هل بات تكريس "الانقلاب" مهمة أممية في اليمن؟
السياسية - Sunday 30 September 2018 الساعة 07:58 pm
تعمل منظمة الأمم المتحدة، بطريقة أو بأخرى، على إطالة أمد الحرب في اليمن، مقابل تكريس انقلاب ميليشيا الحوثي، على حساب معاناة آلاف اليمنيين.
وتتعد صور الانحياز الأممي الفاضح للحوثيين، في اليمن، إما من خلال تبني رواية الميليشيا للحوادث المتعلقة بجانب انتهاكات حقوق الإنسان، أو بتقديم الدعم المادي للمتمردين عبر تسهيل سيطرتهم على المساعدات الإنسانية والإغاثية الدولية.
وساعد التواطؤ الأممي الحوثيين على جمع شتاتهم الذي يتبعثر مع كل حملة عسكرية حاسمة تطلقها المقاومة اليمنية بدعم من قوات التحالف العربي، إذ تستنفر الأمم المتحدة قنواتها لتأخير الحسم ومنح المتمردين المزيد من الوقت للمراوغة.
في السياق، حذرت منظمة التعاون الإسلامي من استغلال مليشيات الحوثي للأمم المتحدة في "تكريس الانقلاب على الشرعية في اليمن".
وقال أحمد العثيمين الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي، إن "العقلية الحوثية تستخدم تصريحات المبعوث الدولي لليمن (مارتن غريفيت) بشكل مجتزأ وتفسر بعض إجراءات الأمم المتحدة التي تتخذ لدواع إنسانية للتخفيف من معاناة الشعب اليمني على أنها تخويل لتلك الجماعة في تكريس انقلابها على الشرعية في اليمن.
ورفضت المنظمة المزاعم والادعاءات الواردة في تقرير فريق الخبراء الأممي المعني باليمن الصادر في 28 أغسطس/آب الماضي وكافة الاستنتاجات والتوصيات التي توصل إليها.
وكانت تشكلت مجموعة خبراء دوليين للتحقيق في الأوضاع باليمن العام الماضي وأصدرت تقريرًا أثار غضب اليمن ودول التحالف كونه ألقى المسؤولية عن سقوط معظم القتلى على غارات يشنها التحالف العربي ضد الحوثيين.
وفي وقت سابق، أمس الأول، وافق مجلس حقوق الإنسان على تمديد عمل لجنة التحقيق الدولية من أجل التحقيق في أوضاع حقوق الإنسان في اليمن رغم اعتراضات دول الخليج واليمن ومصر.
وكانت باحثة غربية هاجمت تقرير فريق الخبراء التابع للأمم المتحدة بشأن اليمن مؤكدة احتواءه على مغالطات وانتقدت طريقة كتابة التقرير الذي احتوى على لغة ناعمة رومانسية مع الحوثيين وهاجم التحالف.
وعلقت الباحثة المتخصصة في الشأن اليمني كارين كاريال على تقرير خبراء مجلس الأمن بشأن الوضع في اليمن الصادر الشهر الماضي بقولها: "تقرير لجنة الخبراء التابعة لمجلس الأمن والأمم المتحدة هو ابتزاز سياسي ومالي لدول التحالف وفيه مغالطات بين الضحية والجلاد".
مداهنة أممية لتكريس الانقلاب
وينظر مراقبون إلى المحادثات التي تحاول الأمم المتحدة رعايتها بين الأطراف في اليمن مجرد تكتيك يمنح الحوثيين فرصة لإعادة ترتيب صفوفهم مقابل تكريس سيطرتهم على حياة اليمنيين في مناطق نفوذهم.
ويلفت الناشط السياسي عبدالفتاح جميل إلى أنه ومنذ البداية أدرك الجميع أن الضغوط الأممية لمنع وصول التحالف العربي إلى حسم عسكري كان يعني أن يبقى الحوثيون مصدر قلق عسكري وأمني ومصدر خلخلة داخل اليمن وللسعودية والخليج وبما فيه تقوية أذناب إيران في المنطقة.
وأضاف في حديث لـ"نيوزيمن" إن الدعوات الأممية لإحياء أي محادثات سلام تأتي دوما بالتزامن مع التحرك العسكري لتحرير مناطق من أيدي الانقلابيين كما حدث وأن أوقفت معركة صنعاء، وكما هو حاصل الآن في معركة تحرير الحديدة.
التفاوض لمنع الحسم
وعبر جولاتها المتعددة لم تفض أي مشاورات رعتها الأمم المتحدة عبر مبعوثيها إلى اليمن، إلى أي صيغة حل سوى منح ميليشيا الحوثي ومن خلفها إيران المزيد من الفرص للعبث بحياة ملايين السكان.
ويقول الكاتب عارف الكمال لـ"نيوزيمن" إن المبعوثين الأمميين لا يدعون أنهم أتوا ليحلوا أزمة اليمن وإنما ليساعدوا على حلها، وعلى اليمنيين أن يصدقوهم ولا يسألوا كثيرا ماذا يريدون.
