وصفة أممية لأزمة اليمن: حكومة جديدة وتفكيك المجموعات المسلحة
السياسية - Saturday 11 August 2018 الساعة 05:52 pm
كشف المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث أن المشاورات اليمنية المرتقب بدءها في جنيف خلال السادس من سبتمبر، القادم، ستنطلق من كثير من الدروس الجيدة والسيئة المستقاة من التجارب السابقة في بييل وجنيف والكويت، وتمهد لإطلاق مفاوضات مباشرة بين أطراف الصراع في اليمن بغية الاتفاق على القضايا الضرورية لوقف الحرب بما في ذلك الاتفاق على حكومة وحدة وطنية بمشاركة الجميع.
وقال، في حوار مع صحيفة "الشرق الأوسط" السعودية نشرته في عددها الصادر اليوم، "سيتطلب ذلك اتفاقاً موقعاً من قبل الجميع يتضمن أولاً خلق عملية انتقالية سياسية مع حكومة وحدة وطنية تضم جميع الأطراف وفقاً للقرار 2216، وثانياً سيتطلّب وضع ترتيبات أمنية لانسحاب جميع المجموعات المسلحة من اليمن ونزع سلاحها، بطريقة تضمن امتثالها للوعود التي قطعتها".
وأضاف، "إن تسلسل الترتيبات الأمنية له أهمية كبيرة للنجاح، وكان هناك كثير من النقاش في الكويت حول كيفية القيام بذلك».
ويتابع المبعوث الأممي قائلا، «في هذه المرحلة، نتحدث عن مشاورات تؤدي إلى مفاوضات، لان المشاورات هي عملية غير رسمية، ولا تكون بالضرورة وجهاً لوجه بين الفرقاء، ولكن مع إمكانية ذلك طبعاً، أما المحادثات هي عملية رسمية بين الفرقاء وجهاً لوجه تهدف إلى التوصل لتسوية، وعندما ننهي المشاورات، سنكون مستعدين للانتقال إلى المحادثات».
ولفت غريفيث إلى أن أحد البنود المهمة في قرار مجلس الأمن رقم 2216، يقضي «إجراء حوار سياسي شامل».
ويمصي قائلا «لذلك، كجزء من مشاوراتنا، سنقوم بإشراك المرأة اليمنية، لأننا نعرف مدى أهمية مشاركتها في إيجاد حلول وسطية وإعطاء الأولوية للسلام".
وأردف: "نحن نعلم أنّ الواقع قد تغيّر في الجنوب ويحتاج أبناء الجنوب أن يكونوا جزءاً من هذه العملية بطريقة أو بأخرى ونحن نعمل على تحديدها معهم، لأنه يجب أن يكونوا جزءاً من مستقبل اليمن ولا يمكن تجاهلهم. وﺛﺎﻟﺜﺎً، هناك الأﺣﺰاب اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ وأبرزها اﻟﻤﺆﺗﻤﺮ اﻟﺸﻌﺒﻲ اﻟﻌﺎم، اﻟﺘﻲ ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﺗﻜﻮن أيضاً ﺟﺰءاً ﻣﻦ اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ، فمعظم هؤلاء ممثلون في الحكومة اليمنية أو أنصار الله ولكن ليس كلهم، لذلك نحن بحاجة إلى إيجاد طرق لإشراكهم».
عملية السلام
ويأمل المبعوث الأممي أن يصل «إلى تسوية سريعة لهذا النزاع على أساس كل المفاوضات السابقة.
واستطرد قائلا، "وقف الحرب يعني شيئين: أولاً وقبل كل شيء ولأول مرة، سيكون بإمكان العائلات اليمنية وأولادها الاستغناء عن المساعدات الإنسانية، والثانية أنها ستضمن أن العملية الانتقالية المقبلة ستبني السلام، لأن التسوية لن تبني السلام ولكن ستوقف الحرب، إنّ بناء السلام سيستغرق بعض الوقت، وسيشمل أحزاباً أخرى غير الأطراف المعنية بوقف الحرب".
شكوك بالتزامات الحوثيين
ويجزم غريفيث، أن قيادة الحوثيين - بما في ذلك عبد الملك الحوثي - أكدوا له الرغبة في العودة إلى طاولة المفاوضات.
ويكمل بالقول: «بل إنهم ينتقدونني فيقولون إنني بطيء في دعوة الأطراف إلى طاولة المفاوضات، ويسرني جداً أن أسمع أنهم ملتزمون بالتفاوض على حل. وقد أشاروا أيضاً إلى أنهم يعرفون ما هو مطلوب للتسوية».
واستدرك قائلاً: «أعلم أن هناك كثيراً من الشكوك، ولكننا سنكتشف من خلال هذه المشاورات ما يعنيه هذا الالتزام بالفعل».
وأضاف: «إنّ التسوية تحتاج إلى العودة إلى حالة الحق الحصري في استخدام القوة، وهذا يعني أن الحكومة اليمنية الجديدة التي ستنبثق عن هذه العملية سيكون لها الحق الحصري في استخدام القوة العسكرية، يجب تفكيك جميع المجموعات المسلحة، و هذا يستغرق وقتاً ولكن ليس سراً أن هذا هو المطلوب، وأعتقد أنّ كلا الطرفين على يقين بذلك».
