معهد واشنطن: ردع التصعيد الحوثي مع تحرير الحديدة (الجزء الثالث)

السياسية - Thursday 17 May 2018 الساعة 09:30 pm
نيوزيمن، ترجمة خاصة:

من المرجح أن يحاول المتمردون الحوثيون تكثيف هجماتهم الصاروخية عبر الحدود وتكتيكات أخرى غير متماثلة لتدويل المعركة، وهي خطوات ينبغي على الولايات المتحدة أن تعارضها بحزم.

هذا التقرير هو الثالث في سلسلة من ثلاثة أجزاء حول معركة البحر الأحمر في اليمن. يغطي (الجزء الأول) المخاطر والفرص الاستراتيجية الكامنة في قطع أذرع الحوثيين من الوصول إلى البحر. فيما نظر (الجزء الثاني) في التحديات العملياتية التي تواجه الجانبين حول الحديدة.

وقد أشار الحوثيون إلى أن أي جهد لتحرير كل من الحديدة والصليف - وهما الموانئ العميقة الوحيدة التي يحتفظون بها حالياً - يمكن أن يؤدي إلى استجابة قاسية. ومن المرجح أن تشمل هذه التدابير زيادة في الهجمات الصاروخية على السعودية وربما الإمارات، مصحوبة بجهود لتعطيل ممرات الملاحة في البحر الأحمر وباب المندب. وتوفر أحداث الماضي هذا السياق:

في 12 نوفمبر 2017، عندما قام التحالف بإيقاف جميع الرحلات إلى موانئ الحوثي لفترة وجيزة، هدد المتمردون بمهاجمة الناقلات السعودية التي تعبر مضيق باب المندب. وأشارت قناة المسيرة الحوثية إلى أن: "البوارج وناقلات نفط العدوان وحركاتهم لن تكون آمنة من نيران [القوات البحرية الحوثية]".

في 9 يناير 2018، هدد صالح الصماد، رئيس ما يسمى المجلس السياسي للحوثيين، والذي قُتل فيما بعد بغارة جوية في 19 أبريل، بمنع ممرات الشحن في البحر الأحمر إذا واصل التحالف تقدمه نحو الحديدة. ونقل عن الصماد قوله حينذاك "إذا استمر العدوان في الدفع باتجاه الحديدة وإذا وصل الحل السياسي إلى طريق مسدود، فستكون هناك بعض الخيارات الاستراتيجية التي سيتم اتخاذها كنقطة لا عودة بما في ذلك منع الملاحة الدولية في البحر الأحمر".

هجمات عبر الحدود على "تحالف الخليج"

إذا قام التحالف بتكثيف هجومه على الحديدة، فمن المرجح أن ترد قوات الحوثي بتصعيد الهجمات عبر الحدود على السعودية ، وربما صحراء الإمارات الغربية. ويمكن أن تشمل طرق الهجوم الرئيسة على التالي:

* الصواريخ التكتيكية والطائرات بدون طيار والقذائف البالستية قصيرة المدى: من المحتمل جدا أن يستهدف مثل هذا القصف المضاعف مدن الحدود السعودية والمطارات المدنية والقواعد العسكرية والمجمعات الصناعية والنفطية في جيزان ونجران وغيرها من مواقع الساحل الغربي.

وسوف تستخدم مثل هذه الهجمات صواريخ توشكا (OTR-21 Tochka)، وقاذفات صواريخ BM-27 المتعددة، وصواريخ بدر-1 الموسعة الجديدة. ومن المرجح أن يقوم الحوثيون بتكميل الهجمات الصاروخية باستخدام الطائرات المسيرة مثل قاذف-1 الذي تزوده إيران، والذي استخدموه حتى 11 أبريل في محاولة لضرب مصفاة جيزان.

* صواريخ بالستية متوسطة المدى: بالإضافة إلى بعض الصواريخ المتبقية من طراز (سكود و(سكود سي)، يعمل الحوثيون بأعداد محدودة من الصواريخ البالستية المتوسطة المدى التي تقدمها إيران والتي يتم تمديدها. وإصدارات قديمة من Qiam-1 (تسمى Burkan-2H).