تماهي موظفي مكاتب المنظمة بصنعاء
ويؤكد العديد من المراقبين بأن موظفي المنظمات الدولية بالعاصمة صنعاء يتماهون مع مليشيا الحوثي عند كتابة التقارير الحقوقية خوفا على وظائفهم.
ويتقاضى هؤلاء الموظفون رواتب وأجورا عالية تصل في متوسطها إلى 400 دولار يوميا، وهذا ما يجعلهم حريصين على الحفاظ على وظائفهم من خلال مجاملة الحوثيين.
ويقول المحلل السياسي نائف قائد، إن المنظمات الدولية تتعامل مع اليمن كمنطقة خصبة للتكسب، وموظفوها يطمعون بالأجور العالية، في حين ليس هناك إيمان أو وازع أخلاقي أو إنساني في التعامل مع اليمن كقضية إنسانية.
تجاهل الشرعية وتنسيق مع الانقلاب
وتتماهى المنظمات الأممية بشكل فاضح في التعامل مع سلطات الانقلاب في صنعاء ومناطق سيطرة المليشيا بينما ترفض التعامل مع الحكومة الشرعية، أو الانتقال إلى مناطق سيطرتها رغم الدعوات الحكومية المتكررة.
في هذا الخصوص، يقول الباحث السياسي عدنان القرشي لـ"نيوزيمن"، إن كثيرا من المنظمات الأممية تتعامل مع المليشيات الانقلابية في صنعاء وتمتنع عن التعاون مع الجهات الشرعية في عدن.
وأكد القرشي أن كل تحركات مسؤولي الأمم المتحدة تثبت يقينا أنها متواطئة مع الانقلابيين وتجعل من نفسها طرفا في الصراع متهما المنظمة بأن لها أجندة سياسية خاصة أو مكملة لأطراف دولية وبأنها تفعل ذلك بشكل علني.
الحوثي.. طفل الأمم المتحدة المدلل
وقال الحسن طاهر محافظ محافظة الحديدة، إن تواطؤ الأمم المتحدة مع مليشيا الحوثي الانقلابية أصبح واضحا، حيث تتعامل مع الحوثية كطفل مدلل وليس كجماعة تخريبية وإرهابية انقلبت على الدولة وارتكبت جرائم إبادة بحق الإنسانية التي تجرمها كل القوانين والأعراف الدولية.
واتهم المحافظ الأمم المتحدة بلعب دور محوري لإنقاذ الحوثي من الهزيمة وتعريض الشعب اليمني للمزيد من الانتهاكات الإنسانية الجسيمة على أيدي المليشيا، موضحا بأنه كلما اقتربت نهاية الحوثي وشارف على الهزيمة تنفذ الأمم المتحدة عملية إنعاش له وتنقذه مما أدخل الشعب اليمني في متاهة جديدة.
واضاف الحسن طاهر أن الأمم المتحدة لم تستفد من تجاربها وفشل مبعوثيها المتعاقبين في السنوات الماضية بسبب تعنت المليشيا، داعيا الأمم المتحدة والمجتمع الدولي الكف عن استغلال معاناة الشعب اليمني والعمل لإطالة أمد الحرب والتحرك السريع لتوفير الدعم الكافي للشرعية والتحالف العربي لحسم المعركة وإنقاذ أبناء الحديدة من براكين الإرهاب الحوثي الذي يمارس بشكل يومي أسلوب الضغط على الميليشيا بسرعة الانسحاب من المدينة والرضوخ لتنفيذ القرارات الدولية.
فضيحة ليز غراندي
وكانت ليز غراندي منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في اليمن أثارت حالة سخط واسعة في الأوساط اليمنية عقب تصريحها حول تدهور الوضع في الحديدة، وهو ما عده مراقبون محاولة جديدة منها لإنقاذ الحوثيين بعد أن توغلت القوات الحكومية في عمق المدينة.
وقال وزير الإعلام في الحكومة الشرعية معمر الإرياني، في تصريحات سابقة، إن منسقة الشؤون الإنسانية الأخيرة وزيارتها إلى مديرية ضحيان في محافظة صعدة تؤكد من جديد انحياز بعثة الأمم المتحدة العاملة في اليمن للحوثيين.
وأضاف الإرياني، أن ليز غراندي تعتمد على معلومات مضللة تقدمها مليشيا الحوثي دون العودة للحكومة الشرعية، معربا عن استغرابه لعدم قيام منسقة الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة بزيارة مدينة الحديدة أو تعز وغيرها من المناطق، حيث إن الحوثيين ارتكبوا جرائم حرب ضد المدنيين ويواصلون ذلك بشكل يومي.
وسبق لمنسقة الشؤون الإنسانية التورط في فضيحة إصدار أحكام منحازة للحوثيين إزاء قصف المدنيين في سوق السمك وبوابة مستشفى الثورة العام بمدينة الحديدة قبل أن يؤكد مكتب المفوضية السامية لحقوق الإنسان في اليمن مدعوماً بالوثائق والمعلومات الميدانية لاحقاً، أن القصف ناتج عن قذائف هاون انطلقت من مناطق سيطرة الحوثيين.