الشيخ والمستشار.. صراع على زعامة تعز أم لعبة تقاسم أدوار برعاية قطرية ضد الرياض؟

السياسية - Sunday 27 October 2019 الساعة 11:40 am
عدن، نيوزيمن، جابر راوح:

في أحد اجتماعات لجنة تعز الأمنية يظهر القادة العسكريون على طاوله صغيرة وهم متراصون كطلاب في فصل دراسي بمرحلة ابتدائية لا توجد مساحة كافية لجلوسهم.

جميعهم بالزي العسكري باستثناء الجوكر سالم يلبس بدلة عادية، وسالم هو مستشار لقيادة المحور غير أنه هو صاحب القرار والبقية مستشارون بمن فيهم قائد المحور اللواء سمير الحاج الذي كان يصغي باهتمام وأدب جمّ لحديث سالم، في حين بعض القادة مطوا رقابهم للأمام، وكأن سالم يقول لهم سراً.

لم يعد سراً نفوذ سالم وحضوره الطاغي على القرار في تعز، غير أن عودة الشيخ حمود المخلافي إلى الواجهة يطرح تساؤلات عن إمكانية خروج الصراع بين سالم والمخلافي إلى العلن بعد أن كان سالم نجح سابقاً في استخدام صادق سرحان، رجل علي محسن المخلص، قفازاً لدفع المخلافي إلى الخارج واتهام الإمارات بذلك.

مجلس تنسيق المقاومة والمجلس العسكري كانا أحد الساحات التي شهدت صراع سالم المستشار والشيخ حمود، ومن هناك بدأت مؤامرات الإخوان على رجلهم القوي في تعز، حمود المخلافي.

الشيخ حمود اكتسب قوته من غياب مشايخ تعز الكبار عن المشهد في تعز منذ العام 2011 باعتبارهم محسوبين على المؤتمر، وبعد 2015 غادروا إلى مناطقهم وتركوا الساحة فارغة ليتصدر حمود واجهة القتال ضد مليشيات الحوثي في تعز، وكان سالم المسؤول الخفي عن إدارة التمويل والتسليح.

انفصلت قوات المخلافي عن قوات سالم التي تمثل الجناح العسكري للإخوان بعد نحو عام واحد فقط من الحرب، وذهب المخلافي لتشكيل قوات تتبعه، وسالم يجهز قوات الإصلاح.. ليتم بعد ذلك إزاحة الشيخ إلى الخارج، وتسيد المستشار سالم للمشهد في تعز كرجل أول بحكم أن الجيش والأمن يتبع حزب الإصلاح، في حين السلطة المحلية سلطة بدون قرار، وحين جاء أمين محمود محافظاً وأراد انتزاع القرار تم إقصاؤه بنفوذ علي محسن الأحمر.

انعزل المخلافي عن تعز وقضى أكثر من عامين خارج اليمن وعاد العام الماضي إلى سلطنة عمان وبدأ منها تحركاً جديداً افتتحه بعلاج عدد من جرحى الحرب في تعز على نفقة سلطنة عمان، بينما هو يقول على نفقة فاعل خير.

مؤخراً أعلن المخلافي عن تدشين عملية بناء جيش خاص به، ودعا الجنود الذين يقاتلون في الحدود إلى العودة والالتحاق بمعسكرات إعداد خاصة به، وقال إنه حصل على دعم لتجنيد 10 آلاف مقاتل، وفعلاً بدأ التسجيل في تعز ومأرب.

ظهور المخلافي مستنداً إلى دعم قطري عماني لتفعيل حضوره السابق في تعز لا يمكن أن يقبل به المستشار سالم، ولا تحتمل تعز كجسد أن تتحرك برأسين خصوصا وأن الاثنين لا يقبلان ببعض وهم في حزب واحد.. المستشار محسوب على الجناح المتطرف داخل الإخوان، بينما المخلافي ضابط المخابرات كان يوما في حزب المؤتمر وفلسفته في التعامل مع الآخرين كشيخ أكثر منها كقيادي إخواني.

تعز.. واتفاق الرياض

فرض اتفاق الرياض متغيراً جديداً في تعز، حيث لم يعد المجلس الانتقالي ضمن بنك أهداف جيش الإصلاح بموجب الرعاية السعودية للاتفاق.. وعملياً يصبح سالم وجيشه محكومين بتحرك الشرعية ومن فوقها الرياض، وهذا يجعل تعز خارج دائرة النفوذ القطري ولو مؤقتاً.

تحول الشيخ حمود إلى ورقة رابحة لقطر كونه غير مقيد بتفاهمات الشرعية والانتقالي، وامكانية بناء جيش له في تعز أمر وارد، وقد بدأ عملياً.. غير أن سالم لا يمكن أن يقبل بجيش موازٍ لجيشه داخل تعز، مع العلم أن الشيخ حمود قادر على استقطاب أفراد وقيادات مجاميع كونه بدأ معهم القتال.

إصلاح تعز أمامه ثلاثة خيارات للتعاطي مع المرحلة: احتواء الشيخ حمود المخلافي من خلال تعيينه محافظاً لتعز، وتقديم سالم تنازلات معينة وبقاء الجميع تحت امرة التوجه السعودي في تجميع الكل ضد المليشيات بموحب اتفاق الرياض.

أما الخيار الثاني هو رفض أي دور للمخلافي وقمع تحركات أنصاره الذين يجندون في تعز، وهنا سيكون الصدام بين الطرفين له أوجه عدة ومتشعبة، وستدفع تعز ثمنها انفلاتاً أمنياً إضافياً، وظهور أنصار الشيخ حمود في الشارع كثوار امتداداً ل2011م.

والمسار الثالث اتفاق على تقاسم أدوار بين الشيخ والمستشار بتنسيق قطري وتحويل تعز إلى ساحة لاستهداف الرياض كما كانت ضد الإمارات، وتمكين المخلافي من بناء قوة عسكرية لتعزيز حضوره كرقم وخط تواصل مع عمان وقطر ومليشيات الحوثي.