"مَتْكَى رصيف" فتح جبهة شرسة ضد المليشيا بالحديدة

متفرقات - Wednesday 05 September 2018 الساعة 03:12 pm
الحديدة، نيوزيمن، خاص:

عندما نزل مسلحو مليشيا الحوثي من أعالي جبال القرى المعزولة في أقاصي الشمال اليمني؛ لم يكن أغلبهم قد زار المناطق الحارة من قبل أو تعرف على ثقافات سكانها وعاداتهم، فضلاً عن السيطرة على تلك المناطق وحكمها، حيث نتج عن ذلك التغير الديموغرافي الطارئ كمّ لامحدود من الحماقات والانتهاكات جراء السيطرة المفاجئة، للثقافة "الدخيلة"، على كل مفاصل الحياة.

كان سكان محافظة الحديدة الأكثر تأثراً بهذا التطور الخطير بسبب الفرق الشاسع بين الثقافتين اللتين طالما تعايشتا بانسجام في وجود الدولة وتحت ظل الجمهورية اليمنية، لكن الحوثيين بخلاف ما كان حاصلاً من التعايش أرادوا فرض أنفسهم بقوة السلاح وفرض ثقافتهم وأفكارهم الدخيلة التي تمثل أقلية طبقية متسلطة تنفرد بالقرار وتستبد بشؤون المواطنين.

قاتل الحوثيين بسبب "متكى"

في ليلة حارة من ليالي صيف الحديدة الملتهب في 2015 كان أحمد، كغيره من سكان المدينة، يجهز "المتكى" الخاص بجلسة القات على الرصيف المحاذي لمنزله، لقد اعتاد أن يفعل ذلك منذ قرابة 15 عاما، بسبب الجو الحار والخانق، حيث يعشق سكان الحديدة السهرات في الأماكن المفتوحة كشاطئ البحر أو أمام منازلهم، الأمر الذي يعتبره الحوثيون القادمون من المرتفعات الباردة عيباً وسلوكاً مشيناً.

في تلك الليلة جاءت سيارة مليئة بمسلحين حوثيين وأمروا أحمد ورفاقه بمغادرة المكان ومنعوهم من الجلوس والتخزين على الرصيف ليلاً، وهددوا بمعاقبة من يرونه في المكان مرة أخرى، يقول أحمد: شعرت بغصة كبيرة وألم شديد فلم يحدث أن منعني أحد من الجلوس على الرصيف، أنا أعيش هنا منذ زمن ولم يشتك مني أحد، لماذا يمنعونني وبأي حق؟ لأن لديهم سلاحا؟

عندما التقيت أحمد لأول مرة كان مقاتلاً شرساً في ساحل الحديدة يقود كتيبة معظمها من شباب مدينته، وقد قاتل الحوثيين من الخوخة إلى مطار الحديدة، برغم أن ملامحه لم تكن توحي بذلك، استفسرت منه عن سبب محاربته للحوثيين فأجاب: "ما خلونا اخزن".

قضية حق بسيط

ليس أحمد وحده من يقاتل الحوثيين من أجل حقوق بسيطة، فقد جلب الحوثيون بغبائهم العداوات لأنفسهم بأتفه الأسباب والتصرفات التي مست خصوصيات المجتمع وقيدت حريته كمضايقة ذوي اللحى الطويلة وإجبار البعض على حلاقة شعرهم والتركيز على اللباس وغير ذلك من التدخل في الشؤون الخاصة والشخصية للناس بدون أي مبرر.

العديد من البسطاء ممن يحاربون الحوثيين لم يكونوا على عداء مع أحد ولم يحملوا السلاح في حياتهم، لكن عنجهية المليشيا وتسلطها جعلتهم يوقنون أن هذه الجماعة لا يمكن التعايش معها، وأنه لابد من استئصالها بقوة السلاح كي تعود الدولة والجمهورية المغتصبة والتي هي القضية الأولى التي نقاتل لأجلها.

قد تكون قضية أحمد شخصية ومختلفة بعض الشيء، لكن الواقع أن الحوثيين يدفعون ثمن حماقتهم وعنجهيتهم بدءاً من انقلابهم على الدستور والجمهورية وانتهاءً بمنعهم مواطناً من التخزين على الرصيف.