حصار منازل وفرض إقامات جبرية.. قيادات المؤتمر في صنعاء تحت القيد
السياسية - منذ ساعة و 50 دقيقة
تواصل ميليشيا الحوثي المدعومة من إيران إحكام قبضتها الأمنية على صنعاء ومناطق سيطرتها، في مسعى واضح لتصفية أي هامش سياسي قد يشكل تهديدًا لسلطتها.
فبعد سنوات من التغلغل داخل حزب المؤتمر الشعبي العام واستغلال منابره الإعلامية، انتقلت الجماعة إلى مرحلة أكثر قسوة، متمثلة في فرض الإقامة الجبرية على قيادات بارزة وتطويق منازلهم بفرق مسلحة، بينها وحدات نسائية معروفة بـ"الزينبيات"، في مشهد يعكس سياسة ممنهجة لإخضاع الحزب التاريخي وإفراغه من دوره الوطني.
ويأتي هذا التصعيد متزامنًا مع الذكرى السنوية لثورة 26 سبتمبر، التي أنهت حكم الإمامة في شمال اليمن عام 1962، وهو حدث يمثل هاجسًا أيديولوجيًا للحوثيين باعتباره يرمز إلى سقوط النظام الذي يستمدون منه شرعية مزعومة.
أفادت مصادر محلية وإعلامية، بينها الصحفي فارس الحميري، أن ميليشيا الحوثي الإرهابية فرضت الإقامة الجبرية على عدد من قيادات حزب المؤتمر الشعبي العام في صنعاء، وفي مقدمتهم يحيى الراعي، رئيس مجلس النواب التابع للجماعة. وأشارت المعلومات إلى أن قوات حوثية طوقت منزل الراعي منذ أيام، فيما تنفذ عناصر مسلحة من "الزينبيات" عمليات تفتيش دقيقة داخل المنزل ومحيطه، وتراقب التحركات بدقة بالغة، في إطار تضييق أمني غير مسبوق.
وبحسب المصادر نفسها، يواصل الحوثيون استغلال موقع الراعي الرسمي، إذ يصدرون بين الحين والآخر بيانات سياسية باسمه بصفته رئيسًا لمجلس النواب، رغم القيود الأمنية المشددة التي تكاد تعزله عن المشهد العام.
لم تكتفِ الجماعة بالقيود الأمنية، بل ذهبت إلى أبعد من ذلك عبر السيطرة الكاملة على وسائل إعلام المؤتمر الشعبي العام، بما فيها الموقع الرسمي "المؤتمر نت"، لنشر بيانات تخدم أجندتها. وفي خطوة مفاجئة، بثت وسائل الحزب بيانًا باسم قياداته يدعو المواطنين في صنعاء ومختلف المناطق الخاضعة لسلطة الحوثيين إلى "عدم الانجرار لدعوات الخروج إلى الشوارع تحت مسمى الاحتفال بذكرى ثورة 26 من سبتمبر الخالدة".
البيان المثير للجدل حث قيادات وأعضاء الحزب على عدم الاستجابة لما سماها "دعوات الفتنة وزعزعة الأمن والاستقرار"، مكررًا مفردات الخطاب الحوثي الذي يربط أي حراك شعبي بما يصفه بـ"العدوان الصهيوني على اليمن"، في إشارة توحي بمحاولة إلصاق أي فعل احتجاجي بأجندات خارجية.
في موازاة ذلك، اكتفت سلطات الحوثيين في صنعاء بإقامة حفل رمزي باهت لإحياء ذكرى "26 سبتمبر"، بينما منعت إقامة أي فعاليات جماهيرية للاحتفال بالمناسبة الوطنية. وبررت الجماعة إجراءاتها الصارمة بزعم تلقيها "معلومات مؤكدة" عن سعي "العدو الإسرائيلي" لاستغلال الذكرى وتحويلها إلى "منصات لإثارة الفتنة والفوضى وضرب الجبهة الداخلية"، وهي مبررات يصفها مراقبون بأنها مجرد شماعات لتبرير قمعها الممنهج ومنعها أي إحياء شعبي للثورة التي أنهت حكم الإمامة، وهو النظام الذي يتماهى مع فكر الجماعة الحوثية ويهدد سرديتها العقائدية.
يرى مراقبون أن التصعيد الأخير يعكس خشية الحوثيين من أي تحرك شعبي يرمز إلى استعادة روح ثورة سبتمبر، باعتبارها محطة تاريخية أطاحت بحكم الإمامة الذي تعتبره الجماعة امتدادًا تاريخيًا لمشروعها الطائفي. كما يُظهر هذا النهج محاولتها تحييد حزب المؤتمر الشعبي العام كقوة سياسية فاعلة، وتحويله إلى مجرد واجهة شكلية خاضعة لإرادتها، في خطوة تهدف إلى القضاء على أي معارضة منظمة داخل مناطق سيطرتها.
بهذه الإجراءات، تؤكد ميليشيا الحوثي أنها ماضية في سياسة تكميم الأفواه وإلغاء التعددية، في وقت تتزايد فيه الدعوات الشعبية لاستعادة الدولة اليمنية ومؤسساتها بعيدًا عن سطوة السلاح والمشاريع الضيقة التي تعيد اليمن إلى حقبة ما قبل ثورة 26 سبتمبر.