جامع الصالح.. تعبير اليمنيين عن مقاومتهم لمليشيات الحوثي

تقارير - Monday 23 December 2019 الساعة 09:46 pm
صنعاء، نيوزيمن، سمير الصنعاني:

(أنا خارج الآن من جامع الصالح)، هكذا رد أبو محمد السالمي على اتصال تلفوني عقب صلاة الجمعة... وأتبع رده بضحكة مدوية. وأضاف لمهاتفه: (لو تعلقوا عشرين لوحة سيظل اسمه جامع الصالح)، وأنهى المكالمة.. وبدأ يحدث الخطى لمغادرة باحة الجامع.

أثار ذلك فضولي، فاقتربت منه وسالته: هل كنت ترد على أحد الحوثيين..؟ فأجاب نعم: إنه صديقي ويغضب كلما قلت له إنني أصلي في جامع الصالح ويقول إن اسمه جامع الشعب، منهيا كلامه بالقول: الحقيقة لا يمكن أن تغيرها لوحة بمسمى جديد.. فما بالك حين يكون الاسم مرتبطا بشخص عظيم كالشهيد علي عبدالله صالح.

في سياق متصل كان أحد القيادات الحوثية العاملة في الجمارك يتصل بأحد السائقين ويطلب منه المجيء إلى ساحة جامع الصالح التي حولتها المليشيات إلى مقر لجباية جمارك السيارات ومركبات النقل، وقال له: تعال الآن إلى الساحة الخلفية لجامع الشعب، فرد عليه السائق: أين يقع جامع الشعب؟ فرد القيادي الحوثي: في السبعين إلا تعرفه.. ومرة أخرى يسأله السائق اين بالضبط في السبعين، فاستشاط القيادي الحوثي غضبا وقال له: جامع الصالح هل أعجبك ذلك... فضحك السائق وقال له: كنت تقول جامع الصالح من الصباح.. مابش حاجة اسمها جامع الشعب الا عندكم فقط.

ويقدم كلام ابو محمد السالمي وقصة ذلك السائق صورة لحقيقة أن جامع الصالح يقدم صورة رمزية قوية لمدى المقاومة التي يبتدعها الناس خصوصا من العامة في وجوه المليشيات الحوثية فيما يتعلق باسم ورمزية وتاريخ الشهيد علي عبدالله صالح.

وبدأت مساعي تغيير اسم الجامع تسليم الرئيس السابق الشهيد علي عبدالله صالح للسلطة في العام 2012م حيث عمد الإخوان المسلمون (حزب الإصلاح في اليمن) ومعهم قيادات المليشيات الحوثية آنذاك والذين كانوا يقودون المظاهرات في ساحة الجامعة معا إلى اطلاق اسم جامع الشعب على جامع الصالح ظنا منهم ان ذلك كفيل بان يمحي تاريخ واسم الرئيس صالح، لكن محاولاتهم باءت بالفشل، لتعود المليشيات الحوثية لتكرار تلك المساعي عقب انتفاضة ديسمبر 2017م وتعلق لوحة كبيرة عليها اسم جامع الشعب عند بوابة جامع الصالح، لكن الجامع والرمزية التي يحملها اسمه وحب الناس للرئيس السابق الشهيد علي عبدالله صالح لا تزال الصخرة التي تتحطم عليها محاولات المليشيات الحوثية لتحقيق هدفهم.

وبالرغم من كل الإجراءات التي اتخذتها المليشيات الحوثية ومساعيها لإحداث تغييرات تهدف إلى محو اسم الصالح من الجامع وسيطرتهم عليه وتعيين خطبائها فيه وترديد صرخة الموت الخاصة بهم في صلاة الجمعة، إلا أن مقاومة الناس لتلك المساعي تبرز ليس فقط في ترديد اسم الصالح على الجامع، بل وفي تعرية المليشيات الحوثية من خلال تقلص عدد المؤدين للصلاة فيه خصوصا في يوم الجمعة حيث لم يعد يؤدي الصلاة فيه سوى عشرات المصلين رفضا لسماع خطباء المليشيات وصرختهم في الجامع، فيما يقاوم آخرون برفض اداء صرخة الحوثي داخل مسجد الصالح رغم ترددهم عليه.

وتعد وصية الشهيد الزعيم علي عبدالله صالح بدفنه في ساحة الجامع أحد أبرز الأسباب التي تثير قلق المليشيات الحوثية، ولذلك تجاهد في استخدام شتى الطرق لمحو اسم الصالح من الجامع.

ويقول علي محمد: إن ما تفعله مليشيات الحوثي في جامع الصالح يندرج ضمن مشروعها في السيطرة على المساجد وتحويلها إلى منابر لخدمة أهدافها في المتاجرة بالدين، مردفا: لكن الحوثيين مهما فعلوا سيفشلون في محو اسم الصالح، فالجامع ارتبط اسمه ببانيه، ولعل رفضهم حتى الآن تسليم جثمان الزعيم يندرج ضمن محاولاتهم محو اسمه من ذاكرة الناس، مضيفا: لكن ذلك لن ينجح وسيأتي اليوم الذي تنفذ فيه وصية الزعيم الشهيد صالح بدفن جثمانه في ساحة الجامع.

ويعد جامع الصالح أكبر جامع في اليمن، حيث سمي نسبة إلى الشهيد الزعيم علي عبدالله صالح الذي بنى الجامع ليكون أحد أهم المعالم الدينية في اليمن بل والمنطقة.

ويتسع الجامع الذي تم افتتاحه في يوم الجمعة 23 من ذي القعدة 1429 هجرية الموافق 21 نوفمبر 2008م لخمسة وأربعين ألف مصل و2000 امرأة، ويضم كلية الصالح للقرآن الكريم والعلوم الإسلامية.