قلق أمريكي «عميق» من تحول الحوثيين إلى نسخة من القاعدة

السياسية - Sunday 11 March 2018 الساعة 03:47 pm
عدن، نيوز يمن:

قال السفير الأمريكي لدى اليمن، ماثيو تولر، الأحد، إنه "حين ينظر للوضع بشكل عام في اليمن، فهناك طموح إيراني، تبحث خلاله طهران لنفسها عن موطئ قدم في اليمن، وأعتقد من المنطقي جداً أن ترى السعودية هذا إشكالاً أمام الطموحات الإيرانية".

وأضاف السفير الأمريكي، أنه يعتقد في الوقت نفسه أن الحرب داخلية بامتياز، وأن أطراف الحرب ليسوا اثنين وحسب، بل مجموعة تتنافس السلطة المطلقة للهيمنة على اليمن، وهناك أمراء حرب تزداد ثرواتهم يومياً في اليمن.

وشدد تولر، في حديث لصحيفة الشرق الأوسط، على أن الحوثيين مهما حاولوا أن يوجدوا دعماً لهيمنة إيران على المشهد (في اليمن) «فإنهم لن يجدوا متعاطفاً في هذه الوظيفة»، ويقصد المبعوث الأممي.

وحول جهود واشنطن للحل في اليمن، قال السفير الأمريكي: "هذا العام سيمثل مزيداً من الفرص، لدينا تأثير على الحكومة الشرعية، وأعتقد إذا استطعنا استخدام هذا التأثير، وأيضاً الوسائل التقنية لمساعدة الشرعية والقيام بهذا الدور بنجاح؛ فإن هذا سيساعد الأطراف المختلفة على الانتقال إلى أرضية مشتركة، فالصراع دمر كثيراً من المؤسسات الاقتصادية، وإذا استطعنا مساعدة مؤسسات مهمة مثل البنك المركزي ووزارة المالية على أن يلعبا دوراً مستقلاً لا يتأثر بالسياسة فإننا سنكون ساعدنا البلاد".

وأضاف: "رأينا ماذا حصل لليمنيين الذين عانوا كثيراً نتيجة هذا الصراع. وإذا استمعت إلى الدعاية الحوثية في وسائل إعلامهم، فإنهم يزعمون أن كل ذلك حدث بسبب السعودية؛ لذلك، فأنا أعتقد أنه علينا تسليط الضوء على مجالين مهمين، الإنساني والاقتصادي، وهما مجالان لم يتلقيا بعد نصيبهما الكافي من الانتباه، وهما مرتبطان ببعضهما بعضاً، ونتيجة للصراع فقد وجد اقتصاد حرب، وبالتالي فهناك عناصر جديدة تستغل أجزاء مهمة جداً من اقتصاد البلاد، وهم يزدادون ثراءً كل يوم، ويحرمون الناس رواتبهم، أو أولئك الذين كان لديهم أنشطة اقتصادية أخرى، وهؤلاء حرمهم أمراء الحرب من هذه الفرص الاقتصادية".

يضيف تولر: المشكلة الفساد المالي الموجود في مناطق سيطرة الحوثيين شمالاً، وأيضاً المناطق التي تهيمن عليها الشرعية لم تسلم من الفساد المالي والإداري، وعلينا جميعاً، من يريد مساعدة الشرعية العمل على أن يكون أداء الحكومة الشرعية أفضل مما مضى.

«عرفان» لم يكتمل

واعترف الدبلوماسي الأميركي بأنه خلال سنته الأولى اليتيمة حتى الآن التي أدى فيها عمله من داخل اليمن قبل الحرب وقبل أن تتعلق عمليات السفارة في صنعاء، كان سيمنح الحوثيين «عرفاناً» (وهي الترجمة العربية الأقرب إلى الكلمة الإنجليزية «كريديت»)، وذلك إزاء ادعائهم عندما دخلوا صنعاء بأنهم «يريدون محاربة النخبة الفاسدة في اليمن». لكن العرفان لم يكتمل.