وقد ضربت هذه الصواريخ الرياض في ثلاث مناسبات منذ ظهورها، وقد تبدأ موجة من الهجمات إلى الرياض في محاولة لتكثيف الأزمة، واستدعاء السعوديين لرد انتقامي قاس، وجذب الدعوات الدولية لوقف إطلاق النار. وبالمثل، فإن الحوثيين قد يطلقون صواريخ قائم-1 على الحدود الغربية لدولة الإمارات من أجل توسيع نطاق الحرب جغرافياً إلى دولة جديدة، وهي القدرة التي ألمحوا إليها بوضوح. وزعم زعيم الحوثيين، في 14 سبتمبر 2017، أن الإمارات "أصبحت الآن ضمن مدى صواريخنا".

* هجمات إرهابية: أفاد التحالف بقيادة السعودية أن المواد الاستخبارية التي استولى عليها تظهر أن الحوثيين ربما يكونون مستعدين للقيام بضربات من نوع إرهابي في مدن في السعودية، بما في ذلك عمليات اغتيال وهجمات متقطعة على مواقع حكومية.

زعزعة استقرار البحر الأحمر وباب المندب

يسيطر الحوثيون على حوالي 560 كيلومتراً من سواحل البحر الأحمر بين الخوخة وميدي، بما في ذلك العديد من الجزر. وانطلاقاً من هذه الجزر، شن الحوثيون عشرات الهجمات على قواعد التحالف في البحر الأحمر، وعلى طرق الشحن، وعلى الممرات البحرية الدولية على البحر الأحمر، وفي نقطة خانقة لباب المندب، وهو مضيق حيوي ومزود لسوق الطاقة الأوروبية، ويعالج ما يقرب من أربعة ملايين برميل من النفط يومياً، وهو المضيق الأهم بعد هرمز ومالاكا. وقد شملت تقنيات الحوثي المضادة للسفن:

* هجمات صاروخية مضادة للسفن: من المعروف أن البحرية اليمنية السابقة لديها صواريخ P-21 Styx II (وصيغتها الصينية HY-2) و C-801 المضادة للسفن في مخزونها. أطلق الحوثيون أول مرة صواريخهم المضادة باستهداف سفينة سويفت الإماراتية بالقرب من المدخل الشمالي لباب المندب في 1 أكتوبر 2016، باستخدام ما زعم الحوثيون أنه صاروخ كروز مضاد للسفن من طراز C-802.

وفي عام 2016، تعرضت سفينة USS Mason الأمريكية للهجوم في 9 و 12 و 18 من أكتوبر على يد نوع غير معروف من الصواريخ المضادة للصواريخ الحوثية. يحافظ الحوثيون على صواريخهم المتبقية ورادارات ساحلية بعد الضربات الانتقامية الأمريكية والخليجية التي استهدفت رادارات الحوثيين الساحلية في أواخر عام 2016. وللتغلب على هذا الضعف، يجبر الحوثيون الآن على استخدام رادارات بحرية على متن السفن الراسية في موانئ الحديدة والصليف، بالإضافة إلى الحصول على دعم استخباراتي من "السفينة الأم" الإيرانية "سافيز" والمراقبة من المراكب الشراعية في البحر الأحمر. لدى فرق مراقبة الحوثي خرائط تعريفية تبين ملامح سفن التحالف الخليجي.

* عمليات القوارب الانتحارية: قام الحوثيون بعدد من الهجمات السريعة بقوارب انتحارية على السفن في البحر الأحمر، أحدثها هجوم صاروخي تكتيكي على ناقلة النفط السعودية ذات الضخامة الكبيرة المسماة "أبقيق" في 3 أبريل.

