العودي: دعاة وأدعياء الإسلام السياسي في اليمن استرخصوا أنفسهم كـ"شهود زور"

السياسية - Saturday 23 February 2019 الساعة 10:51 am
المخا، نيوزيمن، خاص:

يؤكد الدكتور حمود العودي، أستاذ علم الاجتماع، أن الكثير من دعاة وأدعياء الدين الإسلامي في اليمن وغير اليمن، قد استرخصوا أنفسهم كثيراً أمام السياسة؛ إما خوفاً أو طمعاً، وربما جهلاً وتجاهلاً، وقبلوا بدور "الناطق الرسمي" باسم هذا الطرف أو ذلك في السلطة أو المعارضة.

ولم يتردد الكثير منهم، والكلام للعودي، من لعب الأدوار المزدوجة معاً؛ وهو ما يفعله الكثير اليوم بين عشية وضحاها من أدعياء الدين تحت الطلب، ممن ارتضوا احتكام الدين لمكر وخداع السياسة بدلاً من احتكام السياسة لشرع ونداء الدين، وأن يكونوا هم شهود زور السياسة بدلاً من كونهم قضاة فيها، "إنه الإسلام السياسي بدلاً من سياسة الإسلام."

وفي الحلقة الثانية من سلسلة مقالاته الخاصة لـ"نيوزيمن"، يحمِّل الأستاذ الدكتور حمود العودي، جوهر الإشكال المعقد في الأزمة على "مسخ المفاهيم إلى ضدها، وتحويل الدين إلى ناطق رسمي للسياسة بدلاً من كونه مرجعاً لها، والتقول على كتاب الله وسنة رسوله بما ليس فيه، ومن مواقع متناقضة طبقاً لتناقضات المواقف والمصالح السياسية وما تشتهيه أهواء ومنافع السياسيين."

مبيناً في هذا السياق أنه؛ ولخوف المتضررين من تأثير وفعل هذه الأشياء العظيمة على مصالحهم غير المشروعة، وعجزهم عن دحضها بحجة العقل والمنطق، فيعمدون بدلاً من ذلك إلى مسخ وتشويه مضامينها، وإلباسها ثوباً غير ثوبها تمهيداً لحظرها ومحاربتها، كما فعل ويفعل الرأسماليون والمستغلون في كل مكان وزمان فيما يتعلق بالاشتراكية والعدالة الاجتماعية بشكل عام، وتحويلها إلى دلالة عكسية على الكفر والإلحاد، وكما يفعل الطغاة والمستبدون السياسيون فيما يتعلق بالديمقراطية وتحويلها إلى دلالة على الفوضى والغوغائية والفساد في الأرض، وحتى حقائق العلم الهامة كالراديو والتلفزيون تصبح من عمل الشيطان الرجيم.

ويضاف إلى ذلك سوء استخدام المفهوم نفسه من قبل القائمين عليه؛ ككلمة حق يُراد بها باطل، كاستخدام مفهوم الإمامة وتحويله من قدوة حسنة ومثل أعلى إلى طاغوت وكهنوت متسلط، وكاستخدام وتحويل مفهوم الاستعمار من عمارة الأرض لخير البشر إلى استعبادهم واستغلالهم بغير حدود، وديمقراطية الـ99.9%، وحتى أديان الله الحقة التي كثيراً ما يتم استخدامها وتوظيفها سياسياً من قبل دعاتها وأدعيائها على خلاف مقاصدها السماوية والإنسانية العظيمة، بحثاً عن مصلحة بغير حق أو نصرة لباطل غير مشروع، بدءاً من صكوك الغفران مروراً بمرجعيات الزور والبهتان وحتى فتاوى الساحة والميدان.

وبالنظر إلى كل ذلك المسخ والتوظيف والتجيير والاسترخاص؛ أثقل الكثير من دعاة وأدعياء الإسلام السياسي، بحق وبدون حق، مسامع الناس، وأقلقوا مشاعرهم وما يزالون بما لا يحد من الاقتباسات الحقيقية من كتاب الله المتشابه وغير المتشابه والناسخ والمنسوخ من جهة، وسنة رسوله المتفق عليها والمختلف فيها من جهة أخرى، وفسر ذلك كل منهم بما يحلو له من المعاني والدلالات المنافية لجوهرها، وبما يتناسب مع خدمة مقاصد السياسة أو ما يطلبه السياسيون منهم على الأصح، وليس وفق أصولها ومقاصدها الشرعية والإنسانية الحقة، بل وتقولوا على الله ورسوله والكثير من خيار خلقه بما لم ينزل الله به من سلطان ولم يثبت عن سنة رسوله أو خيار خلقه من بعده، إلا ما هو ثابت ومُروى عن أسلاف هؤلاء الأدعياء عبر التاريخ ممن اعتادوا بيع دينهم بدنياهم إما خوفاً أو طمعاً.

>  إلى الحركة الإسلامية اليمنية: ولدتم تابعين وشِبتم عاجزين‬ (1 - 4)
> أدعياء الدين في خدمة السلطة (2 - 4)