رفاهية وعزلة تامة.. تفاصيل حياة عائلة الأسد في موسكو
العالم - Saturday 11 October 2025 الساعة 08:08 pm
في واحدة من أكثر الفصول غموضًا في تاريخ عائلة الأسد، كشفت صحيفة "دي تسايت" الألمانية في تقرير موسع، تفاصيل مثيرة حول حياة الرئيس السوري السابق بشار الأسد وأسرته في موسكو، حيث يقيمون تحت حماية مباشرة من الكرملين منذ فرارهم من دمشق أواخر العام الماضي.
ووفقًا للتقرير، يعيش الأسد حياة تجمع بين الرفاهية المفرطة والعزلة الكاملة، إذ يقيم في مجموعة شقق فاخرة تطل على ناطحات السحاب وسط العاصمة الروسية، في حين يبقى رهينًا سياسيًا بيد موسكو التي تتحكم بشكل كامل بمصيره ودوره المستقبلي، إن وجد، في سوريا.
ونقلت الصحيفة عن مصادر مطلعة أن عائلة الأسد تمتلك نحو 20 شقة فخمة موزعة على ثلاثة طوابق في إحدى ناطحات السحاب الراقية وسط موسكو، تم شراؤها عبر شبكة معقدة من الشركات والمؤسسات المالية منذ عام 2013، بعد عامين من اندلاع الاحتجاجات في سوريا.
وأضاف التقرير أن بشار الأسد يقيم في ثلاث شقق مترابطة تقع فوق مركز تسوق فاخر، ويُحيط به طاقم أمني روسي خاص تموله الحكومة الروسية، فيما يعيش بقية أفراد العائلة في الشقق المجاورة.
وصف فريق الصحيفة الذي تمكن من دخول المبنى الشقق بأنها "قصور معلقة في السماء"، تضم ثريات كريستالية فخمة وأثاثًا مطليًا بالذهب ونوافذ بانورامية ضخمة تطل على نهر موسكفا، فيما صُنع الحمام بالكامل من رخام "كارارا" الإيطالي، وتوجد أحواض استحمام مدفأة مطلة على الأفق.
بحسب أحد المقربين من العائلة تحدث للصحيفة، يعيش الأسد حياة انعزالية إلى حد كبير، يقضي ساعات طويلة في ألعاب الفيديو، ولا يغادر شقته إلا نادرًا لزيارة بعض المراكز التجارية القريبة.
وفي المقابل، يقيم شقيقه ماهر الأسد في فندق خمس نجوم، يقضي معظم وقته في تدخين النرجيلة واستقبال عدد محدود من الزوار المقربين، فيما يعيش أبناء الأسد حياة أكثر انفتاحًا نسبيًا داخل موسكو.
وفي فبراير الماضي، ظهر نجل الرئيس السابق، حافظ الأسد، في مقطع فيديو جرى تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي، وهو يتجول في أحد الأحياء الراقية بالعاصمة الروسية، متحدثًا عن الأيام الأخيرة قبل سقوط النظام في دمشق، قائلاً: "لم نخطط للهروب من سوريا، لكن روسيا نقلتنا بشكل عاجل إلى موسكو بعد انهيار العاصمة."
وأشارت الصحيفة إلى أن أسماء الأسد، زوجة بشار الأسد، تعاني من تدهور صحي حاد إثر عودة إصابتها بمرض السرطان الذي كانت قد شُفيت منه عام 2018، مضيفة أنها تتلقى علاجها في موسكو منذ ربيع 2024 تحت إشراف فريق طبي روسي خاص.
ويرى مراقبون أن إقامة عائلة الأسد في موسكو تعكس طبيعة العلاقة المعقدة بين النظام السوري وروسيا، حيث تحوّل الأسد من حليف إلى رمز سياسي تابع يخدم المصالح الروسية في الملف السوري.
وتشير دي تسايت إلى أن الكرملين يوفر للأسد وعائلته حماية كاملة مقابل التزامهم الصمت وعدم التدخل في أي ترتيبات سياسية تخص مستقبل سوريا، بينما تحاول موسكو تلميع صورتها كحاضنة "اللاجئين السياسيين" الذين خدموا أجندتها في الشرق الأوسط.
ومنذ عام 2019، كشفت تقارير دولية، بينها تحقيق لصحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية، أن عائلة الأسد اشترت ما لا يقل عن 18 شقة فاخرة في موسكو، في وقت كانت البلاد تشهد واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم، وهو ما وصفه محللون بأنه مفارقة تكشف انفصال الطبقة الحاكمة عن معاناة السوريين.
وخلص تقرير دي تسايت إلى أن بشار الأسد يعيش اليوم أكثر فترات حياته عزلة وضعفًا سياسيًا، إذ لم يعد يملك سوى القليل من النفوذ، فيما يبدو أن موسكو تتعامل معه كأداة رمزية ضمن مشروعها للحفاظ على النفوذ في الشرق الأوسط، في مقابل توفير حياة فارهة له ولعائلته، لكنها حياة بلا وطن ولا سلطة.