* الألغام العشوائية في الممرات البحرية: تجرف الرياح الموسمية جنوب البحر بين مايو وأكتوبر الألغام التي زرعها الحوثيون إلى باب المندب. في الواقع، تقع الألغام على بعد 90 كم جنوب غرب عدن، بعد أن مرّت عبر المضيق إلى المحيط الهندي.

لقد استخدم الحوثيون على نطاق واسع تكتيكات الألغام البحرية العشوائية. ووفقاً للتقرير السنوي المفصل الذي نشره فريق خبراء الأمم المتحدة في 26 يناير 2018، تم التعرف على أربع وأربعين لغماً بحرياً في البحر الأحمر وخليج عدن في عام 2017، تم تفجير أربعة منها. وأظهرت تجربة الحرب بين إيران والعراق حدود استخدام الألغام ضد ناقلات النفط الكبيرة ذات الهيكل المزدوج، والتي يمكن أن تستغني عن الألغام البدائية الصغيرة التي لا تحمل سوى 20 كجم من المتفجرات. ومع ذلك، كوسيلة لجذب الاهتمام الدولي، والتأثير على أسعار النفط، وتخويف السفن في البحر الأحمر، من المرجح أن يكثف الحوثيون زراعة الألغام في الممرات البحرية كاستراتيجية مربحة.

* الألغام البحرية في المرافئ والمناطق الساحلية: كما يُتوقع من الحوثيين زرع الألغام في الحديدة تحسبًا لهجوم من قوات التحالف. تم العثور على معظم ألغام الحوثيين الراسية على عمق حوالي خمسة أمتار، مما يضعهم في وضع غير مناسب لضرب أي سفينة بحرية تابعة للتحالف.

لكن الآن، يبدو أن الحوثيين يضعون ألغاماً عائمة ومرساة على عمق مترين فقط، ربما لاستهداف سفن الإنزال في المياه الضحلة. ويستطيع الحوثيون أيضًا زرع عوارض مثبة بالغام ومغروسة بالأسفل، وقد استولى التحالف على عدد من الألغام القاعية بالقرب من ميناء المخا والتي تشبه إلى حد كبير نموذجًا إيرانيًا - عرضه الحرس الثوري الإسلامي في عام 2015.

* عمليات الغوص القتالية: تتلقى وحدات الغواصين الحوثية تدريبات على الجزر الساحلية في البحر الأحمر. وتظهر أشرطة الفيديو التعليمية المتدربين تعلم كيفية تحديد الفرقاطات السعودية والطرادات الإماراتية. ويدير كل من سلاح البحرية التابع للحرس الثوري الإيراني وحزب الله اللبناني مجموعات غواصات بحرية قتالية قادرة على القيام بهجمات بألغام على السفن في الميناء. على سبيل المثال، انطلاقاً من جزيرة "فارور" في الخليج الفارسي، تُعرف القوة الخاصة التابعة للحرس الثوري الإيراني بأنها تدير برنامج تدريب الغواصين الأجانب.

* استراتيجية الأرض المحروقة للموانئ: إذا فقد الحوثيون السيطرة على الحديدة والصليف ورأس عيسى، فإن قوات الحوثي المتقهقرة قد تعمد على تخريب مرافق الموانئ لتعميق الأزمة الإنسانية في اليمن، معتمدين على احتمال أن يلقي باللوم بالدرجة الأولى على التحالف. حتى لو تم السيطرة على الميناء، فقد يستخدم الحوثيون الصواريخ التي تطلق من نقاط المراقبة القريبة لتعقيد التشغيل الآمن للميناء.

توصيات بشأن سياسة الولايات المتحدة

ينبغي على الولايات المتحدة أن تحذر من جهود الحوثي غير المتماثلة وأن تعارضها بنشاط لتوسيع أو تدويل النزاع. إن الاستخدام العشوائي المكثف للصواريخ الباليستية التي توفرها إيران ضد المدن الخليجية، بما فيها تلك التي في الإمارات العربية المتحدة التي تضم أعداداً كبيرة من المغتربين الغربيين، هي نتيجة يجب منعها. للإشارة إلى أنه لن يتم التسامح مع مثل هذا التصعيد، يجب على واشنطن توفير تحديد الموقع الجغرافية لعمليات إطلاق الصواريخ في الوقت المناسب إلى التحالف الخليجي لتعظيم فرص تدمير منصات الإطلاق، في ظل السلطات القائمة لمساعدة الدول الحليفة على حماية نفسها باستخدام المساعدات غير القاتلة.

