الحوثي يحشر المنظمات الدولية داخل هيئة ميليشياوية في صنعاء

متفرقات - Thursday 18 October 2018 الساعة 04:57 pm
صنعاء، نيوزيمن، تقرير خاص:

قيدت مليشيا الحوثي، حركة المنظمات الأممية والدولية، في العاصمة اليمنية صنعاء، وألحقتها بكيان ميليشاوي استحدثه أخيراً تحت مسمى "الهيئة الوطنية للتنسيق وإدارة الأعمال الإنسانية ومواجهة الكوارث".

وأصدر رئيس المجلس السياسي الانقلابي، مهدي المشاط، قرارات موجهة للمنظمات الأممية والدولية والوزارات والهيئات والمحافظات الخاضعة لسيطرة الميليشيا تحظر ممارسة أي نشاط إنساني إلا عبر هذه الهيئة.

وحذر المشاط من التعامل المباشر مع المنظمات الدولية والأممية إلا عبر الهيئة المستحدثة، التي يديرها أحد قادة المليشيا يدعى القاسم عباس.

وهدفت ميليشيا الحوثي من إنشاء الهيئة، سحب الصلاحيات من جميع الوزارات والمؤسسات الحكومية وكذا المنظمات الإنسانية المحلية، وإحكام قبضتها على العمل الإنساني الدولي في اليمن عبرها.

إغلاق منتدى المنظمات الدولية

وسبق وأغلقت مليشيا الحوثي مكتب منتدى المنظمات غير الحكومية الدولية (INGO Forum) في اليمن، لتصبح منظمات الإغاثة الدولية في خطر أمني وعملياتي حقيقي، حيث كان المنتدى يوفر المعلومات والتحليلات الأمنية يومياً ويصدر توصيات ذات صلة بالوضع الأمني في مناطق عمل تلك المنظمات.

واستهدفت المليشيا بقرار إغلاق المنتدى إحكام سيطرتها على بقية منظمات الإغاثة وإفقادها بوصلة التوجيه والمعلومات والتحكم الأمني ويعتبر المنتدى عرّاب المنظمات الإنسانية الدولية في اليمن.

وتخسر نحو 45 منظمة دولية عاملة في اليمن بعد إغلاق المنتدى دعماً ضرورياً في توجيه أعمالها الإغاثية، كما تفقد حلقة الارتباط المعلوماتي والتنسيقي فيما بينها وأحد أكبر مصادر التوجيه والإرشاد العملي، وبناء قدرات موظفي تلك المنظمات في مختلف المجالات.

حصار حوثي للمنظمات

يقول موظف في منظمة دولية لـ"نيوزيمن"، إن مكاتب المنظمات الدولية في صنعاء محاصرة ولا تستطيع الحديث عن القيود التي يفرضها الحوثيون على عملياتها الإنسانية.

ويشير إلى وقوع حالات اعتداء وتهديد لموظفين في منظمات دولية وأممية في صنعاء، فضلا عن حظر تواصل موظفي المنظمات الدولية مع أي جهة يمنية دون تصريح من ميليشيا الحوثي.

وأوضح الموظف، أن كل البيانات التي تصل إلى مكاتب المنظمات في صنعاء ومن ثم إلى المنظمات الأم خارج اليمن تمر أولاً بمخبرين خارج المنظمة أو موظفين حوثيين داخلها ليتم فلترتها ومن ثم نشرها.

ولفت إلى أن مليشيات الحوثي قامت قبل فترة بمصادرة شحنة كبيرة من شحنات مكافحة وباء الكوليرا كانت منظمة "أوكسفام" البريطانية خصصتها للمحافظات المحررة ولم تقم المنظمة بصورة واضحة بإدانة الحادثة أو حتى مجرد الإعلان عنها.

ويؤكد الموظف على أن مليشيات الحوثي تتمتع بقدرة عالية على الوصول للمنظمات والوكالات ووسائل الإعلام الدولية بالاستعانة بأذرع إيران وحزب الله أو نظراً للعلاقات الواسعة التي تربطها بكثير من الشخصيات الغربية.

