فورين بوليسي: هجمات مليشيا الحوثي على باب المندب رسالة إيرانية واضحة

السياسية - Monday 30 July 2018 الساعة 07:36 pm
فارس سعيد، ترجمة خاصة لـ"نيوزيمن":

قالت مجلة فورين بوليسي الأمريكية، إن هجوم الحوثيين على ناقلتي النفط السعوديتين بالقرب من اليمن، محاولة إيرانية واضحة لخلق المشاكل في واحد من أضيق الممرات الرئيسة لعبور النفط والطاقة.

وأشارت أن السعودية علقت شحنات النفط عبر المضيق الضيق قبالة سواحل اليمن بعد هجوم واضح على ناقلتي نفط من قبل مليشيا الحوثي المدعومين من إيران، مما يؤكد الخطر الذي تشكله طهران على نقاط الاختناق العالمية للطاقة في وقت يزداد فيه التوتر بين إيران والولايات المتحدة.

وقال مسؤولون سعوديون، إن مليشيا الحوثي استهدفت ناقلتي نفط غربي ميناء الحديدة المحاصر من قبل القوات اليمنية في وقت مبكر من صباح الأربعاء، رغم أنه لم يتضح كيف تم الهجوم على الناقلتين. وفي وقت لاحق قالت شركة أرامكو السعودية إنها ستتوقف عن شحن ناقلات النفط عبر مضيق باب المندب الذي يضيق في الطرف الجنوبي من البحر الأحمر ويمر منه حوالي 5 ملايين برميل نفط يوميا.

من جهتها، قالت الكويت، يوم الخميس، إنها ستدرس وقف شحنات النفط عبر المضيق أيضا، في حين دانت الإمارات العاملة ضمن تحالف تقوده السعودية في الحرب ضد الحوثيين في اليمن، الهجوم الحوثي.

في السياق ذاته، قال النقيب بل اوربان المتحدث باسم القيادة المركزية الأمريكية، "نحن على علم بالهجوم الحوثي" مضيفا: "لا نزال يقظين ومستعدين للعمل مع شركائنا للحفاظ على التدفق الحر للتجارة في جميع أنحاء المنطقة".

وقالت فورين بوليسي، "إن كلا من الحادثة والاستجابة السعودية التي رافقتها مرتبطتان بصورة أكبر بالصراع الإقليمي بين السعودية وإيران - وكذا التوترات المتصاعدة بين طهران وواشنطن - أكثر من علاقتهما الفعلية بوقف شحنات النفط. وارتفعت أسعار النفط الخام بعد الهجوم مباشرة، حيث إن السعودية بإمكانها بشحن النفط عبر خطوط الأنابيب إلى المحطات الطرفية الواقعة عند رأس البحر الأحمر للاستمرار في إمداد أوروبا أو ناقلات النفط حول جنوب أفريقيا بهدف تجنب عبور مضيق باب المندب".

وأضافت: "بيد أن إيران عازمة على إيجاد طرق للرد على الجهود الأمريكية الهادفة للحد من صادراتها النفطية بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الإيراني في ربيع هذا العام، لاسيما أن نقاط الاختناق مثل مضيقي باب المندب وهرمز الأكثر أهمية، توفر أهدافا مغرية لذلك".

وفي يوليو، جددت طهران تهديدها المتواصل بإغلاق مضيق هرمز في حال تضررت صادراتها النفطية من العقوبات الأمريكية. وكرر الرئيس الإيراني حسن روحاني هذا التهديد خلال عطلة نهاية الأسبوع قائلاً: "يا سيد ترامب.. لا تعبث بذيل الأسد لأن ذلك سيعود عليك بالندم".

وامتد خطاب روحاني العدواني إلى مضيق آخر إلى جانب مضيق هرمز، إذ إنه وفي حين أن إيران لا تقع على حدود باب المندب، غير أن وكلاءها الحوثيين التابعين لها لديهم تلك الميزة وقدرتهم على اعتراض شحنات النفط من خلال المضيق، لطالما شكلت مصدر إزعاج منذ بدء الحرب في اليمن في عام 2015.

