الألغام مكان السنابل.. لعنة الانقلاب تطال المزارعين في المناطق النائية

متفرقات - Sunday 21 October 2018 الساعة 04:57 pm
الحديدة، نيوزيمن، تقرير خاص:

لم يكن المزارع اليمني، بعيداً عن تداعيات الحرب التي تعيشها البلاد بفعل انقلاب الحوثيين على الدولة، إذ يحل ضمن قائمة المتأثرين في ظل تراجع العملة المحلية وغلاء الأسمدة الزراعية وارتفاع أسعار المشتقات النفطية، حيث تمثل الزراعة الملاذ الأخير لمواطني الريف اليمني الذي يشكل قرابة 70% من التشكيلة السكانية لليمن.

وبلغ عدد المتضررين من حرب المليشيا الحوثية في القطاع الزراعي أكثر من 10 ملايين شخص وبنسب متفاوتة.

ووفقاً لمنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة "فاو" يستورد اليمن أكثر من 90 بالمائة من الحاجات الأساسية للإنتاج ويعاني أكثر من 17 مليون يمني يمثلون ما يقرب من ثلثي السكان انعداماً حاداً للأمن الغذائي مع تجريف الحرب لسبل العيش والتغذية.

صعوبات تثقل كاهل المزارع

وألقت الحرب بظلالها على القطاع الزراعي، ودمرت مشاريع عملاقة كانت تمثل سندا كبيرا للمزارعين خصوصا أيام مواسم الحصاد، فضلا عن اضرار لحقت بالمنشآت الزراعية مثل مشاتل البن والعنب وكذلك مجمعات البذور الزراعية.

وفاقمت أزمة المشتقات النفطية وارتفاع أسعارها، معاناة المزارع اليمني، حيث يعتمد قطاع الزراعة في اليمن على الري بدرجة أساسية.

وفي جانب متصل تشكل أجور الحراثة والعاملين وارتفاع أسعار المياه جراء ارتفاع أسعار المشتقات النفطية أبرز الصعوبات خصوصا مادة الديزل التي لم يستقر توفرها في السوق المحلية منذ بداية الحرب ويستثمرها تجار الحروب كسلعة في السوق السوداء.

ويشتكي غالبية المزارعين من ارتفاع النفقات على الفلاحة مقابل هبوط المحاصيل وركود أسعارها في السوق المحلية، حيث يتحدث مزارعون بأنهم قبل الحرب الحالية لم يكونوا ينفقون ربع المبالغ التي ينفقونها الآن والمحصود لا يأتي بخسارته.

وأثقلت أسعار الأسمدة الزراعية كاهل المزارعين، حيث وصل سعر الكيس السماد (50 كيلو جراما) إلى أكثر من 50 ألف ريال يمني بعد أن كان سعره لا يتجاوز 8 آلاف ريال قبل الحرب.

وتتنوع الزراعة في اليمن ما بين القمح والذرة والشعير، وتعتمد في كثير من المناطق اليمنية على الأمطار التي ترافق الموسم الزراعي ومع شحة الأمطار في السنوات الأخيرة، وفي هذا الموسم تحديداً يلجاً المزارعون إلى المضخات لتعويض نقص الأمطار، وفي هذا السياق فإن تكلفة الري كانت مرتفعة على خلفية ارتفاع أسعار الديزل.

وفي الحديدة، التي تشتهر بأنها سلة اليمن الغذائية وتحوي آلاف المزارع الكبيرة، أجبرت الحرب الكثير من المزارعين على ترك مزارعهم خلال الأشهر الماضية وعدم جني ثمارها هروباً من الحرب التي تشهدها مديريات المحافظة ومنها مديرية الدريهمي القريبة من وادي رمان المشهور بزراعة النخيل.

مليارا دولار خسائر القطاع الزراعي

بلغت الأضرار والخسائر التي لحقت بالقطاع الزراعي في اليمن خلال 4 سنوات من الانقلاب أكثر من ملياري دولار، حسب تقديرات خبراء اقتصاديين ومهتمين بالجانب الزراعي.

محمد منصور، موظف في وزارة الزراعة بصنعاء، تحدث لـ"نيوزيمن" قائلا، إن "مئات الهكتارات من الأراضي الزراعية المشهورة بزراعة العنب والمانجو والموز والفواكه بأنواعها، وكذلك الخضروات والبن وغيرها تضررت نتيجة عدم قدرة المزارعين على ريها بسبب النقص الحاد في المشتقات النفطية".

ويضيف، أن الحرب أدت إلى عزوف العديد من المزارعين عن الزراعة وتوقف تصدير المنتجات الزراعية وذلك ما خلفه من تأثيرات على الأمن الغذائي في البلاد، حيث تقدر نسبة الأضرار التي لحقت بالقطاع الزراعي في البلاد بنحو 80%.

وأشار منصور إلى أن ذلك أدى أيضا إلى ارتفاع أسعار السلع الغذائية وعدم توفرها بصورة منتظمة وبالذات في جانب الحبوب والخضار والفاكهة وحتى اللحوم والأسماك ناهيك عن عدم قدرة المستهلك على الشراء نتيجة ضعف القدرة الشرائية وعدم توفر السيولة النقدية وارتفاع سعر الصرف للعملات الأجنبية.

دعوات لإنقاذ الزراعة

وارتفعت الأصوات المطالبة بإنقاذ القطاع الزراعي في البلاد رغم الجهود المبذولة على غرار مبادرة البنك الدولي والفاو المشتركة في أكتوبر/تشرين الأول2017.

وكان البنك الدولي والفاو أطلقا برنامجاً بقيمة 36 مليون دولار يهدف إلى تقديم مساعدات فورية لما يزيد عن 630 ألف شخص يعانون انعدام الأمن الغذائي وبهدف تعزيز الصمود الزراعي، وجاء المشروع تحت عنوان "إعادة تأهيل المزارعين الصغار وتعزيز الإنتاج الزراعي".

ويقول الخبير الزراعي الدكتور طاهر حميد، إن "الدور الذي يمكن أن تلعبه المنظمات في دعم المزارع والعملية الزراعية في جانب الأمن الغذائي يكون من خلال دعم المزارعين بالأنواع المختلفة للبذور والأسمدة وتوفير المدخلات الزراعية المختلفة كوسيلة للتخفيف من عاتق المزارع وكذلك دعم المزارعين ببرامج الثروة الحيوانية وعمل برامج مختلفة مثل برنامج النقد مقابل العمل في مجال الزراعة".

وتبلغ المساحة الصالحة للزراعة في الجمهورية اليمنية 1.3 مليون هكتار، فيما تمثل المساحة المزروعة منها حوالي 1.2 مليون هكتار أي بنسبة 81% ويصل متوسط عدد الحيازات إلى 1.1 مليون هكتار بمعدل نمو سنوي 6.8% بحسب المركز الوطني للمعلومات.

وحسب توصيف التقارير الدولية فإن المليشيا الحوثية حولت اليمن إلى أسوأ كارثة على وجه الأرض، وتبدو شواهدها ظاهرة في مختلف ميادين الحياة مع تعطل النشاط الزراعي كواحد من القطاعات التي دمرتها المليشيات.