وقال تولر: «اتضح أنهم أصبحوا أسوأ من النخبة الفاسدة التي زعموا أنهم يريدون محاربتها».

ويؤمن بأن اليمن بلد لا يستحق أن يكون فقيراً، ويلقي باللوم على قيادات وميليشيات تتاجر بفقر اليمنيين ودمائهم ومستقبلهم.

وأشار تولر أن القلق ساوره في البداية عند تشكيل التحالف العسكري بقيادة السعودية في عام 2015، حيث اعتقد أن هذه الخطوة قد تنعكس سلباً وتطيل أمد الحرب في البلاد»، لكنه يستدرك بأنه وجد التحالف بقيادة السعودية «لديه وجه آخر من العملة»، في إشارة إلى أهمية اليمن بالنسبة للسعودية، التي قال: إنها لا تستطيع أن تتجاهل الملف اليمني.

ويضيف: إذا كان مهماً الجانب العسكري للسعودية، فإنه أيضاً بالقدر ذاته من الأهمية بالنسبة للمملكة وحلفائها أن يكون اليمن مستقراً ومزدهراً، وإلا ستجد السعودية نفسها مسحوبة إلى معارك ومواجهات داخل اليمن».

ويشير الدبلوماسي الأميركي إلى ترحيب بلاده بجهود السعودية المتجددة المهتمة بالأوضاع الإنسانية والاقتصادية لليمن.

التحالف ومكافحة الإرهاب

يؤكد تولر التعاون القائم بين الولايات المتحدة «مع دول التحالف وخصوصاً السعودية والإمارات» في مكافحة الإرهاب باليمن، ويقول: «عملنا مع السعودية والإمارات على تدريب وتوفير المعدات والدعم للقوات اليمنية للتخلص من القاعدة»، لكنني أقول بطبيعة الحال إن السنوات الأربع الماضية كانت فترة مفيدة لتنظيم «القاعدة في جزيرة العرب»، مرجعاً ذلك إلى «ضعف السلطة المركزية للدولة، ونمو التيارات الطائفية والمذهبية، وبالتالي ازدياد تدفق الأسلحة للبلاد، وكل هذه عوامل تساعد القاعدة على النمو لليمن».

ولا يخفي السفير قلقه «العميق» من استغلال إيران لليمن. وذلك في إطار إجابته عن مدى الخشية من «تحول المشروع الإيراني الذي يمثله الحوثيون إلى نسخة أخرى من تنظيم القاعدة الإرهابي على غرار ما حدث في أفغانستان، فشعاراتهم هي الموت، وأفكار القتل باسم الدين تتطابق في هذه الحالة»؛ إذ قال: بالفعل لدي قلق عميق.

فهذه منطقة تريد إيران أن تستغل عبرها المجتمع اليمني، وبالتالي بعض المناطق المتخلفة والمعزولة عن العالم أيضاً.

تنمية الاقتصاد والمساعدات

وشهد الحديث إسهابا عن أن اليمن، وقال السفير الأميركي: لا يستحق أن يكون أفقر بلد في منطقة الشرق الأوسط: «فقد أصاب البلاد الوهن داخل المؤسسات الحكومة والعسكرية، وكذلك الحال بالنسبة للفساد المالي والإداري رغم وجود الكثير من الثروات الطبيعية التي يمكن أن تحسّن معيشة البلاد، فلديها سكان جادون في العمل، وهناك حدود مع دول مثل السعودية وعمان؛ وهذا قد يوفر مناخاً مواتياً لأن يتم إيجاد فرص تجارية كبيرة، وهناك أيضاً البحر الأحمر والسواحل ومضيق باب المندب، وموانئ قد تكون من أفضل الموانئ في العالم؛ الأمر يتمثل في قادة ومتطرفين يريدون استغلال البلاد ضد الفقراء».

