هلال الإمارات وأزمة الإصلاح.. أقنعة الملثمين في تعز تستهدف إعادة ترميم الحياة

هلال الإمارات وأزمة الإصلاح.. أقنعة الملثمين في تعز تستهدف إعادة ترميم الحياة

السياسية - Tuesday 22 May 2018 الساعة 05:01 pm
تعز، نيوزيمن، عماد طربوش:

قبل أيام بدأ الهلال الأحمر الإماراتي تنفيذ مشاريع له في مدينة تعز، وكان أحد تلك المشاريع ترميم ثانوية تعز الكبرى، وهي أكبر مدارس اليمن، وذلك بعد أن كانت مشاريع الهلال محصورة على مناطق الحجرية، لأن هناك طرفاً سياسياً وعسكرياً داخل تعز المدينة يرفض وصول مشاريع الإمارات الخيرية إلى قلب تعز، ويتعاطى معها كأنشطة استخباراتية.

وأثناء تدشين الترميم وصل اثنان من المسلحين الملثمين إلى المدرسة وأطلقا النار على العمال وأوقفا العمل بالقوة، ورغم محاولات المسؤولين عن المشروع التواصل مع قيادة المحور وإدارة الأمن لتوفير حماية للعمال، إلا أنه لم يتجاوب أحد مع هذه المحاولات، ليحضر بعذ ذلك نديم الصنعاني، أحد قادة كتائب أبو العباس.. حينها فر الملثمان واستأنف العمال مهمة ترميم أحد الرموز المهمة في تعز "ثانوية تعز الكبرى".

وقبل عامين نفذ الهلال الأحمر الإماراتي مشروع السلة الغذائية في تعز، بالتنسيق مع بيت هائل سعيد أنعم، حيث تم وضع قاعدة بيانات دقيقة وتم توزيع السلة الإماراتية لكل أسرة في أحياء تعز التي كانت تحت سيطرة المقاومة حينها حتى لو داخل المنزل 4 أخوة متزوجون يتم تسليم كل منهم سلة مستقلة، وتشمل احتياجات المطبخ كاملة حتى ملح الطعام، وقدرت قيمة السلة حينها بأكثر من 200 دولار.

وبعد نجاح المشروع وتحول الهلال الإماراتي إلى نموذج للنجاح في الوصول إلى المستهدفين داخل تعز المحاصرة، حينها، اعتبر الإصلاح هذا النجاح تهديداً له ولنشاطه في العمل الخيري، إضافة إلى أن السمعة الجيدة التي سوقها نجاح المشروع عن الهلال الإماراتي أوجعت قلب الإصلاح كثيراً، وتعاطت مع هذا النجاح كاختراق إماراتي لبيئة يعتبرها الإصلاح خاصة به أو حاضنة له حصرياً حتى ولو بالإكراه.

وبما أنه كان مقرراً أن يستمر المشروع شهرياً في إمداد الأسر المحاصَرة داخل تعز بالسلة الغذائية المقررة، كان على الإصلاح أن يتدخل لإنهاء المشروع.. لذلك كان الملثمون هم الحل، حيث هاجم ملثمون عدداً كبيراً من لجان توزيع البطاقات التموينية، واعتدوا على عدد منهم بالضرب أو إطلاق النار على منازلهم أو تهديدهم وترويع أسرهم، وكان للإصلاح ما أراد، ونجح في حرمان الأسر المحاصَرة من عون غذائي مهم، وأوقف الاختراق الإماراتي الذي اعتبره تهديداً وجودياً لأحد أهم قطاعاته المعتاشة على الحرب والمجاعة.

بعد ذلك انفرد الإصلاح بإدارة وتنفيذ المشاريع الخيرية في تعز، واحتكر عبر إئتلاف الإغاثة، الذي شكله كذراع إصلاحية، مشاريع مركز الملك سلمان والمشاريع القطرية والكويتية ومشاريع برنامج الغذاء العالمي، ووصل الأمر إلى اختفاء أكثر من نصف مليون سلة غذائية في مخازن الإصلاح وجمعياته المشغلة للعمل الخيري.

