"أنصار باتريك اليهودي" و"الجهاد في سبيل الغاز": ادفع مجاهداً تحصل على أسطوانة نصف فارغة!

المخا تهامة - Wednesday 26 December 2018 الساعة 07:27 am
صنعاء/المخا، نيوزيمن، خاص:

"مكنونا جهاد، وأنصار ربي، ونصر الإسلام، وطحنونا خمس سنين، واليوم رجعنا نجاهد لوما نوصل لدبة غاز، ورجعوا أنصار اليهودي باتريك ما عاد بش أنصار الله وربي، الله ينتقمهم".

الحاج محمد الضلعي، ستيني يقطن في مديرية السبعين جنوب العاصمة صنعاء، لخص حكاية سنوات عاصفة غيرت حياة اليمنيين وعصفت بالبلاد، في جملة واحدة.

يكافح سكان العاصمة صنعاء، تحت سيطرة وسطوة جماعة الحوثي، ذراع إيران في اليمن، للحصول على الغاز المنزلي. حكايات ومآسٍ راجت وتنتشر في مواقع التواصل الاجتماعي يومياً.

فساد كبيرة ومعاناة أكبر

بات الحصول على أسطوانة غاز أمرا معجزا ومناسبة لالتقاط الصور العائلية وتبادل التهاني عبر منصات التواصل.

في أواخر نوفمبر الماضي قُتل ثلاثة أشخاص في انفجار قنبلة يدوية، في حوش لخزن أسطوانات الغاز يتبع عاقل حي مصنع الغزل بالعاصمة صنعاء، بعد خلاف مع نجل تاجر.

الاحتكار الحوثي للغاز المنزلي باب آخر للإثراء والفساد على حساب معاناة وأساسيات اليمنيين المطحونين تماماً.

هذه معاناة إنسانية لا تراها ولا تعبأ بها الأمم المتحدة، التي لا ترى المعاناة إلا من "طاقة ميناء الحديدة"، كما كتب ناشط يمني.

وقال إنه قضى أسبوعاً من دون غاز في بيته، وعندما حصل على أسطوانة كانت نصف معبأة لا غير وبسعر مضاعف، وبعد أيام فرغت وعاد للعاقل، ليسأله الأخير باندهاش "عادك حصلت دبة قبل عشر أيام؟"، ورد عليه بمرارة "الغاز نستخدمه مش نعلقه بالجدار سعما الصور".

3.6 مليار ريال تجنيها ميليشيا الحوثي شهرياً من بيع الغاز في صنعاء فقط. 80 ألف أسطوانة يوميا حاجة العاصم، و70 ألف سيارة تعمل بالغاز أيضا. ثروة هائلة يجنيها مشرفون ومسئولون وسماسرة وقيادات حوثية.

ادفع "مجاهداً" تحصل على دبة غاز!

وأخيراً تحولت المسألة إلى مقايضة حقيقية "مجاهد مقابل دبة غاز"!

ادفع مجاهداً من أولادك للقتال في الجبهات، ومؤخراً في صرواح، وتحصل على جائزة حوثية "دبة غاز نصف فارغة".

أوقفت المليشيا بيع مادة الغاز المنزلي عبر عقال الحارات في العاصمة صنعاء، واشترطت تجنيد 20 من كل حارة إلى صفوفها.

مشرف ميليشيا الحوثي، في مديرية السبعين، عقد اجتماعاً بعقال الحارات في المنطقة، وأبلغهم بأن على كل واحد فيهم جمع 20 شاباً على أن يتم تجنيد 10 منهم في شرطة العاصمة والعشرة البقية يخضعون لدورات مذهبية، ومن ثم يتم إرسالهم إلى جبهات القتال.

الضغط على السكان في صنعاء، لتجنيد أبنائهم، عبر إخفاء مادة الغاز المنزلي، واشتراط تجنيد 20 شاباً من كل حارة مقابل إعادة بيع الأسطوانات عبر العقال.

دراما مريرة

الغاز المحلي القادم من مأرب، يفرض الحوثيون على كل قاطرة في البيضاء أربعة إلى خمسة ملايين ريال كضرائب خاصة بالمشرفين الحوثة.

وفي صنعاء نصف الكمية تذهب مباشرة إلى السوق السوداء التي أسسها الحوثة، وما يباع منها للمواطنين يخضع لبيروقراطية إجراءات العقال الذين يعينهم الحوثة ويعملون مع مشرفين حوثيين بطرق ملتوية لاستنزاف الناس وإذلال المواطنين.

في مقطع الفيديو الرائج، ينصرف المشيعون عن الجنازة ويلحقون ببائع غاز ظهر فجأة، وينهض الميت لاحقاً ليلحق بهم! لم يكد حتى الموتى يستريحون من هم الغاز.

مشهد مكثف يوجز يوميات ممتدة ملأها الجنون بالحوثيين أو الحوثيون بالجنون.

تجسس بالغاز!

وتشترط ميليشيا الحوثي عبر عقال الحارات في صنعاء، جمع بيانات الأسر داخل كل حي تحت ذريعة إجراءات للحصول على أسطوانات الغاز، بحيث لا يتم منح أي أسرة أسطوانة غاز إلا بعد تسليم صور من وثائق الهوية الشخصية لعاقل الحي.

وتقول أم أيمن، معلقة على هذه الجزئية: "نستغرب من إجراءات يقوم بها العقال يأتون إلى الأسر ويقومون بعد أفراد الأسرة والسؤال عن حالتهم الاجتماعية، وعن مصادر دخلنا وما هي ممتلكاتنا، وكم يوجد ذكور لدينا وكم العازبين والمتزوجين.. هذه الأسئلة تشبه عملية مسح شاملة وليست لأجل تسليم أسطوانة غاز لا تصل إلا كل شهرين".

أنصار الغاز!

حياة اليمنيين تصبح جهاداً وراء دبة غاز (..)، "أنصار الغاز قدهم مش أنصار الله" قال معلق في تويتر على تغريدة لمحمد علي الحوثي.

أو كما أوجزها الحاج الضلعي "مكنونا جهاد وأنصار ربي ونصر الإسلام، وطحنونا خمس سنين، واليوم رجعنا نجاهد لوما نوصل لدبة غاز، ورجعوا أنصار اليهودي باتريك ما عاد بش أنصار الله وربي، الله ينتقم منهم".