نبيل الصوفي مودعاً العم "علي سليمان": متنا واختار الحياة

السياسية - Sunday 20 October 2019 الساعة 04:22 pm
المخا، نيوزيمن، نبيل الصوفي:

شائب، يبيع "عجور" في المخا، وأب وخال لزملاء أعزاء لا يعرفون أنّا نعرفه ويعرفنا..

يجلس في عشته جوار السوق، وترى الناس يتوافدون إليه، تقترب فتراه خبيراً بالأعصاب، يضع أصابعه حول كتفك أو رقبتك أو أيّ مكان من جسدك فيحدّد مكان العصب المرهق.. كأنّه خبير مساج وتدليك، وفي ثوانٍ يرد لك العافية.

تعرّف إليه الأستاذ أمين الوائلي، وأنا بعده..

تظنه يقوم بعمل وتريد أن تعطيه ما تيسر من المال، فينظر لك مبتسماً: هذه لله.

لو بقيت تحلف عليه ساعة، ما تغيرت ملامحه..

لا يمكن أن يأخذ ريالاً واحداً من أي مخلوق، إلا إذا اشترى منه ما يبيع من "عجور" أو أحياناً بعض اليدويات.

أما مقابل التدليك، يقول لك بصيغة من كلمتين لكن لها هيبة: "هي لله"..

أنا ألتقط صوراً لكل مكان أزوره، وكل شخص أتعرف عليه، لكن هذا الرجل كنت أمر عليه أشرب من "ترمس" الماء الوردي في عشته وأسلم عليه وأذهب.. يعرِّفني بما لم أعرف أو أصادف في حياتي..

نظيف جداً.. وقور جداً، ويعزف مباشرة عن أي حديث زائد، الكلام عنده "بمقدار"..

كنت أقول للوائلي "المخا مزدحمة بشواهد الأولياء.. فكيف لم يعد هناك الآن صالحاً واحداً يعرفه الناس، فيقول لي: يعرفهم الله، هم كثير لكن الولاية لا تعرّف"..

الآن أرسلت له: روح ولي، رفعها الله إليه.

ضاقت بها الدنيا، كما يضيق البحر بالجو الحار، فيطلق أنفاسه قطراً أبيضَ يزيّن السماء الزرقاء بالبياض..

مات "علي".. متنا نحن، واختار هو الحياة.

رحمك الله أيها الوقور المتخفّف، وملعونة هي الأثقال إذا تبقينا أسارى المخاوف والأطماع..

الفاتحة