صندوق النقد: سلامة الإيرادات وترشيد الانفاق أولوية لتعافي الاقتصاد في اليمن
إقتصاد - Thursday 09 October 2025 الساعة 08:40 pm
رحبت بعثة صندوق النقد الدولي باستئناف مشاورات المادة الرابعة مع اليمن بعد توقف دام 11 عامًا، معتبرة هذه الخطوة علامة فارقة في تعزيز الاستقرار الاقتصادي والمالي للدولة التي عانت من سنوات طويلة من النزاع وتوقف معظم المؤشرات الاقتصادية.
وأوضح بيان صادر عن البعثة في ختام مشاورات المادة الرابعة لعام 2025م التي عقدت خلال الأيام الماضية في العاصمة الاردنية عمان ، أن النزاع المستمر أدى إلى توقف ترتيب تسهيل ائتماني ممدد مدته ثلاث سنوات، وتعليق إعداد المؤشرات الاقتصادية الأساسية، وتعطيل وضع السياسات العامة، مشيدًا في الوقت نفسه بـ"التعاون الممتاز والمناقشات الصريحة والبناءة" التي أبدتها السلطات اليمنية والأطراف المعنية.
واستعرض البيان الأوضاع الاقتصادية والمالية، مشيرًا إلى تأثير هجمات الحوثيين على منشآت تصدير النفط في 2022م، وما قامت به الحكومة من جهود لتخفيف الأثر الاقتصادي لتوقف الصادرات، بما في ذلك ضبط المالية العامة وإدارة النقد الأجنبي. وشملت الإجراءات الهامة التي أبرزها الصندوق إنشاء اللجنة الوطنية لتنظيم وتمويل الواردات في يوليو 2025، وتعزيز شفافية التعاملات المالية، وحظر استخدام العملات الأجنبية في المعاملات المحلية، وإلغاء تراخيص محلات الصرافة المشتبه في تلاعبها بالعملة، مما ساعد على استقرار الريال اليمني وخفض معدلات التضخم.
وأكد البيان أن الاقتصاد اليمني متجه نحو التعافي على المدى المتوسط، متوقعًا ارتفاع معدل النمو تدريجيًا من 0.5% في 2026 إلى نحو 2.5% بحلول 2030، واستمرار تراجع التضخم، مع التأكيد على أهمية الأولويات السياسية والدعم الخارجي الإضافي لضمان الاستقرار الاقتصادي الكلي. كما رحب الصندوق بـتركيز خطة التعافي الاقتصادي التي أطلقتها الحكومة مطلع 2025 على تعزيز استدامة الموارد العامة، وكبح التضخم، وتقوية الحوكمة والمؤسسات، مع التأكيد على أن الالتزام بتنفيذ هذه الركائز يعد دعمًا حاسمًا لاستقرار الاقتصاد الكلي في المرحلة الحرجة التي يمر بها اليمن.
وأشار البيان إلى أن استعادة الاستدامة المالية تتطلب استعادة سلامة الإيرادات، زيادة المتحصلات، ترشيد الإنفاق الاستراتيجي، وتوفير تمويل إضافي بالتعاون مع الدائنين، مؤكدًا أن البنك المركزي اليمني سيواصل التركيز على كبح التضخم وتطبيق أسعار الصرف السوقية وضمان النزاهة المالية.
كما أشار إلى أن اليمن بحاجة مستقبلاً إلى إصلاحات هيكلية هائلة لتحرير الإمكانات الاقتصادية، وتعزيز المؤسسات لتحسين الحوكمة، إلى جانب تشديد سياسات مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، ويقتضي ذلك تحسين إدارة المالية العامة عبر تنفيذ ضوابط على الإنفاق عبر القطاع العام، وتطبيق حساب الخزانة الموحد، وتحسين الشفافية والمساءلة في المجال الضريبي والجمركي، وإصلاحات قطاع الكهرباء.
وشهد رئيس مجلس الوزراء سالم صالح بن بريك الخميس في العاصمة الأردنية عمان، اختتام مشاورات المادة الرابعة بين الحكومة اليمنية وصندوق النقد الدولي. وأكد رئيس الوزراء في كلمته على تقديره لجهود بعثة الصندوق وفريق الحكومة والبنك المركزي، مشيرًا إلى أن استئناف هذه المشاورات يعكس الثقة الدولية بالإصلاحات الاقتصادية والمالية التي تقودها الحكومة، ويعتبر محطة مهمة لاستعادة اليمن لدورها في المؤسسات المالية الدولية.
وأكد بن بريك أن الحكومة ملتزمة بتنفيذ التوصيات والملاحظات التي خرجت بها المشاورات كخارطة طريق لتطوير السياسات المالية والنقدية، بما يتوافق مع الواقع الاقتصادي والإنساني الاستثنائي في البلاد، وبما يدعم الاستقرار المالي والنقدي، وتحفيز النشاط الاقتصادي، وتحسين معيشة المواطنين. ودعا إلى توسيع الشراكة مع صندوق النقد الدولي والمؤسسات المالية والدولية، لضمان دعم أولويات الإصلاح الاقتصادي وتحسين مستوى الخدمات المعيشية.
من جانبها، أشادت رئيس بعثة صندوق النقد الدولي إلى اليمن، إستر بيريز رويز، بالتقدم الذي أحرزته الحكومة في الإصلاحات الاقتصادية والإدارية، ومستوى الشفافية والتعاون الذي أبداه الفريق الحكومي، مؤكدة استعداد الصندوق لمواصلة الدعم الفني والاستشاري لمساعدة اليمن على مواجهة التحديات الاقتصادية وبناء أسس التعافي على المدى المتوسط.
وأضافت أن استئناف مشاورات المادة الرابعة يشكل لحظة تاريخية لليمن، ويعزز العلاقة مع الشركاء الدوليين ويدعم الحصول على المزيد من التمويل والمساعدة لتحقيق الاستقرار الاقتصادي.