قبائل صعدة.. مظلومية تنتظر الخلاص من مشنقة الحوثي
السياسية - Monday 30 July 2018 الساعة 10:16 pm
يوماً ما؛ أطلق أحدهم على صعدة "مدينة السلام"، ولم يخطر بباله أن هذه المحافظة الواقعة في أقصى شمال الخارطة اليمنية، إلى معمل لإنتاج الحروب المصبوغة بلون طائفي مفتوح على إملاءات إيران، وأن سكانها سيعانون كثيراً بسبب نبتة سلالية خبيثة تتمدد على وهم الولاية، وتسوق أبناء القبائل إلى محارق طائفية.
فمنذ اللحظات الأولى لبروز التمرد الحوثي إلى واجهة المشهد خلال عام 2004، مارست الميليشيا الحوثية الترغيب والترهيب بحق قبائل صعدة لتجنيد أبنائهم إلى صفوفها، وزجهم في حربها مع الدولة، وقد كان التركيز على مناطق مران وآل الصيفي وبني معاذ وآل سالم وساقين.
خريطة قبائل صعدة
تتشكل خريطة محافظة صعدة القبلية، من قبائل همدان بن زيد، وتنتمي إلى بكيل كبرى قبائل اليمن، وتتوزع قبائلها على مديريات كتاف البقع والحشوة والصفراء إلى جانب قبائل فرعية أبرزها وائلة والعمالسة وآل عمار وآل سالم وتقطن شرق صعدة.
وتعد قبائل خولان بن عامر أكبر قبائل صعدة وتتوزع على 5 قبائل فرعية هي سحار وجماعة ورازح ومنبه وخولان وتقطن مديرتي ساقين وحيدان.
واتخذ الحوثي من بعض مناطق خولان بن عامر مراكز نشاط على مدى العقود الماضية، وكذا مدينة ضحيان ومناطق رحبان والحمزات وبني معاذ.
وفي مستهل مرحلة التمرد المسلح في العام 2004 اتخذت ميليشيات الحوثي من مديريات ساقين وحيدان والظاهر مراكز استقطاب وتدريب وساحة مواجهة حتى تحصنت الحركة في منطقة مران الجبلية نظراً لطبيعتها الجبلية وكثرة الكهوف فيها.
مشروع طائفي
خاضت ميليشيا الحوثي ست حروب ضد الجيش اليمني بين عامي 2004 و2010 تسببت بتدمير صعدة وسقوط آلاف القتلى والجرحى من قوات الجيش وعناصر الجماعة.
وبسيطرة ميليشيا الحوثي على محافظة صعدة، لم تحفل المحافظة بإنجاز يمس حياة الناس، إذ اقتصرت إنجازات الحوثية على زيادة أعداد المقابر، وتحويل المحافظة اليمنية إلى نسخة رديئة من "قم" الإيرانية.
ومنذ توقف القتال بين القوات الحكومية وميليشيا الحوثي، اتجهت الأخيرة لمراس التنكيل ضد كل من يخالف مشروع الجماعة المتمردة، وارتكبت صنوفاً من الانتهاكات بحق سكان رفضوا الانصياع ودفع الجبايات.
وهجرت المليشيا المتمردة آلاف الأسر من سكان صعدة، وصادرت منازلهم وأموالهم وممتلكاتهم ليعيشوا إما في مخيمات لجوء بمناطق نائية ومنهم من انتقل إلى عمران وحجة وصنعاء، حسب إفادات سكان لـ"نيوز يمن".
وتعاني مئات الأسر المهجرة من صعدة آلام النزوح وصراع البحث عن رغيف الحياة في مخيمات اللجوء، بعدما تركت كل ما لديها وفرت لتسكن قرية مندبة القريبة من منفذ (علب) الحدودي.
وأظهر التقرير أن مسلحي الحوثي قاموا بنهب وتفجير عدد من المنازل والمزارع، وقد طال النهب دور العبادة في صعدة.
ويشير التقرير الى أن عشرات الجوامع التي قام الحوثيون بتفجيرها في مديرية باقم وحدها ومنها جامع آل عثمان وجامع آل حيدر وجامع أهل السنة في الشرف وجامع أم المؤمنين عائشة وجامع آل العزي الذي قاموا بإحراقه بعد نهب محتوياته.
قتل التعايش لصالح المذهب الواحد
يرى الباحث والمحلل السياسي عبدالله عثمان، أن "الحوثيين فرضوا أمرا واقعا في صعدة منذ حروبهم الست مع الدولة اليمنية، مضيفاً أنهم سعوا إلى جعلها صافية مذهبياً لهم، فقد قاموا عام 2007م بطرد وتشريد يهود آل سالم من صعدة وإجبارهم على النزوح إلى صنعاء وكذلك محاربة من ليس معهم، وإن كان شيعياً مثل محمد عبد العظيم الحوثي، أحد أقطاب المذهب الهادوي في صعدة.
