طارق صالح.. مبعوث ديسمبر الجمهورية وصورة الاستمرارية لمبادئ الشهيدين

السياسية - Monday 02 December 2019 الساعة 03:08 pm
نيوزيمن، كتب/محمد عبدالرحمن:

من ضمن ثلة قليلة خاضت معركة ديسمبر الجمهورية كان طارق صالح أحد رجالاتها، هذه الثلة التي صنعت ملحمة غيرت مسار الحرب في اليمن على مختلف الأصعدة، وصنعت ثورة جديدة في سبيل الدفاع عن الجمهورية التي تحاول جماعة الكهنوت سلبها واستبدالها بالإمامية.

لن أخوض عن هذا الرجل في ما قبل ديسمبر، ولكنني سأتتبع أحداث ما بعده كرجل شارك في صناعة ثورة الدفاع عن الجمهورية الثانية، وخاض معارك شرسة ضد الإماميين الجدد، وبذل دمه وأسرته في سبيل هذا المبدأ الوطني وقاتل دفاعاً عنه.

في أحياء صنعاء كانت المعركة شرسة بين المئات من جماعة الكهنوت وبين عشرات من حراسة بيت الشهيد الصالح ومن ضمنهم طارق الذي بقي ملازماً للرئيس السابق بعد أن سلم السلطة بشكل سلمي وعاد إلى بيته، صنع مع رفاقه الأبطال ملحمة سجلها التاريخ في بدايات الجمهورية الثانية ومخاضات ولادتها العسيرة.

شكل رقماً صعباً أثناء معركة ديسمبر وزرع الخوف بين أتباع جماعة الكهنوت، مما جعلهم يستهدفون في بدايات الأمر منزله من أجل كسره ليسهل عليهم خوض المعركة بثمن بسيط، ورغم ذلك لم يستطيعوا ولم يتمكنوا من ضرب عزيمته في فرض الحصار على تحركاته، وبقي الرجل هو القلعة الصلبة أمام حشود الإرهاب الكهنوت.

دافع عن بيته وعن بيت الرئيس السابق ولم يتوان أو يتخاذل أو يتراجع قيد أنملة عن القتال حتى آخر طلقة رصاصة، تحمل جرحه النازف ولم يغادر، تألم من الخذلان الذي يتوقعه من البعض ورفض أن يغادر، وكيف يغادر وهو المؤتمن على بيوت عائلة وحياة الشهيد الصالح.

بعد انتهاء معركة ديسمبر واستشهاد الزعيم ورفيقه الأمين، كان لا بد من مبعوث شاهد على الدماء الجمهورية ولديه القدرة على أن يحافظ عن ولادة هذه الثورة وانتصارها وتشكيل القوة من أجل المبادئ والقيم التي سار عليها كل الأبطال بدمائهم.

الرؤية التي لا بد أن أتصورها في مرحلة هي الأصعب في تاريخ الجمهورية، وربما يمكن القول الأيام المفصلية في تاريخ اليمن والذي سيتغير بعدها بشكل لم يتوقعه أحد، في آخر اللحظات، وبينما كان الزعيم ورفيقه الأمين وطارق ومن يقاتل معهم يخوضون اليوم الأخير في المعركة كان لا بد من تكتيك جديد يصنع المجد ولا يعطي الحوثي لذة الانتصار.

يقرر الشهيد الصالح ورفيقه الأمين أن يغادر طارق صنعاء ويترك الأمر للقدر يكتب النهاية لهم، القرار الإجباري الذي أُرغم طارق على تنفيذه من الزعيم صنع له جرحاً في أعماقه أكبر من جرح جسده، لأن الرغبة كانت تلبسه وتتملكه في القتال حتى آخر قطرة دم في جسده، حياة أو موتاً مع الزعيم والأمين.

حنكة الرئيس السابق تجلت في تلك اللحظات التي أجبر فيها طارق على أن يغادر، وذلك القرار الذي يمكن تبويبه في صفحات أولية لولادة الجمهورية الثانية واستمرار الثورة، وبالفعل كان القرار صائباً يصب في مصلحة البلاد ونظامها وثورتها ومبادئ الجمهورية.

ماذا لو لم يغادر طارق صنعاء؟! كان الآن سيكون ميتاً بالفعل، وكانت الأمور ستتوج بالنصر للحوثي، وتنتهي آخر فصول الجمهورية، لو بقي طارق في صنعاء ما كنا سنشهد تشكيل المقاومة الوطنية التي أعادت الدم الثوري والجمهوري لكل اليمنيين وحررت الساحل الغربي واكتسحت الساحل بقوة ضاربة، أفقدت جماعة الكهنوت صوابها.

حياة طارق صالح وبقاؤه شكلت البداية في طريق نجاح ثورة ديسمبر الجمهورية، كان لا بد من أن يكون هناك قائد يغير مسار المعركة، قائد ولد في معركة ديسمبر وقذائفها، ولد ليكمل ما بدأه الشهيد الزعيم ورفيقه الأمين ضد أقبح وأبشع جماعة إرهابية عرفها التاريخ اليمني هي جماعة الكهنوت الحوثية.

تشكلت قوات حراس الجمهورية بقيادة طارق، وأتى للانضمام إليها شباب من كل منطقة ومديرية، يجمعهم الولاء للجمهورية ومبادئها، هذه القوات التي كان لا بد من ولادتها أيضاً لتكتمل عناصر ثورة الجمهورية ويولد معها الأمل للشعب من جديد، وحقق الله الهدف الذي من أجله اتخذ الزعيم قرار الإجبار… وكان وعد الله مفعولاً.

جماعة الكهنوت الحوثية لم تجد متنفساً يعانق طموحاتها الكهنوتية، على الرغم من المساندة التي تقدمها جماعة الإخوان، هذه الأخيرة أيضاً وجدت في نجاة طارق صالح وظهوره بقوات حققت الإنجاز والتحرير في الميدان، طعنة لمشاريعها وأحلامها في السيطرة على السلطة وتقاسمها مع الحوثي شمالاً وجنوباً.

طارق صالح هو الرجل الذي ولد من رحم ديسمبر الجمهوري، وبسببه استطاع حزب المؤتمر أن يتماسك قليلاً، وبسببه تشكلت طلائع الأمل الكبير في التخلص من الكهنوت بعد أن خذل الإخوان الشعب والدولة والجمهورية.

حاولت جماعة الإخوان والحوثي تشويه صورة هذا الرجل وأسرته واتهامه بترك الزعيم والأمين، وحاولت أن تلصق به العديد من التشويهات وخاصة عقب ديسمبر الجمهوري، من أجل أن يسقطوا من عقول الناس الأمل الجديد الذي ولد معه، لكن تلك المحاولات باءت بالفشل، وأصبح اليوم طارق ومن معه في حراس الجمهورية الملاذ لكل من يريد القتال دفاعاً عن عرضه وشرفه وجمهوريته ضد الكهنوت الرجعي.

طارق صالح سنقف معه ونقف مع كل شخص يحمل بندقيته يدافع عن هذه البلاد من وباء الإرهاب الكهنوتي الحوثي والجماعات الدينية المتطرفة، مؤمنين بأن اليمن ومسارها السياسي والعسكري ما بعد ديسمبر ليس كما قبله، وأن صنعاء محرمة على الحوثي البقاء فيها، وهذا عهد الرجال في حراس الجمهورية.