حقبة الضعفاء تحكم تعز.. شمسان والصبري بين عقدة هادي وانتهازية الجنرال

السياسية - Tuesday 01 January 2019 الساعة 08:50 pm
تعز، نيوزيمن، عماد طربوش:

أعاد الرئيس هادي تعز إلى المربع الأول بإقالته المحافظ أمين محمود، وقائد المحور خالد فاصل، بينما كان في متناول يده تعزيز سلطة مؤسسات الدولة من خلال تمكين رئيس السلطة المحلية المقال من صلاحياته المنصوص عليها قانوناً، وفض الاشتباك الحاصل مع القيادات العسكرية والحزبية التي تنازع الدولة صلاحياتها ورمزية منصب المحافظ.

ثلاثه محافظين لتعز خلال 13 شهراً بدأ بإقالة المعمري وتعيين محمود واستبداله بنبيل شمسان، وهذا الارتباك الذي تفضحه المدة الزمنية في إصدار ثلاثة قرارات جمهورية دليل كافٍ على أن هادي فقط يوقع على القرارات وأنه غير معني بمدى الإهانة التي تلحق بمؤسسة الرئاسة ورمزيتها في وضع كهذا.

ومع هذا الاستخفاف بالقرارات الرئاسية يعزز هادي حدة الصراع على النفوذ والقرار في محافظة تعز، التي يذهب البعض إلى أنها المحافظة الوحيدة التي يرأسها هادي وله فيها كامل السلطة في التعيين والإقالة وإنفاذ هذه القرارات.

وقف أمين محمود وحيداً يصارع أمراء الحرب ولصوص النفوذ وكهنة السياسة وفوضى الشارع من أجل تعزيز حضور سلطة هادي المهترئة في كل مكان.. غير أن محمود، القادم من مدرسة إدارية عتيقة تعلي من قيم الدولة والتراتبية، وجد نفسه خصماً حتى لهادي نفسه الذي يسفك دم قيم الدولة وقوانينها بشخطة قلم، وهو ساكن البال يحدق في خارطة اليمن الاتحادي.

منصب محافظ تعز يقع ضمن المحاصصة التي يعتقد هادي أنها عادلة من نصيب المؤتمر الشعبي العام وهو يتحدث أمام قيادات المؤتمر أنه انتزعها بقوة من الإصلاح وعلي محسن وحصر ترشيحات أسماء المحافظين في حمود الصوفي والبركاني ورشاد العليمي.

رشح الإصلاح محمد مقبل الحميري ليكون محافظاً بدلاً عن محمود، وتركوا منصب قائد المحور لأنهم يعلمون أنه حق حصري بالجنرال علي محسن، وكان الصوفي قد رشح سابقاً نبيل شمسان، وأمين محمود حينها زكى أمين التنظم الوحدوي الناصري عبد الله نعمان وشوقى أحمد هائل، ووضع شمسان خياراً ثانياً.

بالأمس عاد هادي إلى نبيل شمسان بعد أن زكاه البركاني والصوفي والعليمي، حسب المعلومات في حين لم يعترض الجنرال كون شمسان، كما تقول المصادر، لم يسبق أن رفض توجيهاً أو أمراً أو رسالة من الجنرال منذ أن كان في الخدمة المدنية قبل 2011م.

يُحسب شمسان من الكوادر الإدارية المؤهلة، غير أن منصب المحافظ لا يمكن أن يتشابه مع مشروع إصلاح وتحديث الخدمة المدنية الذي أداره نبيل شمسان لسنوات ولم يحقق فيه أي إنجاز، وبقي الازدواج الوظيفي حتى ذهبت الدولة بكلها.

فلسفة شمسان التصالحية والتعامل مع الجميع بأهلاً وسهلاً هي ما جعل الإصلاح يرحب فرحاً بالمحافظ الجديد، لأن صرامة بن محمود شكلت صداعاً مستمراً للإصلاح وأمراء الحرب والباحثين عن النفوذ والنصيب معاً.. فشمسان لن يتدخل في الشأن العسكري والأمني، وسيكتفي بالعمل الإداري، وحتى لن يجد مانعاً من مشاركة المخلافي عبد القوي رجل الإصلاح القوي له في السلطة والصلاحيات.

