بمليشيا الحوثي
وكما تبنت المجموعة من اختراق مؤسسة الاتصالات اليمنية في مناطق سيطرة الحوثيين، ما تسبب في توقف خدمة الإنترنت بشكل مؤقت. كما شهدت عدة محافظات يمنية تقطعات متكررة في الإنترنت وسط أنباء عن هجمات سيبرانية جديدة استهدفت شركة يمن نت، المزود الرئيسي للشبكة في البلاد. ونفذت المجموعة هجومًا واسعًا استهدف شركة “يمن موبايل”، ما أدى إلى شل خدماتها بشكل مفاجئ، ووصفت العملية بأنها "ضربة مباشرة لإحدى أهم أدوات الحوثيين في التحكم بقطاع الاتصالات". كما عطلت عشرات المواقع الإلكترونية الحكومية والجامعية التي تنتهي بنطاق ".ye".
وأكد مواطنون في صنعاء ومحافظات أخرى مشتركين في خدمة "يمن نت" أنهم واجهوا انقطاعًا شبه كليًا وتذبذبًا حادًا في الخدمة خلال الساعات الماضية، وسط أنباء عن احتمال تعرض الشركة– المزود الرئيسي للإنترنت في اليمن – لهجوم سيبراني جديد.
وقالت المجموعة عبر قناتها في "تليجرام" إنها تعتبر العملية "ضربة مباشرة" لإحدى أهم أدوات الحوثيين في التحكم بقطاع الاتصالات داخل مناطق نفوذهم. وأضافت أنها تمكنت من تعطيل عشرات المواقع الإلكترونية التابعة للجماعة ضمن الهجوم نفسه.
ويُذكر أن مجموعة S4uD1Pwnz كانت قد أعلنت، في 25 يوليو/تموز الماضي، عن اختراق وعزل 75 موقعًا إلكترونيًا حكوميًا وجامعيًا معظمها ينتهي بالنطاق ".ye" وتخضع لسيطرة الحوثيين، في واحدة من أوسع العمليات السيبرانية ضد الجماعة.
وبحسب خبراء أمن معلومات ومحللين سياسيين إن تصاعد وتيرة هذه العمليات الإلكترونية يفتح جبهة جديدة في الحرب اليمنية، إذ لم تعد المواجهة تقتصر على البعد العسكري أو السياسي، بل باتت تمتد إلى المجال الرقمي الذي يشكل رافعة أساسية للجماعة في إدارة حملاتها الدعائية وحشد أنصارها والتحكم بالمؤسسات. مؤكدين أن هذه الضربات قد تدفع الحوثيين إلى تكثيف استثماراتهم في الأمن السيبراني، غير أن ضعف البنية التحتية التقنية في اليمن سيظل عقبة كبيرة أمام بناء منظومة حماية متماسكة.
>> اختراق وتعطيل هو الأكبر.. هاكرز يطيحون بمنظومة الاتصالات الحوثية
ويذهب بعض المحللين إلى أن هذه التطورات قد تُمهّد لموجة جديدة من الصراع غير التقليدي، حيث تصبح الهجمات الإلكترونية أداة موازية للحصار العسكري والاقتصادي، بما يفتح الباب أمام مرحلة مختلفة في إدارة الحرب اليمنية.
ويرى خبير أمن المعلومات يمني أن هذه الهجمات "تشير إلى ضعف كبير في البنية التحتية الرقمية التي يديرها الحوثيون، حيث يعتمدون على أنظمة قديمة وغير محمية بشكل كافٍ ضد الاختراقات". وأضاف أن "استهداف قطاعات مثل الموانئ والاتصالات يوجه ضربة استراتيجية للجماعة، لأنها قطاعات حيوية تعتمد عليها في تمويل أنشطتها وتنظيم عملياتها".
من جانبه، اعتبر المحلل السياسي، عبدالغني الشيباني، أن "الحرب السيبرانية باتت جزءًا من معادلة الصراع في اليمن"، موضحًا أن "الهاكرز يسعون إلى تقويض قدرة الحوثيين على التحكم بالفضاء الإعلامي والاقتصادي، وهو ما قد ينعكس على حضورهم السياسي والعسكري". وأشار إلى أن هذه العمليات "لا تقل أهمية عن المعارك الميدانية، بل ربما تكون أكثر تأثيرًا على المدى الطويل".
وحذر من أن استمرار هذه الهجمات "قد يتسبب في تعطيل خدمات يعتمد عليها ملايين المواطنين اليمنيين، خاصة الإنترنت والاتصالات"، لكنه شدد في الوقت نفسه على أن "هذا النوع من الضربات يكشف هشاشة سيطرة الحوثيين، ويجعلهم أكثر عرضة لعمليات اختراق واسعة في المستقبل".
تصاعد وتيرة هذه العمليات الإلكترونية يفتح جبهة جديدة في الحرب اليمنية، إذ لم تعد المواجهة تقتصر على البعد العسكري أو السياسي، بل باتت تمتد إلى المجال الرقمي الذي يشكل رافعة أساسية للجماعة في إدارة حملاتها الدعائية وحشد أنصارها والتحكم بالمؤسسات.
وتأتي هذه التطورات في ظل تصاعد ما يصفه خبراء بـ"الحرب السيبرانية بالوكالة" في المنطقة، حيث باتت البنى التحتية الرقمية هدفًا متكررًا، سواء لأطراف داخلية أو لمجموعات قراصنة مدعومة من جهات خارجية. ويرى مراقبون أن استمرار مثل هذه العمليات قد يؤدي إلى إضعاف قبضة الحوثيين على مؤسسات حيوية، لكنه في المقابل يهدد المواطنين بخسائر خدمية مباشرة.