قلاع المخا.. معالم تاريخية ساهمت في حماية مدينة القهوة وشاهدة على نهضتها

المخا تهامة - Wednesday 01 April 2020 الساعة 09:12 am
المخا، نيوزيمن، إسماعيل القاضي:

قبل عقود من الزمن كان حراس المدينة يجلسون على سطح قلعة الساحل في المخا يرقبون الأعداء وأسلحتهم بنادق عادية من تلك التي تطلق رصاصة واحدة.

كان البحر يبادلهم تحيته صباحاً والسماء تبارك أعمالهم ليلاً، كما اليوم، تبارك القوات المشتركة وهم يدفعون عنها وبال ما قد تتعرض له مدينة التجارة والبن وقهوة الشاذلي الشهيرة.

قلعة بنيت بالحجارة بشكل دائري، شأنها شأن القلاع الأخرى، وقد طرزت بمادة "القضاض" التي تزين جدرانها من الخارج والداخل، وهي واحدة من قلاع عدة، تناثرت على رقعة تقدر بأربعة كيلو مترات مربعة، هي مساحة المخا المدينة.

أبراج وقلاع، ترافقها أشجار النخيل، فيها ثمار للناس وصد من الأتربة والرمل الزاحف، تجار يبيتون على مقربة منها وآخرون يدخلونها على حين غفلة من الغرب، قبل أن يغلق الحراس أبوابها لتسكن المدينة ويسكن معها النوارس والأمواج.

وآخرون اختاروا بناء منازلهم خارجها فيما كانت جمالهم المحملة، بالصوف واللبان والتوابل والبخور والعطور والعنبر وأشياء أخرى أفضلها القهوة الشاذلية تشق طريقها إلى وجهتها، هم خليط من أحباش، ويهود، أتراك، وفرنسيين، هنود، وصومال كانت تحميهم تلك القلاع، وبقوا في المخا وأسسوا عائلات جديدة فيها، واليوم تضم المدينة تجارا من اليمن قاطبة، هنا الحضرمي والتعزي والصنعاني والتهامي والعديني والعدني، جميعهم يشاركون نهضة المدينة ويضبطون إيقاع حركتها التجارية من جديد.

تحميهم قلاع المدينة وقلعة الساحل وقلعة طيار المخصصة للدفاع عن المدينة من الغزو الخارجي بحرا غربيَّ المدينة، وقلعة المواصلات التي لا تزال صامدة تعانق أفق المدينة.

هناك من طالتها أيادي الغدر كقلعة الحالي التي سويت بالأرض وسرقت أحجارها كما يقول جيرانها، حدث ذلك بوعي وبغير وعي، واليد التي سرقت قد لا تدرك حجم الجريمة التي ارتكبتها بحق الآثار والتاريخ والحضارة، الدولة يومها شاركت الجريمة وهيئة الآثار ومدير المديرية يومها محمد علي عثمان الذي غابت عن جدول اهتماماته آثار المخا.

قلعة العمودي لا تزال بنصف مبنى، تصارع وحيدة للبقاء، تحاصرها المباني والبيوت في ظل غياب الرقابة الحكومية عنها، كانت تلك القلعة جزءاً من حزام يحمي المدينة من الشمال، أما الجنوب فبقلعة صغيرة جوار البوابة الجنوبية.

قُصفت المدينة على فترات وغزوات متلاحقة عثمانيين انجليز برتغاليين وقبلهم الأحباش، فيما طمر بقيتها الباقية، سيل قادم من الشرق أخفى معالمها وجرف جزءاً منها إلى البحر وبعضها بقت لتصارع ما بعد السيل وازدهرت حتى القرن الماضي.

في 2020 تشهد المخا ولادة جديدة بعد أن حررتها القوات الجنوبية والتهامية بدعم مباشر من التحالف العربي، وهي أمام فرصة كي تعيد مجدها من جديد كمركز تجاري وميناء هام على البحر الأحمر، جعلها اليوم قبلة للمستثمرين والتجار والباحثين عن وطن مزقته عصابات الحوثي الإمامية.