وكانت الحكومة اليمنية قد اعتبرت إعاقة الحوثيين عمل المنظمات الإنسانية واحتجاز الشاحنات الإغاثية، ومنع الفرق الطبية التابعة للصليب الأحمر، أعمالاً إرهابية وتتعارض مع القوانين الدولية والإنسانية ويستدعي من المجتمع الدولي تحمل المسؤولية الإنسانية لمنع تكرار مثل هذه الحوادث.

اختراق حوثي للمنظمات الدولية

تثار تساؤلات كثيرة حول مدى قدرة المليشيا الحوثية التأثير في مواقف المنظمات الأممية وقراراتها وتقاريرها بشكل خاص والدولية بشكل عام، وكذلك حيال صمت تلك المنظمات عن ما تتعرض له من انتهاكات وابتزاز.

ويجيب المراقبون على التساؤلات بأن العناصر الحوثية توجد في المؤسسات الحكومية والمدنية في اليمن كما توجد في مكاتب المنظمات الأممية والدولية الأخرى وفي السفارات والوكالات الدولية المختلفة.

ويشير مراقبون إلى أن ميليشيا الحوثي مارست ضغوطاً على المنظمات الدولية بعد اقتحام صنعاء والسيطرة على مؤسسات الدولة لتوظيف أو ترفيع عناصرها بحيث يصبحون مشاركين في صناعة القرار وتوجيه أنشطة تلك المنظمات بما يخدم أجندة الجماعة.

كما يزود عناصر الحوثي المنظمات الدولية بمعلومات إنسانية أو أمنية مضللة للتأثير على بياناتها الصحافية وتقاريرها الرسمية التي يقومون من خلالها بتضليل المجتمع الدولي ورفع معلومات خاطئة عن الوضع في اليمن، حسب مصادر "نيوزيمن".

ويعمل الموظفون الحوثيون في هذه المنظمات على تنسيق مستمر مع قيادات المليشيا وتنقل لهم المعلومات التي يتلقونها عن المنظمات وخطط عملها لإغاثة المدنيين في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية.

وتمارس العناصر الحوثية العاملة في المنظمات الدولية دوراً في إرهاب الموظفين الأمميين وإقناعهم بعدم الدخول إلى محافظة تعز المحاصرة التي ترتكب فيها مليشيا الحوثي أبشع الجرائم ضد المدنيين منذ أكثر من 4 أعوام، حسب مصادر في منظمات دولية بصنعاء.

رقابة أمنية حوثية على المنظمات

وسحبت ميليشيا الحوثي الترخيص عن منظمة "بارتنر أيد" الألمانية عقب اعتقال مكتب "الأمن القومي" الذي تسيطر عليه المليشيا لمدير مكتب المنظمة "نات هاربر" لمدة أسبوع بعد اتهامه بأن منظمته تبشر بالدين المسيحي في مناطق اليمن الريفية.

وأكدت مصادر مطلعة بأن منظمات الإغاثة الدولية حتى الآن لم تتعامل بمسؤولية حيال ضغوط الابتزاز التي تمارسها المليشيا عليها وعلى عملياتها لافتة إلى وجود قائمة أعدها جهاز الأمن القومي للمليشيا ضد المنظمات التي تخطط لإغلاقها بالتنسيق مع عناصرها داخل بعض المنظمات الدولية الذين يزودونهم بالمعلومات.

وتتزامن الانتهاكات الحوثية وتعطيل عمل المنظمات الإنسانية الدولية مع التحذيرات من هشاشة الوضع الإنساني في اليمن وضرورة الاستجابة له بالتمويل اللازم.

وحذر تقرير للبنك الدولي، الأسبوع الماضي، أن الوضع الإنساني في اليمن حرج للغاية بعد تزايد أعداد المحتاجين للمساعدات الإنسانية إلى 85 في المائة من إجمالي عدد السكان بزيادة نسبتها 3 في المائة خلال الأشهر الستة الماضية فقط.

وتتضاعف آثار الأزمة الإنسانية في اليمن، لاسيما المناطق الخاضعة لسيطرة مليشيات الحوثي شمالاً، في الوقت الذي تتزايد فيه الضغوطات على عمليات الإغاثة للمنظمات الإنسانية الدولية والمحلية العاملة في اليمن لتصل إلى حدود شديدة الحرج والخطورة واحتمال إيقاف عمل بعضها وترك 21 مليوناً ممن يحتاجون المساعدات الأساسية خارج التغطية الإنسانية.