داعش والقاعدة والحوثي والإصلاح.. يتقاسمون البيضاء ويتوزعون جبهاتها

السياسية - Friday 11 January 2019 الساعة 11:59 pm
البيضاء، نيوزيمن، خاص:

أياً تكن المعلومات الزمنية لتسجيل قتل مواطنين يمنيين بتهم الردة في محافظة البيضاء، فإن الحادثة تعيد تذكير اليمنيين والعالم بالمنطقة الثانية بعد أبين وشبوة، التي يتوافد اليها متطرفو الإرهاب، دون أي جهود لمعالجة ذلك ولا حتى الاهتمام به.

وإذا كانت شبوة وأبين قد توافرت لهما قوى محلية، مثل النخبة في شبوة والحزام الأمني في أبين، والتي تشكلت من أبناء هذه المناطق، وتمكنت من التضييق الكبير على حركة الإرهابيين، فإن البيضاء ورداع لا يحظى مجتمعهما المحلي بأي دعم لمواجهة الإرهاب.. بل إنهما تعانيان، كما هو حال النخبة في شبوة، من سوء أداء "الشرعية" التي تضيق على كل جهود مكافحة الإرهاب لأسباب متعددة أغلبها فساد وصراع مصالح دون أن يخلو من "انتفاع وتوظيف" للإرهاب، أو مراعاة خطورته وتأثيره على المجتمع المحلي.

داعش والقاعدة.. تقاسم قرى "قيفة"

وفقاً لمعلومات محلية فإن أنصار الشريعة، اللافتة اليمنية لتنظيم القاعدة، وتنظيم الدولة الإسلامية "داعش" يتقاسمان مناطق النفوذ في قرى "فيفة".. حيث يتواجد تنظيم القاعدة في مناطق نوفان والجسيمة وقَود ناشر والخليف والمحاوك وراضية والمستحيلة وشفا القرن، وهي أماكن تطوق منطقة "اهل الجوف"، إضافة إلى وجود عناصر في ذي كالب والزوب وحمة صرار.

ويتركز وجود تنظيم داعش في حمة لقاح وحمة عواجه والحميضة وشواهرة العبل وبلاد الظهرة.

تشعب مناطق السيطرة هذه بين داعش والقاعدة في قيفة، تتقاطع في "يكلا" التي تعد نقطة اتصال مشتركة للتنظيمين.
ويقيم كل تنظيم معسكرات تدريبية منفصلة عن معسكرات الآخر في مناطق (العطف وزعج ورمم والعرار).

جيران الحوثي

لا تبعد مواقع الحوثيين عن مواقع التنظيمين الإرهابيين سوى مرمى حجر في جميع تلك المناطق المذكورة آنفاً والتي تتوزع على مديريات ولد ربيع ومحن يزيد والشرية.

وفي هذه المناطق تبدو النقائض وهي تحمي بعضها، فوجود معسكرات القاعدة وداعش في "يكلا" الحدودية مع محافظة مأرب تحول إلى طوق يقطع الطريق أمام تحرير المناطق الواقعة تحت سلطة الحوثي، فأضحت خط الدفاع الأول للحوثيين رغم الشعارات التي يرددها الطرفان ضد بعضهما.

داعش والقاعدة والحوثي ورابعهم الإصلاح

لكن ما يلفت الانتباه هو أن قيادات الإصلاح في المنطقة الثالثة تنساق مع هذا الطرح، حيث منعت فتح جبهة لتحرير البيضاء من شمالها الغربي الذي يعد أسهل الطرق للوصول إلى مديريات رداع، وبالتالي قطع الإمداد عن المليشيا في باقي المديريات التي لا تزال فيها، وكذا الوصول إلى أولى مديريات محافظة ذمار المحاذية لها! وآثرت تلك القيادات فتح جبهات بكوادر حزب الإصلاح واستحداث ألوية على أساس حزبي في قانية شرقي البيضاء.

يقول أهل المنطقة، إن القيادات الموالية لحزب الإصلاح في الجيش الوطني لاسيما في المنطقة الثالثة مع تحرير محافظة البيضاء على طريقة "إما أن نكون نحن من يقود الجبهات ونفرض قيادات من عندنا وتقبلوا بها أو لن يكون هناك دعم أو اعتراف بكم"، مكرسين فكرة أن التحالف على ارتباط وثيق بهم ولا ينفذ إلا ما يرونه.

ويعدد الأهالي أسماء القيادات العسكرية غير المنضوية في حزب الإصلاح والتي كانت تنتقد عمليات الفساد، وقد تم إقصاؤها من تلك الجبهات بطريقة أو بأخرى أو تجاهلها في أفضل الأحوال، وتتحدث شهادات لعسكريين عن ارتكاب جرائم تواطؤ مع العدو راح ضحيتها عدد من القيادات إما قتلاً أو في الأسر.

الجذور المشتركة للجماعات المختلفة

يعيد هذا التقاسم للبيضاء ورداع بين أطراف الإسلام السياسي، إصلاح وحوثي وقاعدة وداعش، التذكير كيف لعب كل طرف منهما في تقوية وجود الآخر.

وقد مثل ما سمي بـ"الربيع العربي" العام 2011م بما وفره من العوامل المساعدة، شهادة ميلاد للقاعدة في محافظة البيضاء. فقد شهدت قيفة دولة قاعدية في العام 2013م. وكانت هذه الدولة المبرر الأول لاختراق الحوثيين للجيش، بحجة التعاون على محاربة القاعدة في البيضاء قبل حتى اجتياحهم لصنعاء.

وجاء اجتياح الحوثيين لصنعاء مبرراً للظهور العلني الأول لتنظيم داعش في مناطق نائية جداً في قيفه بعيداً عن القرى. فاستخدمه الحوثيون، بعد أشهر معدودة، ذريعة لاقتحام البيضاء.

وبعد أن ساهم كل منهم في إحضار الآخر، فإنهم اليوم يحمون بعضهم في تناسق عجيب. ويتقاسم القاعدة وداعش من جهة والحوثي من جهة أخرى المواقع في المنطقة دون تدخل أحد الطرفين في شؤون الآخر.

ويقول تقرير لـ"منظمة مراقبة الإرهاب" صادر في 7 أغسطس 2015، إن تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، كان ولا يزال، المنظمة الإرهابية البارزة في اليمن، إلا أن تنظيم "داعش" نجح بقوة من خلال شن العديد من الهجمات في جميع أنحاء البلاد وإنشاء عدة فروع مختلفة في عدد من المحافظات.

وبحلول عام 2016، قام "داعش" بسلسلة من العمليات في مناطق لا حصر لها في اليمن تجاوزت عمليات تنظيم القاعدة، وظلت تحقق النجاح بسبب البيئة الأمنية الفوضوية التي طغت على جميع أنحاء البلاد.

ولكن خلال العامين الماضيين، تضاءلت عمليات "داعش" بشكل كبير، وأصبح معظم نشاط فرع تنظيم داعش في البيضاء، مُنحصراً على القتال المادي والأيديولوجي مع فرع القاعدة في شبه الجزيرة العربية، وأمس الجمعة كانت آخر جولات الحرب بين التنظيمين.