بيتر ساليسبري يكتب عن اتفاق السويد: مآخذ الغموض وفرص النجاح وما الذي يجب فعله الآن (ترجمة)
السياسية - Friday 21 December 2018 الساعة 09:28 pm
- بيتر ساليسبري، كبير المحللين المتخصصين بالشأن اليمني في مجموعة الأزمات الدولية.
ما الذي يعنيه وقف اطلاق النار؟
وقف إطلاق النار في الحديدة هو الخطوة الأولى نحو تنفيذ اتفاق تم التوصل إليه في المحادثات التي تقودها الأمم المتحدة بين الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا والمتمردين الحوثيين في السويد في 13 ديسمبر لتجريد مدينة الحديدة والميناء، وممر التجارة الأوسع في البحر الأحمر، من السلاح. رغم أن التقارير المبكرة عن انتهاكات وقف إطلاق النار تبعث على القلق، ولكنها غير متوقعة لعملية من المحتمل أن تصادف بضع العثرات على الطريق.
يسيطر الحوثيون حالياً على الحديدة ويحيط بهم المقاتلون من القوات اليمنية المشتركة. وبموجب الاتفاق، وافق المتمردون والحكومة على إزالة قواتهم العسكرية من كل من مرافق الميناء والمدينة، وكذلك من ميناء الصليف ورأس عيسى. بالإضافة إلى ذلك، تعهدت الأطراف بإنشاء وحماية ممر إنساني على طول الطريق الذي يربط الحديدة مع صنعاء. وسيشغل مراقبو الأمم المتحدة مناصب رئيسية لضمان التزام الأطراف بشروط الاتفاق.
وجاء إعلان وقف إطلاق النار بعد فترة من الضغط الدولي المتضافر على الجانبين لتحويل الاتفاق إلى حقيقة. ومن المفترض أن يتم الانسحاب المتبادل في غضون ثلاثة أسابيع فقط. وتحقيقاً لتلك الغاية، ستشكل الأمم المتحدة لجنة إعادة توزيع تتألف من ممثلين عن الفصيلين المتحاربين، ويرأسها على الأرجح خبير عسكري من الأمم المتحدة هو الجنرال الهولندي باتريك كاميرت. وستكون اللجنة مسؤولة عن وضع خطة تفصيلية للتخلص التدريجي من عمليات الانسحاب وحدود ما سيكون فعلياً منطقة منزوعة السلاح تحيط بالممر التجاري للبحر الأحمر.
في الوقت نفسه، يجب على الأمم المتحدة التفاوض على ترتيبات الأمن والإدارة المحلية التي تعمل مع الحوثيين والحكومة، فضلاً عن التحالف الذي تقوده السعودية.
ما الذي اتفق عليه الطرفان في السويد؟
ذهب مارتن غريفيث، مبعوث الأمم المتحدة الخاص لليمن، إلى السويد وبجعبته قائمة طويلة من الأمنيات: تبادل السجناء والأسرى، والاتفاق على إعادة فتح مطار صنعاء، والاتفاق على البدء في إعادة دمج الفروع التي يسيطر عليها الحوثيون والحكومة في البنك المركزي اليمني للمساعدة في تسهيل دفع رواتب الخدمة المدنية، والاتفاق لإنهاء القتال في الحديدة ومدينة تعز، إلى جانب التوافق في الآراء بشأن خطة إطارية لعملية السلام. كما أراد أن يوافق الأطراف على معاودة الاجتماع في أواخر يناير.
ما حققه غريفيث هو "آلية تنفيذية" لمبادلة السجناء، واتفاق في اللحظة الأخيرة على الحديدة و"بيان تفاهم" بأن الحوثيين والحكومة وممثلي المجتمع المدني اليمني سيشكلون لجنة لمناقشة أوضاع تعز.
ورفض الحوثيون صفقة المطار التي كانت ستشهد قيام الحكومة بتفتيش الرحلات الجوية في طريقها من وإلى صنعاء في عدن التي تسيطر عليها الحكومة، فيما رفضت الحكومة التوقيع على خطة السلام الإطارية، زاعمة أنها أعطت الكثير من الشرعية للحوثيين. كما أزيحت المناقشة حول البنك المركزي جانباً، على الرغم من اتفاق الأطراف على أن يتم إيداع إيرادات ميناء الحديدة في فرع البنك بالحديدة للمساهمة قي دفع رواتب الخدمة المدنية.
هناك ثلاث طرق صالحة بنفس الدرجة في قراءة الاتفاقية: - أكبر خطوة إلى الأمام في جهود وساطة الأمم المتحدة في اليمن منذ أن دخل التحالف الذي تقوده السعودية الصراع في جانب الحكومة في مارس 2015. - إشارة على زيادة التركيز الدولي على الصراع. - ومؤشر على الفجوة التي لم يتم بعد جسرها بين الأطراف، فيما تسعى الأمم المتحدة إلى التوسط في اتفاق لإنهاء الحرب.