كان نبيل شمسان وزيراً للخدمة المدنية في حكومة باسندوة ورشحه الشيخ سلطان البركاني، حينها، وقبل صالح، وقبل أن تنهار حكومة باسندوة كان شمسان قد أصبح أكثر إخلاصاً للجنرال محسن، وها هو اليوم يعود محافظاً لتعز محفوفاً بترحاب الساخطين على بن محمود وخيبة الساخطين على الإصلاح.

في المقابل تم تعيين سمير الصبري قائداً لمحور تعز بديلاً عن خالد فاضل الذي كان الغريم الأشرس للمحافظ السابق مع فارق أن فاضل مقارنة بالصبري سمير يملك سيرة عمل عسكرية ممتلئة تدرج فيها في السلم العسكري في حين جاء قائد المحور الجديد خفيفاً في السيرة المهنية والخبرات في آن واحد.

وبالنظر إلى السيرة الذاتية لقائد المحور الجديد فهو لم يتقلد منصبا عسكريا ذا أهمية، ولم يشغل حتى أركان حرب لواء، وكل تاريخه العسكري يؤهله للعمل في صحيفة 26 سبتمبر أو في التوجيه المعنوي لأنه عمل أساسا في مهام إعلامية عسكرية متحدثا أو مسؤل توجيه معنوي.

عمل سمير الصبري أو سمير الحاج، وهو الاسم المتعارف عليه، مساعدا لقائد الدفاع الجوي للتوجيه المعنوي ومساعدا لمدير الأكاديمية العسكرية للعلاقات والإعلام والتوجيه ورئيس شعبه العلاقات العامة والإعلام والتوجيه في قيادة قوات العمليات الخاصة في زمن رئاسة هادي.

كما كان المتحدث الرسمي باسم المجلس العسكري في تعز، ومن ثم المتحدث باسم الجيش الوطني، وعين قائدا لقوات الاحتياط بديلا عن الجائفي، في حين قوات الاحتياط في صنعاء وهو في الرياض ومأرب طيلة وقته.

وجود سمير الحاج في قيادة محور تعز لا يختلف عن وجود خالد فاضل من حيث أن القائد الفعلي للمحور سيكون سالم فرحان مسؤول الجناح العسكري للإصلاح، غير ان الجنرال محسن يضمن ولاءً غير منقوص من سمير الصبري ويمنح الإصلاح مساحة أكبر لإدارة المشهد العسكري في تعز.

هناك من يقول لماذا لا يعين سالم، مثلاً، قائدا للمحور وهو رجل يتمتع بنفوذ قوي وصاحب قرار نافذ بدلا من العمل في الظل من منصب المستشار للمحور مع العلم أن سالم كان إبان قيادة فاضل للمحور يعقد اجتماعات برؤساء الشعب في المحور وهي ليست صلاحياته.

لا يمكن أن يعين علي محسن ضابطا قويا في محور تعز خصوصا من الإصلاح، لأن ذلك سيفقده ميزة إدارة المحور بالشكل الذي يريده، فعلي محسن يعرف أن هناك مساحات داخل الإصلاح تبقى بعيدة عنه وتمليك الإصلاح لسلطة القرار يشكل خطرا على نفوذه، فالإصلاح عمليا أكبر من علي محسن حضورا وتأثيرا في الوقت الراهن.

سيدير محسن معاركه من خلال المحور عبر سمير الحاج حتى وإن كانت هذه المعارك تتصادم مع الإصلاح ومشروعه.. الجنرال يكتب دوما بقلم الدولة وهذا القلم في تعز موجود في أدراج مكتب قائد المحور.. للجنرال ارتباطاته ولا يمكنه أن يسلم أوراقه كلها للإصلاح في تعز.. سيقاتل بالإصلاح لكنه لن يمنحه حرية التفرد بالمسؤولية.

حقبة جديدة في تعز هي الأضعف على مدى تاريخ تقلد مهمة إدارة المحافظة عسكريا وسلطة محلية.. هادي لا يقبل بوجود الأقوياء في منظومة حكمه، لأنه يراهم أقوى منه.. عقدة الضعف تلازمه.