ضمانات نجاح الحوار
وفي رده علی سؤوال ما الذي يضمن للجميع عدم التفاف ميليشيات الحوثيين والغدر بالشركاء، مثلما فعلوا في ديسمبر (كانون الأول) الماضي وغدروا بالرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح؟ قال المبعوث الأممي: "يجب أن يعرف الناس أن الضمانة الحقيقية الوحيدة لأي اتفاق هي إرادة الأطراف، ولابد من التأكيد أنّ المجتمع الدولي ليس بالضرورة قوة عسكرية، يمكن لمجلس الأمن تقديم ضمانات، بل يمكن أن يضع عقوبات، ولكن إذا لم ترغب الأطراف في أن تنجح العملية، فلن تنجح، وقد يقول كثير من الناس إن عليك فرض الحلول، لكن ما نحاول فعله هو التوصل إلى اتفا ، الاتفاق يعني اتفاقاً طوعياً، غير مفروض فرضاً".
القضية الجنوبية
وبشأن القضية الجنوبية أكد المبعوث الأممي أنه "من الضروري أن يدرك الجنوبيون ما سيحدث في المشاورات، ولاحقاً في المفاوضات لأنها ستؤثر فيهم".
وقال، "إن مسألة مستقبل الجنوب لن يتمّ التفاوض بشأنها في هذه المشاورات، بل ستكون جزءاً من نقاش يمني في المرحلة الانتقالية، وقد شرحنا ذلك للجنوبيين، وأوضحنا ذلك لجميع المعنيين وهم يوافقون على ذلك".
وتابع قائلا، «بصفتي مبعوث الأمم المتحدة أؤمن بسيادة ووحدة وأمن أي دولة، التي هي قيم الأمم المتحدة، فإننا لا ندعم الانفصال، نحن لا ندعم أي انفصال ما لم يكن نتيجة عملية توافقية داخل تلك الدولة العضو، لذلك نحن بالفعل نأخذ الرأي القائل إن وحدة اليمن مهمة، وهي فعلاً كذلك، إذا انفصل اليمن اليوم فسيكون ذلك كارثياً».
خيبة أمل
وعبر مارتن غريفيث عن خيبة أمله مما قال إن أحد أسبابها «استخدام بعض الأشخاص لوسائل الإعلام، لإطلاق تصريحات استقطابية (polarizing)».
ويشدد بالقول: «مهمتي هي إيجاد مَواطِن للاتفاق بين الأطراف، وهذا ما يفعله الوسيط، أنا لست مفاوضاً، الحل يأتي من اليمنيين وليس مني وليس من أي شخص آخر. الأمم المتحدة هنا، كما أنا، لخدمة الأطراف للتوصل إلى اتفاق، وعلينا أن نعيش مع أشخاص لا نحبهم، هذا يعني أننا بحاجة إلى التوقف عن إدانتهم".
وأكد "إن بناء السلام في اليمن، يتطلّب احترام بعضنا لبعض واحترام وجهات النظر المختلفة بدلاً من إدانة ومعارضة بعضنا لبعض، متابعاً: "من الأهمية بمكان أن يتم الاتفاق على استخدام وسائل الإعلام طريقة لبناء التحالفات بدلاً من إدانة الأعداء، فهذا أمر سيئ للغاية".
السعودية والخليج والبحر الأحمر
وشدد المبعوث الدولي «إن المملكة العربية السعودية لديها مصلحة مشروعة في أن تكون حدودها الجنوبية مستقرة، وألا تتعرّض أراضيها للهجمات".
وقال، "نحن جميعاً نعلم أنّ الأمم المتحدة تقوم على أساس هذه المبادئ، وما نودّ أن نراه هو أن تلبي هذه العملية هذه التطلعات، ولكن بطريقة تعطي الأولوية للمفاوضات والتطلعات اليمنية - اليمنية». وتابع قائلا «يجب ألا يلعب أي بلد آخر دوراً في تحديد مستقبل اليمن، وهذا أمر يقرره اليمنيون ولابد من القول إن جميع الذين قابلتهم بمن فيهم في المملكة العربية السعودية، أكدوا ثباتهم على هذا المبدأ، علاوة على ذلك، ليست المملكة العربية السعودية هي الوحيدة التي لديها مصلحة في يمن مستقر أمنياً، بل إن أوروبا لديها اهتمام كبير بالعبور الآمن للتجارة عبر البحر الأحمر وهذا أمر بالغ الأهمية، فالاستقرار في اليمن ليس مسألة مهمة لليمنيين فقط، ولذلك يعتبر حل النزاع اليمني أمراً استراتيجياً للغاية».
ويكمل: «علاوة على ذلك، لن يكون هناك استقرار في اليمن مهما كانت نتائج المفاوضات، من دون علاقة اقتصادية مع الخليج. وسيعتمد اقتصاد اليمن ودخله واستقراره وحسن العيش فيه على إعادة الإعمار، وأيضاً على التجارة مع جيرانه. وهكذا يتحقق السلام الحقيقي من خلال التأكد من أن الجيران يحتاج بعضهم إلى بعض لا أنهم يخشون أو يقاتلون بعضهم بعضاً».
خطر تدهور وضع اليمن
وحذر غريفيث، في ختام حديثه، من التداعيات الخطيرة في حال تعثرت العملية السياسية واستمرت الحرب مما ينذر بتفاقم تدهور الوضع في اليمن.
وقال، «سوف نشهد خطراً متزايداً من الإرهاب والتطرف في اليمن مع وجود القاعدة و(داعش)، وسيكون هناك خطر متزايد على التجارة العالمية".