حنين العودة إلى موزع كلفه قدمه!

المخا تهامة - Monday 16 March 2020 الساعة 08:12 am
موزع/ المخا، نيوزيمن، خاص:

عندما اجتاحت مليشيات الحوثي مديرية موزع قرر الشاب يسير إبراهيم، الرحيل عنها، مثلما فعل العديد من السكان الذين غادروا بلداتهم الريفية في هذه المديرية تحت تأثير المخاوف من الوقوع في قبضة العصابة الحوثية.

ترك قرية الضويحه في موزع وتوجه إلى محافظة أبين وكانت مشاعر ألم الفراق تخنقه، غير أن الأمنيات بحياة أكثر أمناً كانت تبدد بعضاً من أحزانه.

لكن النزوح يولد ظروفاً معيشية صعبة، والأسر الهاربة من جحيم حرب المليشيات تترك خلفها كل شيء لتبدأ حياة معدمة، فلا دخل مالي ولا أثاث ولا أرض زراعية تغاث من عائداتها.

وفي أبين مكث ذلك الشاب الأسمر أشهراً طويلة بعيدا عن بلدته الريفية، وكلما طال أمد الفراق، يوقض براكينَ من الشوق بالعودة إليها.

يقول لنيوزيمن، كنت أجلس وحيدا قبل شروق الشمس، أتذكر كل شيء جميل بقريتي، هواءها، تربتها، اخضرار أرضها، عصافيرها وزقزقاتهم، أتذكر الأصدقاء، أتذكر الأهل والأحبة، أحن لها كما يحن الطفل إلى حضن أمه، كان ذلك على مدى عامين قضيتهما في أبين.

يضيف، ما إن سمعت بتحريرها من مليشيات الحوثي حتى غمرني الفرح، ولم أحتمل البقاء كثيرا، فقررت العودة رغم المخاطر المحيطة بها من ألغام وبقايا قذائف غير متفجرة، لكن حبي وشوقي بالعودة إليها، جعلني أتجاهل النصائح.

توقعاته بالأماكن التي زرعتها مليشيات الحوثي بالألغام لا تتجاوز المناطق القريبة من المواجهات، ولم يكن يخطر بباله أن زراعتها ستتخطى ذلك وستصل إلى منزله بل وفي الطرقات وأماكن العبادة.

عندما وصل إلى مشارف قريته، شاهد منزله وقرر السجود عندما تطأ قدماه عتبة المنزل، كانت تلك نظيرا للأمنيات التي تحققت، غير أن القدر كان أسرع من التمني، فلم يستطع دخول البيت، لأن لغما كان بانتظاره.

وضع خطوته الأولى داخل حوش المنزل فانفجر لغم حوثي، فقذفه في الهواء كما لو كان طائرا لكن بدون قدم.

يروي الشاب "يسير" تلك اللحظات بالمرعبة، وكيف أنقذه الأهالي وهو فاقد للوعي والدماء تتدفق من قدمه المبتورة في حادثة أليمة سيحمل آثارها بقية حياته.

يلوم نفسه على تهوره الذي أفقده جزءاً مهماً من جسده، ويرى أنه لو استمع إلى نصائح أصدقائه لكان اليوم في صحة وعافية، لكن "يسير" مصمم على العودة إلى حياته، متخطياً حاجز الإعاقة بنفسية تدفعها الإرادة والأمل على تجاوز محنته.