وأضاف، أن "الحوثيين حريصون على الطابع الطائفي والمذهبي لحروبهم في اليمن، ويسعون من وراء ذلك إلى إيصال رسالة لداعمي حركتهم في إيران بأنهم يقومون بتصفية الوجود الوهابي، كما يزعمون.
وأشار إلى أن مليشيات الحوثي مارست، قبل الانقلاب، نوعاً من الإرهاب السياسي على الدولة والأحزاب السياسية لكي يغضوا الطرف عما تفعل في صعدة، كما تمارس الإرهاب المسلح على المدنيين والتيارات المخالفة لها في صعدة التي تحاول إحكام السيطرة عليها بالقوة آنذاك.
ويضيف عثمان، إنه "بعد انتهاء الحرب السادسة فتحت شهية المليشيا لتبدأ فصول الانتقام من كل من وقف مع الدولة ضدها خلال الحروب الست، حيث أجبرت آلافاً منهم على النزوح لصنعاء ومناطق أخرى وتمكنت من قتل من عارضها من المشايخ واستولت على منازلهم ومزارعهم ومن بقي من المواطنين اضطر للعيش تحت سياسة الأمر الواقع مكرهاً".
بدوره يقول الباحث الاجتماعي الدكتور علي الدهني لـ"نيوز يمن": "إن من يقرأ في تاريخ حركات التمرد الاجتماعي الساعية لفرض رؤاها بالقوة في العالم يجد مليشيات الحوثي تكرر نفس الأساليب ومن ذلك أنها تمعن في إرهاب السكان بالقتل والحصار من أجل إجبارهم على ترك منازلهم حتى تصبح المنطقة المراد السيطرة عليها خالية لهم".
ولفت الدهني أنه كان للمليشيات ما تطمح إليه بدءاً من دماج وتهجير السلفيين بعد التنكيل بهم، لينتهي المطاف بأهالي دماج إلى التشرد والنزوح كملاذ أخير لحماية أنفسهم في ظل عجز الدولة عن حمايتهم، وهو نفس السيناريو الذي اتبعه الحوثي مع معارضيه من المشايخ والشخصيات العامة في صعدة التي وجدت نفسها لاجئة خارج ديارها.
مظلومية صعدة أمام غريفيث
الأسبوع الماضي، التقى المبعوث الأممي إلى اليمن، مارتن غريفيث، بوجهاء محافظة صعدة في العاصمة السعودية الرياض، من ضمنهم رئيس المجلس الأعلى لأبناء محافظة صعدة الشيخ عبد الخالق بشر.
وقد أوصل وجهاء صعدة، رسالة للمجتمع الدولي، عبر الموفد الخاص، حول مظلومية المحافظة وأحقية أبنائها في التمثيل السياسي، مشيرين إلى أن جذور المشكلة في اليمن انطلقت من صعدة، وإذا لم تؤخذ مشكلة هذه المنطقة بعين الاعتبار في الحل السياسي فلن تنتهي مشكلة اليمن وستعود مرة أخرى بشكل آخر.
وأشار الشيخ بشر، في تصريح صحفي، إلى أنهم طرحوا قضايا عدة خلال لقاء المبعوث الأممي، أبرزها مظلومية أبناء صعدة في الفترة الزمنية الطويلة التي ظلوا ينزحون فيها من عام 2008 حتى الآن واستخدام الأطفال في المدارس والزج بهم في جبهات القتال من قبل المتمردين الحوثيين.
وطالب وجهاء صعدة المبعوث الأممي بإلزام الميليشيا الحوثية باحترام المواطنة المتساوية، والبحث عن سبب استبعاد أبناء منطقتهم في التمثيل السياسي في المفاوضات السابقة خلال فترة المبعوثين الأمميين السابقين جمال بن عمر وإسماعيل ولد الشيخ.
وبين بشر أن مظلومية أبناء صعدة تتمثل في رغبة أبنائها في العودة إلى منطقتهم تحت سيادة القانون وأن يكون القانون هو السقف الذي يحكم الجميع، مضيفاً أن الميليشيات الحوثية استهدفت المجتمع، ومن المهم الاستماع للمجتمع اليمني.
توثيق جرائم المليشيا بصعدة
ودعا محافظ صعدة هادي طرشان الوائلي، إلى توثيق كل ما من شأنه إدانة أشخاص حوثيين بجرائمهم أو إدانة أشخاص شاركوهم في نهب أموال الشعب أو نهب أموال وحقوق المواطنين أو البسط على أراضي الدولة أو أراضي الناس.
وقال محافظ صعدة الوائلي، "إن الحوثيين يفكرون بأنهم عندما يتم دحرهم من جميع المحافظات سيختفون وسيندمجون بين الناس لأنهم غير معروفين وبأسماء وهمية ويفكرون أنهم سيفلتون من الحساب".