ما يجدر ترقبه من المبعوث الجديد؟

وبسؤاله عن ما يجدر ترقبه عن المبعوث الأممي الجديد يقول السفير: أرجو أن أشير إلى أننا سنفتقد إسماعيل ولد الشيخ أحمد (المبعوث الأممي السابق)؛ إذ كان رجلاً متفانياً جداً في عمله الذي أداه، وهذا يشهد به كل من عمل مع الرجل رغم تعرضه لانتقادات حادة، لكن هذا الأمر واستمرارية الصراع ليس نتيجة لقلة الجهود التي بذلها. «وعندما يتم التوصل إلى حل فإن نواة هذا الحل ستكون نتيجة للجهود التي بذلها إسماعيل وفريقه وسابقيهم».

ويزيد: نرحب بتعيين مبعوث أممي جديد؛ على أساس أن هذا سيوفر فرصة لنظرة تنعش الأمور، وبالتالي قد يشكل نواة نحو حل للقضايا العالقة. لكن، لا يوجد سحر أو عصا سحرية أو رصاصة فضية تحل القضايا العالقة.

وجوهر المشكلة في اليمن هو الصراع على السلطة بين الأطراف اليمنية المختلفة. والأطراف ليسوا مجرد اثنين، بل هم مجموعات متنوعة، وفي النهاية للتوصل إلى حل دائم يتطلب الأمر من جميع المجموعات التخلص من طموحها للهيمنة الكاملة على جميع اليمن.

ثم يعود ليقول: متفائل بأننا نرى تقدماً في العام الحالي 2018، وليس لأن هناك مبعوثاً أممياً جديداً، لكن آمل أن الأطراف المختلفة أدركت بأن استمرار صراع كهذا حقيقة هو يدمر البلاد ومستقبلهم في العيش داخلها.

جهود موازية

وبسؤال الصحيفة عن ما إن كانت الولايات المتحدة تدعم أي مبادرات أو مبادئ أو تمهيد موازية لجهود الأمم المتحدة، قال تولر إن «هذه الجهود من الممكن أن تشجع وأن تكون مفيدة، ولاسيما إذا كانت من لاعبين دوليين لديهم اتصالات مع مختلف الأطراف اليمنية، في الشمال والجنوب، سواء في الحكومة الشرعية أو الحوثيين أو أتباع صالح».

يضيف: «مع استثناءات بسيطة جداً، أعتقد أن هناك توافقاً دولياً تاماً حول الحل العام في اليمن منذ عام 2011، وفي عموميته فإن مجلس الأمن الدولي واللاعبين داخله لديهم توافق على الحل في اليمن.إذا نجح المبعوث الأممي الجديد في إقناع الأطراف إلى العودة للمفاوضات؛ فإن هذا سيكون من المفيد جداً له».

تقنيات خليفة ولد الشيخ

وحول نبأ مفاده أن المبعوث الجديد سيبدأ بتقنيات مختلفة عما كان يفعله إسماعيل ولد الشيخ أحمد، حيث سيبدأ من الطرف الحوثي وينتهي بالشرعية، يقول تولر: أعتقد أن إسماعيل بذل كل الجهود الممكنة التي كان يستطع بذلها للاجتماع مع الحوثيين ونقاشهم، لكن في النهاية إذا كان الحوثيون يسعون إلى أن يجدوا دعماً من إسماعيل لدعم هيمنة إيران على المشهد فإنهم لن يجدوا متعاطفاً في هذه الوظيفة.

ثم تساءل: هل تطور الحوثيون منذ العام 2014 وما تلاه من أحداث بعدها كمشاورات الكويت وما قبلها، وهل أصبحوا أكثر نضجاً للتعامل مع هذه القضية؟ وأجاب على تساؤله بالقول: إذا طرأ عليهم نضج سياسيي أكثر من ذي قبل، وإذا كانوا مستعدين لتقديم تنازلات فإن الفرصة ستكون جيدة للحل.