وقال ماثيو ريد، نائب رئيس شركة "فورين ربورت" الاستشارية لشؤون الطاقة: "في هذه الأيام يطلق المتشددون على روحاني "سيد المضائق" وليس فقط "رب هرمز ". ومنذ ذلك الحين، تم إقرار تلك التهديدات من قبل عناصر أخرى في القيادة الإيرانية بمن في ذلك رجال الدين والحرس الثوري الإيراني الذي هدد البحر الأحمر على وجه التحديد يوم الخميس.

ولا تعتبر التهديدات الإيرانية بإغلاق مضيق هرمز جديدة حيث إنه في الثمانينيات، خاضت إيران والعراق "حرب الناقلات" في الخليج الفارسي وتورطت فيها البحرية الأمريكية.

وفي الآونة الأخيرة، وخلال فترات التوتر مع واشنطن، تعهدت طهران مراراً بمنع ناقلات النفط من عبور المضيق الضيق، سواء من خلال تلغيم المضيق أو مهاجمة الناقلات بالقوارب المفخخة السريعة أو الصواريخ الأرضية.

بيد أنه في واقع الأمر، فإن منع العبور عبر مضيق هرمز، يتطلب جهداً هائلاً من البحرية الإيرانية والحرس الثوري الإيراني، لكن ذلك من شأنه أن يستدعي ردة فعل سريعة وساحقة من القوات البحرية الأمريكية.

ويوفر باب المندب بديلاً منخفض المخاطر لإيران للرد على الضغوط الدولية، وربما لرفع أسعار النفط، حيث قد يعتقد القادة الإيرانيون أن ارتفاع أسعار النفط سيضاعف الضغط السياسي على ترامب ويقلل من تضرر البلاد من خفض حجم صادراتها النفطية.

وقال ماثيو ريد، "ما يجعل هذا الهجوم خاصا هو التوقيت والخطاب الإعلامي الإيراني"، مضيفا: "يعتبر البحر الأحمر - حيث يستطيعون التظاهر بأن قوة بالوكالة تتصرف باستقلالية - هو ذلك المكان الذي يعتقد الإيرانيون بأنهم يستطيعون معه الحفاظ على قدر معقول من الإنكار، على عكس مضيق هرمز".

وواجهت الرياض تهديدات خطيرة لشحنات النفط في الماضي. لكن هذه المرة أوقفت الصادرات عبر المضيق مما أدى أساساً، إلى استخدام الحادث لتركيز الاهتمام الدولي صوب دور إيران في حرب اليمن.

وحتى الحين، لم تتأثر أسواق النفط من الهجوم الحوثي - حيث قال ريد إن أسعار النفط الخام ارتفعت قليلا في نيويورك ولندن - لكنها قد ترتفع أكثر، في حال أدت الاضطرابات المستمرة في المضيق إلى فترات شحن أطول أو أقساط تأمين أعلى.

لكن الأهم من ذلك، هو أن التوتر المتجدد في نقاط الاختناق الحرجة مثل باب المندب وهرمز هو تذكير في الوقت المناسب بأنه لا يمكن لسوق النفط أن تكون بمعزل عن المشاكل الجيوسياسية إلى الأبد. ففي السنوات الأخيرة، تجاهل سوق النفط الأحداث السيئة التي كانت سترفع أسعار النفط الخام في الماضي. وفي الواقع انخفضت أسعار النفط بعد أن استولى تنظيم داعش على أجزاء كبيرة من العراق بينما خرجت الحرب السورية عن السيطرة، في حين انهارت ليبيا وانفصلت فنزويلا، بينما بلغت المنافسة الإيرانية - السعودية إلى حد مسعور.

لكن في هذه الأيام، لا يملك منتجو النفط الكبار مقدرة كبيرة على الإضافة إلى السوق في حالة حدوث صدمة جيوسياسية كبيرة. حيث تضخ السعودية وروسيا والولايات المتحدة مستويات شبه قياسية، وما زال النفط يحوم حول 70 دولاراً للبرميل.

* مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية واسعة الانتشار