النسخة الحوثية من داعش.. مندوبون في المقاهي، تفتيش التلفونات والعبث بسجل الجرائم

السياسية - Monday 07 January 2019 الساعة 09:44 am
صنعاء، نيوزيمن، فارس جميل:

ممارسات الحوثيين بصنعاء تفوق ما مارسته جماعات دينية كثيرة، حتى تلك التي أقامت إمارة عزان، وإمارة جعار في شبوة وأبين، وتقترب شكلاً ومضموناً من ممارسات تنظيم الدولة (داعش) في الموصل، وهي نسخة من نظام "الحسبة" أشد من مطالب هيئة الفضيلة التي اقترحها مجموعة من علماء حزب الإصلاح وتم رفضها رسمياً وشعبياً في 2008، وعلى المستوى التنفيذي كانت ممارسات داوود الجني الشهيرة بالحديدة مؤدبة ومحترمة مقارنة بها.

الممارسات المتعلقة بالأخلاق العامة ومنع الاختلاط، وسيلة لابتزاز المواطنين وأصحاب المطاعم والمقاهي بصنعاء، وليست نابعة عن قيم أو مبادئ من أي نوع، وسبق للحوثيين تطبيقها في صعدة وبعض مناطق عمران وحجة، لكن تلك المناطق بعيدة عن عيون الإعلام، ومغلقة على غير المنتمين للجماعة، حتى أولئك العاملين في المنظمات الدولية.

عيّن الحوثيون مندوبين لهم في المطاعم والمقاهي الكبيرة، سواءً على مستوى كل مطعم/مقهى كبير، أو لعدة مطاعم/مقاهٍ صغيرة، ويجبر ملاك تلك المقاهي والمطاعم على دفع مبالغ مالية يومية أو شهرية لهؤلاء المندوبين، دون قدرة على الاعتراض أو الرفض، لأن قرار إغلاق أي مطعم أو مقهى أسهل من إعداد خبز الطاوة لأصغر مسلح حوثي.

مهمة هؤلاء المندوبين هي فحص درجة قرابة الزبائن في الأقسام العائلية عندما يرى هذا المندوب أن هناك زبائن من الذكور والإناث قد لا تجمعهم صلة قرابة، لدرجة طلب عقود الزواج من الزبائن الذين ليس معهم أطفال بصحبتهم، وترتفع مستويات المضايقة كلما كان المبلغ الذي يمنحه لهم مالك المطعم أو المقهى أقل من المطلوب، أما لو دفع لهم المطلوب فبإمكانه أن يحولهم إلى حراس لرغباته ورغبات زبائنه.

ما فعله السقاف وكيل أمانة العاصمة المعين من الحوثيين بالمطعم التركي بصنعاء، وهو المعروف بأنه لا يتمتع بأية أخلاق، ويمارس هوايته في مضايقة النساء باستمرار، وبحماية الجماعة، مجرد أنموذج أدت ملابساته إلى تناول القضية إعلامياً، لكن تلك الممارسات تتم باستمرار، فالمطعم التركي تحديداً لديه طاقم نسائي لتقديم الخدمة في القسم العائلي، فكان العذر أنه لم يخصص مدخلاً خاصاً بالنساء، رغم أن ذلك حال أغلب المطاعم والمقاهي التي ليس لديها مداخل مستقلة للنساء.

قام الحوثيون بعد سيطرتهم على الأجهزة الأمنية بإزالة كل السوابق المسجلةضد أعضائهم، وعلى العكس تماماً قاموا بتوظيف كل السوابق المسجلة ضد مواطنين لا يتبعونهم، خاصة من يقف ضدهم علناً.

أول مهمة يقوم بها مسلحو الجماعة هي أخذ تلفون أي شاب أو شابة وتفتيشه، عندما لا يجدون أية قرينة تدل على معارضة أي منهم للجماعة، يبحثون في سجلات جهات الاتصال، وقد تتفاجأ باتصال من تلفون امرأة لا تعرفها، لكنها تحتفظ برقم تلفونك لسبب أو لآخر، أو تربطك بها معرفة عمل أو علاقة من أي نوع، وقد تتحول حينها إلى متهم يخضع للابتزاز دون أية شبهة أو ذنب، إضافة إلى ما تتعرض له المرأة من إهانات وشتائم وأحياناً الحجز حتى حضور ولي أمرها، وتحرير التزام خطي للإفراج عنها.

حساسية اتهام أية فتاة أو امرأة تظل طي الكتمان بحكم العادات الاجتماعية، وذلك يساعد الجماعة على الاستمرار في ممارستها في ظل صمت إعلامي ومجتمعي، لكن الأمر لا يتوقف هنا، فالشباب يتعرضون للابتزاز والضغط عن طريق دفعهم للإدمان على تعاطي الحبوب المخدرة واسعة الانتشار، أو تصويرهم في أوضاع يخافون من ظهورها للعلن، وكثير منهم يدفعون بهم إلى جبهات الموت بهذه الطريقة.

إذا كانت الجماعة تقوم بهذه الممارسات وما زالت الحرب مستمرة وسلطتها مهددة، وتحتاج إلى ولاء المجتمع، فماذا سيكون عليه الأمر لو انتهت الحرب ولم يتم كسر وتأديب هذه الجماعة؟!