الزنداني وشركاه للمناسبات والفتوى

السياسية - Monday 02 September 2019 الساعة 05:24 pm
عدن، نيوزيمن، فارس جميل:

قبل سيطرة الحوثيين على صنعاء ظهر الزنداني متحدثاً عن أحقية آل البيت الحوثي بالخُمس، ومظلوميتهم وتهميشهم بخطاب ديني يكرّس مزاعم الحوثيين بأحقيتهم في حكم اليمنيين، وفي نفس الوقت يضع الأساس العقائدي لهيئة الزكاة الحوثية التي استجابت للرجل ووضعت الخُمس كواحد من مصارف الزكاة بعد أن تحولت إلى شركة جباية تابعة لأحمد حامد.

بعدها بأشهر كان الحوثيون يسيطرون على معقل الزنداني وجامعته التي صنعت مئات الزنادنة فكرياً، ولم تفلح محاولات الرجل وابتذاله لاسترضائهم، فهم تحديداً لا يحتاجون فتواه ولديهم شمس الدين وشركاه وكائنات أخرى كثيرة لإصدار الفتاوى بمقاسات الجماعة ولغتها وعقيدتها.

الزنداني نفسه الذي كان معلماً لأسامة بن لادن، وأفتى بعدم جواز الوحدة مع الشيوعيين، ووجه أتباعه وأتباع بن لادن لقتال الاشتراكيين الشيوعيين استكمالاً لمرحلة الجهاد الأفغاني، وكان الوحيد الذي أخرج مظاهرات رافضة لدستور دولة الوحدة، هو الذي أصدر بياناً باسم هيئة علماء اليمن يدعو لقتال الجنوبيين المطالبين بإعلان دولة خاصة بهم.

الزنداني الذي أسس شركة الأسماك البحرية بمليارات الريالات من أموال اليمنيين الفقراء المساهمين فيها، ذابت في خصلات لحيته لاحقاً، هو الذي أقسم الأيمان على أن اليمن خلال سنوات ما بعد 2011 ستتحول إلى واحدة من أغنى الدول، وعدد من الثروات ما يجعلها تتفوق على أمريكا وروسيا، ولم يكلف نفسه مجرد اعتذار للناس الذين صدقوا أيمانه.

الزنداني الذي انشق عن علماء اليمن بتأسيس هيئة خاصة به، دفعت فتاواه آلاف اليمنيين إلى ساحات الموت منذ سبعينات القرن الماضي، وحتى ما قبلها وهو يستعرض لهم آيات الرحمن في جهاد الأفغان، فرّ من صنعاء بطريقة عجيبة ولم يصمد يوماً واحداً أمام الحوثيين الذين استولوا على جامعته بالقوة، وظهر فجأة في السعودية يستعرض معجزات هروبه إلى تعز ثم إلى الرياض، وكأنه جيمس بوند بجلالة قدره، وبينما يستثمر أبناؤه وأحفاده أموالهم الضخمة في تركيا، ويحتفلون بزيجاتهم المتوالية، ما زال يدعو اليمنيين للموت باسم الله.

الزنداني نفسه أفتى بأن صالح ولي الأمر الذي تجب طاعته، قبل أن يمنح شباب الساحات في 2011 براءة اختراع، ويخجل من دورهم العظيم لخدمة الإسلام، وهو نفسه الذي أصدر بيانات ضد الدولة المدنية هو وفضل مراد، والذي اعتبر الاختلاط في الساحات جريمة، وواجه طلابه أروى عثمان وصديقاتها بالضرب أمام الفرقة، وعائشة الزنداني تصدر فتاواها الخاصة حتى بعد مقتل لينا مصطفى عبدالخالق برعايتهم المباركة.

في حرب 1994 كان الزنداني يتنقل بين غرف عمليات الجيش الموالي لصالح ليطوي عنق الدين والقرآن والسنة ويوظفهم لقتال الاشتراكي مع الديلمي وغيره من تجار الفتاوى، وهو نفسه الذي اكتشف إسلام جار الله عمر وياسين سعيد نعمان عند تأسيس اللقاء المشترك.