وانسجم الإصلاح كثيراً مع عمليات فساد كبيرة حصلت وتحصل في مشاريع الإغاثة، حتى تلك القادمة عبر الأمم المتحدة، حيث وصل الحال أن تتقزم السلة الغذائية الواحدة إلى ما دون ال 30 دولاراً، بينما أقل قيمة للسلة يتم احتسابها ب 100 دولار كأقل ربط متعارف عليه من قبل مركز الملك سلمان أو برنامج الغذاء العالمي.

استثمر الإصلاح الحرب والحصار في تعز من أجل السيطرة على كل المشاريع المرتبطة بالوضع الداخلي للمدينة، في محاولة لإعادة بناء قوة سيطرة مجتمعية تربط العطاء بالولاء وتجعل من عناصره وقياداته في كل مربع مقصداً لمن يقطنون جوارهم في ذات المربع، غير أن هذا السلوك الانتهازي لم يحصد أي نجاح يذكر، بل فاقم حدة النقمة على الإصلاح خصوصاً مع فشل ذريع لازم الوحدات العسكرية في ضبط أداء أفرادها وأصبح كل خطأ يرتكبه مجند إصلاحي، ولو كان فردياً، عملاً ممنهجاً بالنسبة للعامة.

ومقابل هذا الاحتكار الإصلاحي في المدينة نجحت مشاريع أخرى نفذها مشايخ وقيادات محسوبة على المؤتمر الشعبي العام في ريف الحجرية ارتبطت بالدكتور رشاد العليمي المتواجد في الرياض، والذي نسق إيصال الدعم المادي والغذائي لهذه المبادرات.. وهذا النجاح، خصوصاً في أوساط النازحين من مناطق القتال في ريف تعز، أفقد الإصلاح أيضاً رصيداً مضاعفاً من سمعته المعطوبة أصلاً.

ومؤخراً دشن الصندوق الاجتماعي مبادرات مجتمعية في ريف ومدينة تعز تبدأ بانتخاب مجالس مجتمعية تكون مهمتها إدارة وتوزيع المعونات الغذائية وتقديم دراسات بمشاريع مجتمعية مدرة للدخل، ولوحظ فوز قوائم أحزاب التنظيم الناصري والمؤتمر وشخصيات مستقلة، في حين كان الإصلاح الخاسر الأكبر في هذا العمل المجتمعي، وذلك يعد نتيجة طبيعية للأداء المقدم من قبل إصلاح تعز في سنوات الحرب الثلاث.

معركة الإصلاح في تعز بادعائه تمثيل الشريحة الأكبر خاسرة، كونها تتجاوز الواقع الحقيقي لتوجهات العامة السياسية واهتماماتهم في المرحلة الراهنة والتي تتجه نحو إنهاء تحرير المحافظة وتطبيع الحياة فيها واستعادة عمل مؤسسات الدولة وأذرعها وليس إشعال معارك جانبية تحت شعارات تظهر المصلحة العامة وتبطن مصلحة الحزب.

لا يمانع أبناء تعز ونخبهم من تمدد أنشطة الهلال الأحمر الإماراتي في تعز، كون هذا التمدد يجلب المصلحة أولاً، وهذا هو الأهم بالنسبة لهم، فالمواطن التعزي الذي يسكن في الضربة أو الروضة أهم معاقل الإصلاح سابقاً يهمه أن يتسلم راتبة شهرياً، وزيادة خير إن وصلته سلة غذائية إلى باب منزله حتى وإن كانت قادمة من أبوظبي، وليس مهماً بالنسبة لهذا المواطن أن يرفض اللواء خالد فاضل الاختراق الإماراتي لمربعات تعز الإصلاحية.

فشل الإصلاح في تعز بإقناع الخارج بأنه الرقم العسكري الأول ومن سيحرر تعز، وفشل في إقناع الداخل بأنه الأنجح إنسانياً في إدارة مشاريع البطون المحاصرة والجائعة، ولم يعد أمامه سوى مشروع الملثمين لخلط الأوراق والوصول إلى غاياته البعيدة عن الواقع، وقد لا تختلف سطوة الإصلاح عسكرياً في تعز عن الوجود الحوثي في تهامة.