قرارات الرئاسي الأحادية.. خدمة للحوثي والإرهاب وحرف البوصلة عن معركة صنعاء
السياسية - منذ ساعة و 49 دقيقة
عدن، نيوزيمن، خاص:
تأتي موجة التحركات والقرارات الأحادية الأخيرة الصادرة عن رئيس مجلس القيادة الرئاسي وتحت مظلة الشرعية، وسط تساؤلات متزايدة حول الجهة المستفيدة فعليًا من هذا التصعيد السياسي والأمني، في وقت يواجه فيه اليمن تحديات مصيرية على المستويات العسكرية والاقتصادية والإنسانية.
وتشير قراءة المشهد بوضوح إلى أن هذه التحركات، التي يقف خلفها حزب الإصلاح الإخواني عبر نفوذه داخل مؤسسات الشرعية، لا تخدم مسار استعادة الدولة، ولا الاستقرار، ولا الجهود الدولية الرامية إلى تطبيع الأوضاع الاقتصادية والمالية، بل تعمل على حرف المسار الرئيسي للصراع بعيدًا عن هدفه الجوهري: تحرير صنعاء وإنهاء الانقلاب الحوثي.
وفي الوقت الذي تحظى فيه الحكومة اليمنية بدعم إقليمي ودولي لتنفيذ إصلاحات اقتصادية ومالية عاجلة، تشمل ضبط الإيرادات، وتحسين أداء المؤسسات، واستقرار العملة، فإن التصعيد السياسي والانقسامات داخل الشرعية يبعث برسائل سلبية إلى المجتمع الدولي، مفادها غياب الشريك الموحد والقادر على إدارة مرحلة التعافي.
وتؤكد تقارير البنك الدولي وصندوق النقد الدولي أن الاستقرار السياسي والمؤسسي شرط أساسي لنجاح أي إصلاحات اقتصادية في الدول الهشّة، وهو ما يتناقض كليًا مع محاولات جرّ الشرعية إلى صراعات داخلية واشتباكات مع حلفائها الإقليميين بدل التركيز على المعركة الوجودية مع الحوثيين.
ويمثل التحالف العربي بقيادة السعودية والإمارات الركيزة العسكرية والسياسية الأهم في مواجهة المشروع الحوثي المدعوم من إيران، وهو ما تؤكده تقارير أممية ودولية تصنّف الحوثيين كتهديد محلي وإقليمي ودولي، خصوصًا فيما يتعلق بأمن الملاحة الدولية في البحر الأحمر وباب المندب. وعليه، فإن محاولات استهداف التحالف أو تفكيكه سياسيًا، سواء عبر قرارات أحادية أو خطاب تصعيدي، لا يمكن قراءتها إلا باعتبارها خدمة مجانية للحوثيين، الذين لطالما راهنوا على تفكك جبهة الشرعية وحلفائها بدل مواجهتهم عسكريًا.
ويذهب مراقبون إلى أن حزب الإصلاح وبعد خسارته وادي حضرموت والمهرة يسعى، عبر هذه التحركات، إلى إعادة توجيه بوصلة الصراع بما يخدم أجندته التنظيمية، حتى وإن كان الثمن إضعاف الشرعية نفسها. هذا السلوك ليس جديدًا، إذ تشير دراسات بحثية إلى أن التنظيمات المرتبطة بالإخوان غالبًا ما تستثمر في حالة الفوضى والانقسام لتعزيز نفوذها السياسي والأمني.
الأخطر من ذلك، أن تفكك الجبهة المناهضة للحوثيين وخلق فراغات أمنية نتيجة الصراعات الداخلية، يوفّر بيئة مثالية لعودة التنظيمات الإرهابية مثل القاعدة وداعش، التي لطالما استغلت لحظات الاضطراب السياسي لتنفيذ هجمات نوعية. وتحذّر تقارير الأمم المتحدة من أن أي تراجع في التنسيق الأمني أو انشغال القوى المحلية بصراعات داخلية يؤدي مباشرة إلى تنشيط الخلايا الإرهابية في مناطق يمنية عدة.
ويؤكد محللون ومراقبون سياسيون إن القرارات الأحادية والتصعيد السياسي المدفوع بأجندات حزبية لا تمثل فقط خروجًا عن روح الشراكة داخل الشرعية، بل تشكل تهديدًا مباشرًا لمسار استعادة الدولة، وتخدم، بشكل مباشر أو غير مباشر، الحوثيين، والإخوان، والتنظيمات الإرهابية.
وأضافوا: هذه اللحظة التاريخية تتطلب توحيد الصف، وتركيز الجهود العسكرية بمساندة التحالف العربي نحو الهدف الرئيسي المتمثل في إنهاء انقلاب الحوثي واستعادة الشرعية لصنعاء، والانصراف عن تحويل الصراع من معركة وطنية ضد الانقلاب، إلى صراع عبثي يبدد ما تبقى من فرص الإنقاذ.
وحذّر المحللون من تداعيات القرارات الأخيرة الصادرة عن رئاسة مجلس القيادة الرئاسي، معتبرين أنها جاءت في توقيت بالغ الحساسية تمر به البلاد، وقد تؤدي إلى تصدّع داخل معسكر الشرعية وتمنح مليشيات الحوثي مكاسب مباشرة على المستويين السياسي والعسكري.
ويرى محللون أن المرحلة الراهنة تتطلب أعلى درجات التوافق السياسي والعسكري لمواجهة الحوثيين، مؤكدين أن أي خطوات تُتخذ خارج إطار الشراكة والتوافق داخل مجلس القيادة ستنعكس سلبًا على جهود إنهاء الانقلاب واستعادة مؤسسات الدولة.
ويؤكد عضو هيئة رئاسة المجلس الانتقالي الجنوبي ورئيس حلف قبائل وأبناء شبوة، عبدالعزيز الجفري، أن البيان الصادر عن أربعة من أعضاء مجلس القيادة الرئاسي عكس موقفًا واضحًا بعد فترة طويلة من الصبر على ما وصفه بالقرارات الانفرادية لرئيس المجلس، مشيرًا إلى أن تلك الممارسات تمثل خرقًا صريحًا لوثيقة إعلان نقل السلطة التي نصّت على الشراكة والتوافق في اتخاذ القرار.
وشدّد الجفري، على أن دولة الإمارات العربية المتحدة كانت ولا تزال شريكًا رئيسيًا في مواجهة الميليشيات الحوثية، وقدّمت تضحيات كبيرة وأسهمت بدور محوري في تحرير مناطق واسعة وبناء قدرات أمنية وعسكرية فاعلة، معتبرًا أن أي محاولات للتقليل من هذا الدور أو استهدافه سياسيًا لا تخدم سوى الحوثيين. كما لفت إلى أن الحراك الشعبي في محافظات الجنوب يعكس رفضًا واسعًا للقرارات الأخيرة ودعمًا واضحًا للمجلس الانتقالي الجنوبي، مؤكدًا أن المرحلة المقبلة تتطلب قرارات منسجمة مع إرادة الشارع الجنوبي.
>
