عندما تحوّل ألغام المليشيات 5 أشقاء لكومة من اللحم والدم برمة المخا

المخا تهامة - Saturday 15 February 2020 الساعة 10:17 am
المخا، نيوزيمن، أنور الشريف:

محا التهجير القسري وما رافقه من رماد كل أثر لرائحة البصل التي كانت تعمر أجواءه كلما ألقى يوسف وإخوانه على أرضه من أكتافهم سلالاً وصرراً مملوءة بصلاً طرياً قدموا به لتوهم من مزرعة والدهم.

يقول يوسف "هجرتنا مليشيا الحوثي من منزلنا الكائن في الساحل الغربي، وعدنا إليه بعد أن حررته القوات المشتركة، كان المنزل شبه مدمر، ولم يكن هذا شيئاً بالنسبة لنا مقارنة بمخاوفنا من الألغام التي تحيط به".

يستدعي يوسف المشهد إلى ذاكرته، إلا أنه سرعان ما يتمزق كبالونة ضوئية تنفجر بالأصفر الذي يأخذ في الاحمرار ويذوبا معاً في عتمة طاغية.

يواصل يوسف: "تناولنا وجبة الغداء (هو وإخوانه الخمسة) ومن ثم استقللت الموتور (دراجة نارية) وركب إخواني خلفي رغم أنه لا يتسع لأكثر من ثلاثة إلا أننا نصعد عليه ملتصقين ببعض، كونه وسيلة تنقلنا الوحيدة".

يضيف: "خرجنا متجهين إلى الحقل لمزرعة البصل، وفي منتصف (فجأة يصمت يوسف وكما لو أن البصل تحول إلى قنابل تهتز ذاكرته على وقع انفجار دراجته النارية وغرغرة مختلطة لإخوانه الخمسة قبل أن يغرق أربعة منهم في صمت أبدي)، أشعر كما لو أني من قتلهم وليس اللغم الحوثي لمجرد أني بقيت على قيد الحياة"، ترشح حنجرة يوسف بالحديث.

"بعد أسبوع من الغيبوبة في مشفى المخا استيقظت أسأل عن إخوتي، أخبروني أنهم يعملون في المزرعة، غمرتني فرحة شعرت بها تهبط من شفاهي إلى أعلى ركبتيّ قبل أن تتجمد هناك، تحسست سيقاني ولم أجدها".

أخي معاذ بجانبي الآن، نحاول أن نكمل بعض بما تبقى من أجسادنا، إلا أننا لا نستطع أن نكمل جسد العائلة أو نوقف موت أمي البطيء كمداً في خسارة أربعة من أولادها.