دعماً للقراءة الأولى، يستطيع غريفيث الادعاء بصورة معقولة أن أشهره الأولى في منصبه كان أكثر فاعلية وانتاجاً مما كان يتمتع به أي من أسلافه منذ بداية الحرب. ودعماً للثانية، فإن التحولات في البيئة الدولية -بما في ذلك القلق المتزايد بشأن الأزمة الإنسانية في اليمن، وهي أكبر أزمة في العالم- ساعدته بلا شك. أما بالنسبة للتفسير الثالث الأقل تفاؤلاً، فإن تبادل السجناء ووقف إطلاق النار في الحديدة يعكسان دفعة إنسانية قوية بدلاً من الحسابات الاستراتيجية. على هذا النحو، فهم ليسوا بالضرورة لأن يخطوا باتجاه التفاوض على إنهاء الحرب، وفي الواقع فإن نصوص هذه الاتفاقيات توضح أن الأطراف لا تعتبرها بداية لعملية سلام. وهو التحدي الذي يواجهه جريفيث.
ما هي فرص النجاح؟
ستكون الأسابيع القليلة القادمة بمثابة عمل مجهد بالنسبة لمبعوث الأمم المتحدة وفريقه، مع وجود الصعاب التي تجمعت ضدهم. جاء اتفاق الحديدة في عجلة من أمره، وهاجمه النقاد على أنه غامض للغاية ومفتوح للتأويل.
ففي العلن، وصفت الحكومة اليمنية والحوثيون الصفقة بشكل مختلف تماماً: الحكومة تزعم أن وزاراتها ستسيطر على الميناء والمدينة بعد حدوث الانسحابات، في حين يقول الحوثيون إنهم سيتركون بعض قواتهم في مكانها لتأمين المدينة وممر التجارة على البحر الأحمر. وبالنسبة للحكومة، فإن هذا يترجم إلى أن الحديدة ستكون خالية من الحوثيين، بينما يتوقع المتمردون الاحتفاظ بدرجة من السيطرة. على نطاق أوسع، يشير تدخل الولايات المتحدة في اللحظة الأخيرة في السويد إلى أن الأطراف قد لا ترقى إلى مستوى موافقتها -أو تصل إلى اتفاق آخر- دون دفع حاسم من واشنطن ودول أخرى.
وسيتعين على غريفيث الآن أن يبني على هذا الاتفاق الهش والمرحب به للغاية والمتأخر، والذي، كما جادلت مجموعة الأزمات، ينبغي على مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة أن يؤيده من خلال قرار جديد. وقد عينت الأمم المتحدة "كاميرت"، وهو جنرال بحري هولندي سابق، لرئاسة لجنة إعادة الانتشار المسؤولة عن الإشراف على انسحاب القوات من وحول الحديدة، وستلعب الأمم المتحدة دوراً متصاعداً في المساعدة في إدارة موانئ البحر الأحمر بعد الانسحاب.
وبدون دعم دولي قوي، سيتعثر وقف إطلاق النار في الحديدة. وستكون عواقب الفشل واضحة بشكل مؤلم. وستطول معركة الحديدة، ومن شبه المؤكد أنها ستعجل من المجاعة الجماعية.
ما الذي يجب فعله لنجاح الاتفاق؟
كان للضغط الدولي المتضافر دور أساسي في التوصل إلى اتفاق. يجب أن تستمر، إن لم تتكثف، في الأسابيع المقبلة. سيكون دور الولايات المتحدة حرجاً. يجب أن يكون السعوديون والإماراتيون على دراية بالآثار المحتملة لانهيار الاتفاقية: فعندما يأتي كونغرس أمريكي جديد، من المرجح أن يؤدي وقف إطلاق النار الفاشل إلى المزيد من التدقيق في السياسات الخارجية للبلدين.
ما يعنيه هذا بشكل خاص هو أن الإمارات ستحتاج إلى الضغط على مقاتليها المناهضين للحوثيين للانسحاب من مدينة الحديدة. يعتقد المقاتلون اليمنيون أن معركتهم التي طال انتظارها ستشكل بداية النهاية للتمرد الحوثي، ولن يتم إقناع هؤلاء المقاتلين بسهولة. ستحتاج الولايات المتحدة والجهات الفاعلة الغربية الأخرى إلى مواصلة الضغط على الإمارات والسعودية وحكومة هادي لضمان امتثالها للاتفاقية.
من جانبهم، يجب على الحوثيين أيضاً أن يدعموا الصفقة. تسببت خروقات الحوثي للصفقات الماضية في تعليق أي عملية تفاوض. يشمل هذا التاريخ بشكل خاص اتفاقية السلام والشراكة الوطنية، وهي اتفاقية سبتمبر 2014 بين الحوثيين وحكومة هادي. يمكن ربط قرار الحوثيين اللاحق بانتهاك شروط الصفقة وروحها مباشرة ببداية الحرب الأهلية الحالية. يجب على الاتحاد الأوروبي وسلطنة عمان وأيضاً إيران -التي تقول إنها تريد المساعدة في هذه العملية- أن تضغط على الحوثيين لضمان تمسكهم بالاتفاقية.