"البلطجة" مؤهل توظيف المشرفين.. لماذا يعاقب الحوثي صنعاء بصعاليكها؟

متفرقات - Wednesday 13 February 2019 الساعة 10:20 pm
صنعاء، نيوزيمن، نجوى إسماعيل:

تتعمد ميليشيا الحوثي، الذراع الإيرانية في اليمن، فرض أشخاص سيئين وغير مرغوبين لدى المواطنين، مشرفين أمنيين واجتماعيين وتربويين وثقافيين، كما تطلق عليهم، في الأحياء والمناطق الواقعة تحت سيطرتها.

وتوكل لهذه العناصر مهام مراقبة الحياة اليومية للمواطنين ورصد كل تحركاتهم وإحصاء المعارضين لميليشيا الحوثي، إلى جانب عمليات بيع أسطوانات الغاز المنزلي للأهالي، وتجنيد الأطفال والمراهقين وزجهم إلى محارق الميليشيا.

وتفوق صلاحياتهم، صلاحيات المسؤولين الحكوميين، وأجهزة الأمن، كل في نطاق المهمة والمنطقة المكلف بها، وتظهر تلك السطوة بشكل واضح بالتدخل في كل ما يتعلق بتفاصيل الحياة اليومية للمواطنين.

بيد أن ثمة أمراً يستحق الكثير من التدقيق يتعلق بنمط العناصر التي تختارها الجماعة الحوثية لتكون رقيباً يومياً على شئون المواطنين، فهي لا تراعي اختيار أشخاص مقبولين داخل الأحياء والحارات والمناطق، بقدر ما تتعمد اختيار شخصيات سيئة ومستفزة.

شاب أو رجل بلا عمل، فشل في إكمال دراسته أو في الاستمرار في أي عمل يقدم له.. يعيش عالة على غيره، ويعاني الكثير من المشاكل النفسية التي تظهر على شكل تصرفات مستفزة وفوضى وأعمال بلطجة يحدثها دائماً لمجتمعه.. في الغالب، تكون هذه مواصفات المشرف الحوثي، في الأحياء والمناطق الواقعة تحت نفوذ ميليشيا الحوثي خاصة في العاصمة صنعاء.

وتعليقاً على هذه النقطة يقول المواطن أحمد عبدالحق، وهو من سكان حي الحصبة لـ"نيوزيمن": "بكل حارة يوجد مشرف حوثي فاشل بحياته.. كان عاجزا عن توفير قوت يومه، وفجأة أصبح (أبو فلان) ويريد أن يمشي الحارة أو الحي كله على ما يشتي هو".

ويضيف: "في حارتنا عينوا واحد جاهل مشرف علينا.. وكل يوم استفزاز وتطاول وسفاهة على الكبار والصغار.. شهر ونصف أبحث عن دبة غاز ولا وجدت لأن المشرف مش راضي يبيع لي أسطوانة".

وشكت أم أيمن المعرشي، من بلطجة مشرف الحوثيين في حي الزراعة وسط العاصمة صنعاء، وقالت في حديث لـ"نيوزيمن"، إن المشرف المدعو أبو جهاد يلزم الأسر بدفع مبالغ مالية دعماً لجبهات الميليشيا، إلى جانب الزامهن بعمل "كعك" للمقاتلين الحوثيين.

السطوة والنفوذ مقابل الولاء والتبعية

ويتساءل المواطنون القابعون في مناطق نفوذ ميليشيا الحوثي، عن الأسباب التي تدفع الأخيرة لفرض من تسميهم "مشرفين"، من العناصر غير المنضبطة سلوكيا والمتجردة من الأخلاق أو "بلاطجة" حسب التوصيف الدارج؟

وتعليقاً على هذه الجزئية تقول لـ"نيوزيمن"، أنسام عبدالخالق، وهي باحثة نفسية واجتماعية في مركز بحثي بجامعة صنعاء، إن هناك العديد من العوامل الاجتماعية، والسياسية، والفكرية، والعقائدية، التي تبني عليها الجماعات الدينية اختيارها للأشخاص ليتم تكليفهم بمهام تتعلق بالمواطنين بشكل مباشر.

وأضافت: إن هذه الجماعات تحرص في مرات كثيرة على اختيار أشخاص (ذكوراً أو إناثاً)، يعانون من البطالة والفقر والجهل، كما أنها تحرص بشدة على اختيار الأشخاص المنغمسين بأدوار المعاناة من الاضطهاد والإحساس بالظلم نتيجة لعدد من الأسباب التي تتعلق بشكل مباشر بالشخص نفسه.

وأكدت أنسام أن الأشخاص الذين تتملكهم عقدة الظلم والاضطهاد تتولد لديهم نزعة انتقامية لمعاقبة كل من حولهم، خاصة المجتمع الذي حاول تقييم مسارهم ورفض فشلهم وممارساتهم، وهم بذلك يكونون أكثر ولاءً وقوة وتنفيذاً لكل الأوامر والتوجيهات الصادرة لهم من قبل التنظيمات أو الجماعات التي جعلت منهم أشخاصاً ذوي نفوذ وسلطة ومال على مجتمعاتهم.

مشرفات "إناث" أيضاً

وتتحدث المصادر إلى أن إجراءات اختيار عناصر نسائية "مشرفات" على الوسط النسائي، تخضع لمعايير اختيار المشرفين من الذكور، خاصة بعدما عملت ميليشيا الحوثي على استقطاب الكثير من الفتيات المتخلفات في الدراسة العلمية ليكن مشرفات في أحيائهن معنيات بشريحة الإناث.

وتقول أم أحمد، تقطن حي باب اليمن في صنعاء، إنها ذهبت لمنزل جيرانها، وفي إحدى المرات كانت تصلي وتضم، فقاطعتها فتاة عزباء من نفس الحي تكنى (أم زين العابدين) وقالت بأن عليها أن تسربل.

وقالت ساخرة: "بنت ما قد كملت 17 سنة وعزباء وقد اسمها أم زين العابدين".

وتشير أم أحمد إلى أن هذه الفتاة الحوثية خاطبتها بالقول: "والله إننا عنعلمكن من جديد ونعرفكن أيش هو الدين". وذلك لأنها ضمت أثناء الصلاة ولم تسربل كما هو الحال في المذهب الزيدي الاثني عشري.

وتضيف، أن هذه الفتاة صارت تأمر الأمهات في الحي بمنع بناتهن من الذهاب للدراسة في معاهد اللغات الإنجليزية باعتبار هذه المعاهد من "ثقافة الغرب واليهود"!

وتكلف ميليشيا الحوثي مشرفيها من الذكور والإناث بمهام أمنية في الأحياء السكنية خاصة بصنعاء، وتتجاوز ذلك إلى إحصاء أنفاس المواطنين في الحفلات والمناسبات الاجتماعية المختلفة بما فيها مجالس النساء، إذ تضطلع هذه العناصر الحوثية بمهمة رصد ما يدور وعمل بلاغات بالمعارضين للجماعة ليتم اعتقالهم.