غاب الرجل سنوات، حتى اعتقد أغلبنا أنه تراجع عن تاريخه، وتاب عن توظيف دين الله لقتل خلقه، ظهر من جديد، وموضوعه القتل ذاته لم يتغير، آية قرآنية وحديث نبوي دعا بهما لقتال من يرفض مسارات جماعته، وعاد إلى فراشه بطمأنينة عجيبة.

ابنه محمد أصبح أضرط من أبيه في إصدار الفتاوى، وبينما هو في منفاه الباذخ، وما زال هو وعبدالله العديني يتوعدان دعاة الدولة المدنية بالويل والثبور، وأنهما سيفرغان لهم بعد معركتهما مع (الروافض)، وهي معركة لم يظهر أحدهما في أي جبهة من جبهاتها المجمدة لسنوات.

أفتى الزنداني بالخُمس لآل الحوثي، وقال العديني والحزمي إن ثورة 26 سبتمبر 1962، ثورة الملحدين التي حاربوها في مهدها، وأنها تتعارض مع نهج جماعتهم، بينما يدفعون الناس للموت من أجل أرضية للحزمي في مأرب.

كان الحوثيون يقتلون الجيش اليمني، ويمنعون دفع الزكاة للدولة في صعدة، وكان الزنداني وشركاه القوائم الخاصة بالاغتيالات لأكبر عدد ممكن من الكتاب والمثقفين والسياسيين، ونجحت تجربة الصادق مغلس ببرمجة علي جارالله لقتل جارالله عمر، وهو حليف وشريك للإصلاح، وفي قاعة الحزب وحمايته، بينما كان انتصار الزنداني وشركاه في تكفير المقالح واليوسفي والأهدل وبشرى المقطري وقائمة طويلة، بعد أن نجحت تجاربهم الأولية باغتيال عشرات العناصر من الحزب الاشتراكي اليمني فجر الوحدة.

اعترف الزنداني بدستور الجمهورية اليمينة مرة واحدة، عندما احتاج للاحتماء به من الملاحقة الأمريكية بعد اتهامه بدعم الإرهاب، وهي الحماية التي دفعت اليمن ثمنها، ولم يجن صالح أية مصلحة من منحها للرجل الذي خرج يقود الناس ضده لاحقاً، حتى بعد أن أيده في انتخابات الرئاسة مقابل أرضية جامعة الإيمان، وكانت مواقف صالح تلك من أسوأ ما قام به خلال حكمه.

على مدار سنوات قتل القاعدة مئات الجنود والضباط اليمنيين، ولم يظهر الزنداني ولو مرة واحدة لإدانة تلك الجرائم، ولم يستخدم آية واحدة للحث على التسامح والتعايش وترك العنف والقتل، وظل مخلصاً لتخصصه في فتاوى الموت والكراهية والتمييز العنصري والطائفي للحوثي التي لم تمنحه سوى المهانة.

ما زال الزنداني يصدر فتاوى القتل ضد اليمنيين وهو يبتسم ويمسد لحيته الحمراء بدمائهم.

اقــــرأ أيضـــاً:

ناشطون يطالبون بمحاكمة "علماء اليمن" بتهمة تكفير الجنوب والتحريض على الاقتتال بين اليمنيين

الانتقالي الجنوبي في جنيف يخاطب المنظمات الإنسانية بشأن "فتوى التكفير" ويحذِّر من "تداعيات عسكرية خطيرة"

عن علماء سلطة الإخوان.. الدين في خدمة مصالحهم

> شيوخ الإخوان في اليمن يجددون فتوى 94 إلى اجتياح عدن والحرب على الجنوب

إصلاح تعز القطري ومفتي المحور وحديث الجاهلية المستعاد من سيد قطب ضد الحزام والجنوب