سيرة ريمة: الخلفية الصوفية ومعاهد الإخوان والوهابية الوافدة والتحوث الدخيل

متفرقات - Monday 11 February 2019 الساعة 08:31 am
نيوزيمن، كتب/ ثابت الأحمدي:

التعليم النظامي في ريمة حديث النشأة يرجع إلى مطلع سبعينيات القرن الماضي، بشقيه: مدارس التعليم العام التابعة لوزارة التربية والتعليم، وبموازاتها المعاهد العلمية التابعة للهيئة العامة للمعاهد العلمية، التي كانت تحت إدارة الإخوان المسلمين.

وكانت الأخيرة، إلى جانب كونها مؤسسات تعليمية، فقد كانت أيضاً محاضن تربوية وتنظيمية للجماعة من خلال "القسم الداخلي" الملحق بالمعهد، وأيضا الأنشطة المعهدية المصاحبة للعملية التربوية، وكانت جزءاً من العملية التعليمية بشكل عام، ولها أهمية كبيرة لديهم، خلافاً للمدارس فقد كانت الأنشطة المدرسية أقل أهمية من منظور القائمين عليها.

أول مدرسة

علماً أن أول مدرسة نظامية في ريمة تأسست عام 1973م، وهي مدرسة الفتح بالجبين، على حساب المملكة العربية السعودية، بمتابعة من قبل الوالد المناضل اللواء يحيى مصلح مهدي.

أول معهد

فيما أول معهد في ريمة كان ثاني معهد علمي في الجمهورية العربية اليمنية، بعد معهد خولان، تأسس سنة 1974م، أسسه القاضي الفسيل نفسُه ورفيقه آنذاك الشيخ قاسم بن إبراهيم البحر، عضو مجلس الشورى لاحقاً، والأستاذ عمر طرموم. وكان هذا المعهد هو البؤرة التي تفجرت منه عناصر الإخوان المسلمين على مستوى ريمة لاحقاً.

وكان طلاب المعاهد العلمية الذين يتخرجون من الإعدادية العامة "الأساسي" ينتقلون بتوجيهات ورعاية إخوانية إلى معاهد صنعاء والحديدة وذمار وتعز لاستكمال الثانوية، قبل أن يتم فتح الثانويات العامة في معاهد ريمة. وقد تصل نسبة المتخرجين من معاهد صنعاء والحديدة وتعز وذمار أكثر من متخرجي ثانويات ريمة نفسها.

بين جيلين

على أية حال.. التعليم في ريمة ليس متقدماً، لكن بالنظر إلى محافظات نائية مشابهة لريمة كالجوف ومارب والضالع تجد أن ريمة أحسن حالاً.

فقد كان لجيل السبعينيات والثمانينيات والتسعينيات طموح جامح لا يشبهه إلا شواهق جبال ريمة نفسها نحو التلقي والتعلم، ساعدهم على تحقيق أحلامهم الرخاء المادي واستقرار الأوضاع النسبي خلال هذه الفترة؛ لاسيما والمنطقة خالية من الحروب، عدا ما كان من أمر الجبهة في مديرية السلفية وبعض قرى كسمة فقط. لفترة قصيرة وانتهت.

علماً أن كثيراً من المدارس والمعاهد التي تأسست في ريمة كانت من التعاونيات، وبعضها بتبرعات من الأهالي، أو فاعلي الخير، سواء داخل الوطن أم خارجه، وخاصة في مرحلة الثمانينيات وبداية التسعينيات.

مؤخراً لم تعد تلك الهمة في التحصيل لدى جيل اليوم من الناشئين، ولم تعد تلك الروح التي كانت لدى جيل الأمس، وهي حالة سائدة ربما على مستوى اليمن، إذ إن نسبة التسرب من التعليم الأساسي عالية جدا، ناهيك عن الثانوية، ناهيك عن الجامعة.

الخلفية الثقافية للمجتمع

خلفية صوفية

الخلفية الثقافية للمجتمع في ريمة صوفية، متأثرة بصوفية أحمد بن علوان تحديداً، ويرجع هذا التأثر منذ الدولة الرسولية التي كانت ريمة مسرحاً كبيراً لنشاطها، وكان أبناء ريمة في تلك الفترة من أهم دعائم تلك المرحلة، كعزلة "بني خطاب" التي كان منها كتبة الدولة الرسولية. ناهيك عن قاضي القضاة جمال الدين الريمي، وغيره.

الوهابية الوافدة

وكانت الطقوس الصوفية هي السائدة في ريمة حتى تسعينيات القرن الماضي؛ حيث بدأت في الاضمحلال، لتحل محلها "الوهابية" بنسختها النجدية، ثم الإخوانية التي كانت مزيجاً من الفكر الصوفي، ثم الوهابي. وجنحت في الفترة الأخيرة إلى الفكر الوهابي، كما هو الشأن مع بقية نظرائهم في اليمن كله.

فاعلون في التحديث

إلى جانب هذه الثقافة السائدة "الدينية" أيضاً تتواجد ثقافة اليسار وإن بنسبة أقل. ومؤخراً برز في المحافظة العشرات من الإعلاميين والأدباء والأكاديميين والسياسيين ممن لهم حضورهم الفاعل ليس على مستوى ريمة فحسب؛ بل على مستوى الوطن أجمع، ومن كل ألوان الطيف السياسي على حد سواء.

التحوث الدخيل

فيما يتعلق بالفكر الإمامي "الحوثي" نستطيع القول ألا وجود لهذا الفكر مطلقاً، على امتداد ريمة، عدا ما حدث مؤخراً في السنوات الأخيرة في بعض الأسر أو الأشخاص من "الهاشميين" الذين تأثروا بدعوة الحوثي، ويبدو أن لهم تواصلات سابقة معه.

أما المتحوثون الآخرون فمجاراتهم اليوم للحوثي لا تعدو أحد أمرين: إما رغبة أو رهبة.

علماً أن أغلب الأسر الهاشمية في ريمة ترفض هذه الفكر وتقاتله، وقد استشهدت عناصر هاشمية من ريمة ضد الحوثي في أكثر من جبهة، فالحاضنة الحوثية في ريمة لا وجود لها مطلقاً.

توصيات

أخيراً. وبما أننا قد أشرنا إلى الحالة الثقافية في ريمة فإننا نقترح على من يهمهم الأمر تأسيس إذاعة محلية في المحافظة، وأيضاً مجلة وصحيفة ثقافية، ضمن مشروع اليمن الاتحادي الجديد، وضمن مشروع محاربة الفكر المتطرف أياً كان مصدره، والاعتناء بالتراث الريمي الأصيل، فالمحافظة تكتنز بذخائر نفيسة من الموروث المادي وغير المادي إلا أنه عرضة للإهمال والاندراس.