يجب على الولايات المتحدة أن تعرقل بنشاط أي رد فعل سلبي أو رد فعل دولة الإمارات على الهجمات الصاروخية، كما حدث عندما أغلقت الرياض لفترة وجيزة جميع موانئ اليمن بعد هجمات صاروخية على الرياض في نوفمبر 2017.

وبالمثل، فإن المضايقات الحوثية المكثفة للملاحة العالمية ومضيق باب المندب تتناقض بشكل مباشر مع المصالح القومية الأمريكية فيما يتعلق بالتدفق الحر للتجارة وأمن الممرات البحرية الحيوية. وكجزء من هيئة "واجب التحذير" العالمية، يتعين على الولايات المتحدة العمل بنشاط مع الحكومة اليمنية المدعومة من الأمم المتحدة والتحالف للكشف الفوري والعلني عن أي عمليات ألغام بحرية للحوثيين أو غيرها من الهجمات المتهورة التي تعرض الملاحة العالمية للخطر.

وكما هو الحال في عمليات إطلاق الصواريخ الباليستية، ينبغي على الولايات المتحدة أن تشارك في الوقت المناسب في تبادل بيانات التحذير وتحديد الموقع الجغرافية فيما يتعلق بالصواريخ المضادة للقذائف، والقوارب الهجومية الانتحارية، وغيرها من الهجمات البحرية التي قد تعرض السفن للخطر. يجب مراقبة "السفينة الأم" الإيرانية في البحر الأحمر عن كثب لضمان أنها لا تسهل الهجمات البحرية من خلال توفير بيانات الاستهداف حول حركة سفن الشحن.

الأهم من ذلك، أن تخريب أو تدمير مرافق الميناء والالغام البحرية للمرافئ سوف يعقد ويؤخر عودة التدفقات الإنسانية إلى المناطق الأكثر سكاناً في اليمن. يجب على واشنطن أن تحافظ على مراقبة عن كثب لكل من عمليات التحالف والحوثي خلال معركة الحديدة، وأن تتحدث بسرعة عما إذا كان أي طرف يبدو أنه يتسبب عمداً في إلحاق الضرر بمرافق الموانئ.

يجب على المسؤولين الأمريكيين أن يشجعوا بشدة المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى اليمن، مارتن غريفيث، والوكالات الإنسانية، والدول الأعضاء في الأمم المتحدة على إرسال إشارة إلى الحوثيين بأن القوات المتمردة ستعتبر مسؤولة عن تنفيذ تكتيكات الأرض المحروقة أو إطلاق الصواريخ على الميناء وتحذير التحالف الخليجي ضد استهداف مرافق الميناء.

يجب على الولايات المتحدة أيضاً أن تحذر الإيرانيين، الذين يعتبرون الموردين الرئيسيين للأسلحة إلى الحوثيين، من أنها ستعتبرهم متواطئين إذا فشلوا في كبح الحوثيين من استخدام تكتيكات الأرض المحروقة أو توسيع نطاق الحرب باستخدام الأسلحة الإيرانية.

هناك مبرر قانوني وافر لإصدار مثل هذا التحذير. بعد فحص الصواريخ الإيرانية التي تطلق على السعودية من اليمن، خلص تقرير فريق خبراء الأمم المتحدة في يناير 2018 إلى أن "جمهورية إيران الإسلامية في حالة عدم امتثال للفقرة 14 من القرار 2216 (2015)"، في إشارة إلى حظر الأسلحة الذي فرضته الأمم المتحدة على الحوثيين بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة.

* معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى