دولتان وجماعتان.. التوأمة الخليجية وضرب المتشابهات في حرب اليمن

السياسية - Saturday 02 November 2019 الساعة 09:26 pm
نيوزيمن، كتب/ محمد عبدالرحمن

الحرب في اليمن يمكن القول إنها مطاطية، متشابكة، متشعبة، لكنها واضحة في اتجاهات أطرافها المحليين والإقليميين، ومترابطة -أي الاتجاهات- بالشكل الذي معه يستطيع الأُميّ التمييز بما يجب أن يكون وما لا يجب أن يكون، فلا توجد بقعة رمادية تحجب الرؤية الواضحة المجردة من شوائب الزيف والخداع الذي تمتهنه الجماعات المتطرفة في اليمن "الإخوان -الحوثي" وخلفهما إقليمياً "إيران - تركيا".

لا يختلف اثنان أن ملف الحرب تمسك بزمامه دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، وليس ترفاً تحمل المسئوولية في ذلك، وإنما لأهمية اليمن كعمق استراتيجي وأمني لهاتين الدولتين، وتدخلهما نابع من هذه الأهمية بالدرجة الأولى، وثانياً تلبية للدعوة الموجهة إليهما لإنقاذ الدولة والمجتمع من مخالب الإرهاب الإيراني الذي هتك صنعاء وأسقط أسوارها.

ألقت السعودية بكل ثقلها على جماعة الإخوان في اليمن كحليف محلي يساندها في المعركة، وفتحت خزائنها لهم بالأموال، ومخازنها بالأسلحة، ومدرجاتها بالطيران، وفنادقها للقيادات منهم، ومع كل ذلك النجاح الذي أظهرته لهم المملكة إلا أنهم فشلوا في إدارة المعركة، بل وساهموا في نتائجها السلبية على المملكة وعلى مسار الحرب بشكل عام.

ليس فقط فشلوا في إدارة المعركة، بل أيضاً حاولوا خلق الأعداء للمملكة وتحويل الأطراف التي تقاتل جماعة الحوثي والمناوئة له إلى أعداء، وخاصة تلك التي تتعارض مع الإخوان بالفكر والنهج والرؤية، تخوفاً منهم بتخلي المملكة عنهم بعد ثبوت فسادهم وفشلهم وانكشاف أهدافهم ومطامعهم.

بعد سنوات الحرب هذه اتضح للجميع أنه لا يوجد ترابط في الأهداف والاتجاهات بين المملكة والإخوان، لا فكرياً ولا في مسار أهداف الحرب، حاولت المملكة أن تثبت واحدية الهدف مع هذه الجماعة وبذلت أموالها وسياستها وامكانياتها لكنها لم تستطع، تلك المحاولات باءت بالفشل، وفي كل مرة تجد نفسها في القيمة الصفرية من نتائج أهداف الحرب المعلنة، وهذا يشكل عبئاً عليها وعلى سياستها الخارجية وموقفها الدولي.

لقد خدعت جماعة الإخوان المملكة بتمويهها بواحدية الهدف وتحقيق الانتصار، وهذا ما شجعها على أن تثق بهم، لسبب آخر أيضاً هو عدم وجود الحليف البديل عند بداية الحرب، ولأن العلاقة بين القبائل اليمنية الموالية للإخوان هي الرديف الدائم والحليف الدائم للمملكة منذ ستينيات القرن الماضي، هذه العلاقة كان يحددها المال عبر اللجنة الخاصة ولا يحددها ولاء فكري أو رؤية معينة.

تمر المملكة بتغييرات جوهرية تختلف تماماً عن التوجهات السابقة لها، وهذا يخلق التعارض الكبير بين توجهات الإخوان المرتبطة أصلاً بالتوجهات التركية وبين الرؤية السعودية الحديثة التي تسعى إلى إنهاء التطرف ومحاربة الجماعات المتطرفة الإرهابية، مما أدى بجماعة الإخوان إلى محاولة إغراق المملكة وإفشالها في الحرب، إعلاءً لتوجهاتها وأهدافها وترابطها وتماهيها مع التوجه التركي.

ولأول مرة يمكن القول إن المملكة بدأت تحد من سلطوية جماعة الإخوان وتفردها بالشرعية لصالحها، وذلك عبر اتفاق الرياض المزمع توقيعه هذا الأسبوع، بين الشرعية والمجلس الانتقالي فيما يتعلق بمناطق الجنوب وإدارتها، هذه الخطوة تفتح للمملكة أبوابا لتحقيق أهداف عاصفة الحزم بشكل سريع بدون جماعة الإخوان، وأن عودة الدولة إلى صنعاء ممكن بدون هذه الجماعة التي تعيق ذلك.

أدركت الإمارات أن جماعة الإخوان تمثل عائقا كبيرا في تحرير اليمن وإنهاء الانقلاب الحوثي، رغم محاولاتها مع هذه الجماعة لإعادة بوصلتها وتجريدها من توجهاتها الفكرية التي تضر بالمصلحة العليا لليمن، وإعادة مسار الحرب نحو جماعة الحوثي واستعادة صنعاء.

وهنا نجد الدور الإماراتي وحلفاءها كان واضحاً وملموساً في مناطق الجنوب والساحل الغربي، ولأن حلفاءها "المجلس الانتقالي الجنوبي - والقوات المشتركة في الساحل الغربي" يمتلكون أهدافا واضحة تصب في المصلحة العامة لليمن، كانت النتائج على الأرض سريعة وواضحة، ولترابط التوجهات العامة للإمارات وحلفائها في محاربة التطرف والجماعات الإرهابية، ساهم ذلك في تحقيق الانتصارات وتطبيع الأوضاع في المناطق التي تم تحريرها.

استطاعت الإمارات وحلفاؤها إعادة ضبط مسار المعركة، وتصويب الأهداف بشكل حقيقي وسريع، مما أزعج الإخوان وأخاف الحوثي، وربما وضع المملكة في موقف محرج باعتمادها على حليف فاشل وخائن رغم الإمكانيات الضخمة.

لا يوجد تعارض بين أهداف المملكة والإمارات في اليمن، والانسجام التام بينهما يتمثل في مواقف أخرى خارج إطار الحرب، تشتركان في هدف محاربة التطرف والجماعات الارهابية، وتتفقان على وجود يمن آمن ومستقر، لأن هذا الاستقرار سينعكس ايجاباً على دول المنطقة والملاحة الدولية في مياه البحر الأحمر وخليج عدن، بعيداً عن مخالب إيران وارهابها، وتحت عنوان الاستقرار تكمن اهداف كثيرة مشتركة بينهما

ربما يمكن التعارض بين الحلفاء المحليين، نظراً لاختلاف الأيديولوجيا والاتجاهات العامة، فجماعة الإخوان تنطلق لتحقيق غاياتها الشخصية لقياداتها والأيدولوجية المرتبطة بدول أخرى، ولا تمثل لها السعودية إلا خزائن من الدولارات تأخذها تحت مسمى الشرعية وإعادتها إلى صنعاء، وتتفق مع جماعة الحوثي في استمرار الحرب وإدارتها لصالحهما محلياً ولصالح إيران وتركيا إقليمياً، في مقابل ذلك نجد الانسجام في الأهداف بين المجلس الانتقالي والقوات المشتركة المتمثلة في تحرير اليمن وقطع مخالب إيران، وتبقى التفاصيل الأخرى هامشية أمام المعركة الكبرى لاستعادة صنعاء وتأمين الجنوب.

تتفق السعودية والإمارات على وأد التطرف والإرهاب وعودة الاستقرار إلى البلاد، وتتفق جماعتا الإرهاب "الإخوان والحوثي" على استمرار الإرهاب وزعزعة الاستقرار، ليس في اليمن وحسب، بل أيضا في المنطقة باعتبارها أدوات وظيفية إرهابية بيد دول أخرى.

الطريق واحد أمام الإمارات والسعودية للوصول إلى نهاية لهذه الحرب واستعادة الدولة اليمنية والاستقرار للبلاد، هذا الطريق يكون سالكاً عندما يتم ضرب جماعات التطرف والإرهاب المتمثلة ب"الإخوان والحوثي" بشكل يقضي على أحلامها وإمكانية عودتها وسيطرتها على الحياة العامة للناس وتنفيذ أجندات لدول تمتهن الإرهاب عبر العصابات المحلية المتطرفة.