أكاديميون وشخصيات قبلية وسياسية يناقشون في صنعاء جدلية العلاقة بين القبيلة والدولة

متفرقات - Sunday 15 July 2018 الساعة 04:23 pm
صنعاء، نيوزيمن:

أكد المشاركون في ندوة (جدلية العلاقة بين القبيلة والدولة) التي نظمها المركز اليمني للدراسات التاريخية واستراتيجيات المستقبل (منارات) في صنعاء، علی ضرورة الفصل بين السلطة السياسية والقبيلة، وبحيث لا تكون العصبية هي الحاكم للدولة وضابطة لقوانينها.

وشدد المشاركون من الأكاديميين والنخب السياسية والفكرية والقبلية، في التوصيات الختامية للندوة، علی أهمية أن تضطلع الدولة بمسؤولياتها تجاه الطائفة والحزب باعتبار أن العصبية والنزعات القبلية والطائفية هي من تلغي الآخر وتحمل كل بذور الدمار في المجتمع.

وأكدوا علی أهمية تجنب اختزال مفهوم الدولة في اليمن مدنياً وعسكرياً في القبيلة.

وكان المشاركون استمعوا إلى عدد من أوراق العمل المقدمة إلى الندوة ومنها ورقة حول جدلية العلاقة بين القبيلة والدولة قدمها الشيخ عبدالملك محمد أحمد منصور.

ورأی الشيخ منصور، في ورقته، أن القبيلة عابرة للأديان والأنظمة والقوانين وجزء من الوجود البشري ويتناسب وجودها عكسياً مع وجود الدولة في قوة وضعف.

وقال "وما مجتمعنا اليمني إلا مثال على ذلك الوجود وتلك العلاقة"، مضيفا "إن المجتمع القبلي يشكل أكثر من 75% من المجتمع اليمني العام بينما النسبة الباقية من أبناء المجتمع المدني لهم جذور بشكل أو بآخر بالقبلية الأم؛ قبل أن يهاجروا لضرورة العلم أو العمل ويصبحوا متمدنين بحكم اتصالهم بالمدينة لا بسلوكهم العام".

وتابع قائلاً، "إن للقبيلة اليمنية خصوصية إيجابية في مساهماتها في القضايا الاجتماعية لا تتعارض مع توجهات الدولة المدنية، مع وجود بعض الأخطاء الطارئة التي يجب أن تتجنبها القبيلة".

واستدرك قائلاً، "تلك الأخطاء والسلبيات ليست من ضمن القيم التي نشأت القبيلة معها في اليمن".

وعبر الشيخ منصور في الوقت ذاته عن اعتقاده أن التكوينات القبلية ستعمل على تحديث نفسها من الداخل بالشكل الذي يتلافى تلك السلبيات، ويعزز ثقافة التعايش والعادات الاجتماعية الحميدة كحماية الطريق وتقدير المرأة والتصالح في القضايا الاجتماعية.

واستطرد قائلاً، "وهناك أمثلة كثيرة ممكن أن يستدل بها أنصار القبيلة على ترسخ العادات التي يعتز بها المنتمي للجمع أو (الداعي القبلي)"، مشيراً إلى أن هناك الكثير من السلوكيات المنسوبة عمداً إلى القبيلة كالخطف والتقطع (السياسي) والاعتداء على الخدمات العامة تم استخدام القبيلة فيها للتصفيات السياسية بين الفرقاء كجزء من الضغط من المعارضة على السلطة أو العكس؛ وهذا ساهم كثيراً في تشويه القبيلة كحاضنة اجتماعية وملجأ للمظلوم والمتضرر من أبنائها.

ولفت إلى أن هناك العديد من القوى التي عملت على تكريس التخلف في القبيلة عبر حرمانها من خدمات التعليم والصحة وأساليب الزراعة الحديثة كي يبقى المواطن (القبيلي) تحت تصرف تلك القوى لتستخدمه في تنفيذ رغبات هي ضداً على القانون في كثير من الأحيان.. مشيراً إلى أن القبيلة وبأهلها الطيبين لا يرفضون أبداً الدولة المدنية أو أن يكونوا خارج إطارها باعتبار أن الدولة المدنية قائمة على العدالة والمساواة والحرية وتكافؤ الفرص، بما يتغلب على السلوكيات التي تم لصقها بالقبيلة عمداً كالمناطقية والمذهبية والعنصرية والجهوية والسلالية.

عضو مجلس الشورى محمد عبدالله الكبسي، تناول من جانبه علاقة القبيلة بالأحزاب السياسية.. مؤكداً أن القبيلة في اليمن تعتبر أساس المجتمع وحاضنة للأحزاب السياسية كعنوان للدولة المدنية وحاضنة للقوات المسلحة كعناوين لتنفيذ القانون وحماية الدولة ومكتسباتها.

وأفاد أن القبيلة في اليمن تختلف اختلافاً كبيراً عن بقية المجتمعات العربية، فضلاً عن اعتبارها شريكاً في التطور الحضاري للدول اليمنية المتعاقبة في مختلف الحقب التاريخية عبر مجالس الأذواء والأقيال (ما كنت قاطعة أمراً حتى تشهدون).

وقال، "إن اليمنيين قد تجاوزوا بالعمل المدني من داخل القبيلة الكثير من المفاهيم السلبية الملتصقة بالقبيلة وصارت القبيلة ذاتها هي من دعاة التمدن وسيادة القانون".

من جهته قال أستاذ علم الاجتماع بجامعة صنعاء البروفيسور حمود العودي "إن القبيلة كمفهوم في علم الاجتماع هي (التجمع السكاني المتنقل وتعتقد أنها تنتمي إلى أصل واحد (جَد) ذات مسؤولية جماعية وتعيش على اقتصاد القوت البسيط دون فائض للاستثمار) على عكس مجتمع الدولة (المستقر في مكان ذي الأصل المتعدد والمسؤولية الفردية، قائم على إنتاج الريع واستثماره).

وأردف قائلاً، "وبالتالي يعتبر الاجتماعيون أن القبيلة هي مرحلة ما قبل الدولة قبل أن يظهر المصدر الاقتصادي ويحقق فائضاً قامت على أساسه الدولة تؤمن بالمسؤولية الفردية والمواطنة المتساوية".

وشدد البروفيسور العودي أنه لا يجب أن نكرس مفهوم أن المجتمع اليمني مجتمع قبلي غير قابل للتطور ونعمل على (قبيلة) الدولة.

وتابع: "و ما المصادر التاريخية المؤكدة لهذا في أكثر من ألفي نص مسندي مترجم إلا دليلاً واضحاً على رسوخ مفهوم الدولة كممارسة ونظام حكم على اختلاف الحقب التاريخية والدول المتعاقبة".

الجدير بالذكر أن برنامج (جدلية العلاقة بين الدولة والقبيلة) مازال مستمراً في مركز "منارات" وستعقد خلاله عدد من الندوات والحلقات النقاشية خلال الأسابيع القادمة.