يمنيون في إفريقيا خذلتهم الحرب واستوطنهم الضياع.. قصص مفتوحة على البحر واليابسة

تقارير - Thursday 16 April 2020 الساعة 11:50 am
القاهرة، نيوزيمن، محمد عبده الشجاع:

يوما عن آخر تثبت الشواهد على أرض الواقع في اليمن، والمعارك الدائرة، والاتفاقات الفاشلة، أن عودة النازحين واستتباب الأمن من الأمور المستحيلة؛ على الأقل في الأيام القادمة.

قبل أكثر من عامين قرر رضوان مغادرة صنعاء نحو الحبشة بعد أن فقد عمله، ولم يعد يستطيع الذهاب إليه كل صباح، ولا التجول في الأحياء للتحقيق في القضايا التي تهم العامة.

خسر رضوان أشياء كثيرة بما فيها حرية الحركة، لسبب ما يجهله حتى اليوم، تمت ملاحقته من قبل عناصر حوثية، قبل أن يزج به في السجن لأكثر من 8 أشهر متتالية.

لا ينبغي على المرء أن يتقبل الظلم بسهولة، يقول رضوان؛ على الأقل كان يقيني أنني ظلمت وأن الحرية سوف تأتي ولو بعد كتابة تعهد، بأن لا أسير في الشوارع وأنا كامل الإرادة.

بداية الرحلة بداية الوجع

تختلف قصص الرحلة والمعاناة من شخص إلى آخر، بعضهم تبدأ من عدن حيث يسافر بحرا فوق سفينة سياحية تتبع أحد المستثمرين واسمه (بامدهف)؛ يصلون إلى مدينة "بربرى"، ثم يواصلون رحلتهم إما طيرانا، أو تهريبا، أو بطرق رسمية.

>> يمنيون في إفريقيا.. قصص البحث عن وطن بديل وحياة بلا حرب: السودان (1)

يقول مشير الشميري، شاب في الثلاثين من عمره، من أين أبدأ، إننا نعيش أسوأ الظروف، نحن مقطوعون عن العالم هنا في"هرجيسا" أرض الصومال لاند.

يضيف، كل من يستقرون في الصومال عموما، لديهم ظروفهم الخاصة التي منعتهم من مواصلة الرحلة، نحاول أن نعمل من أجل أن تستمر الحياة.

نعيش بلا إقامة وبلا شهادات تمنحنا حق اللجوء، فلا "الأمم المتحدة" ولا "دي آرتي" التفتت لوضعنا.

التقارير الواردة من مقديشو هي الأسوأ على الإطلاق، حيث تعيش أسر يمنية هاربة من الحرب أوضاعا صعبة للغاية.

يقول محفوظ، بين وقت وآخر يحاول البعض الهروب باتجاه الحبشة، نظرا لاختلاف الأوضاع هناك، لكن ذلك يتطلب أمورا شاقة، ومبالغ طائلة.

حياة بين العمل والانتظار

في الحبشة يعيش اللاجئ اليمني بصورة أفضل، مقارنة بالسودان والصومال، نتيجة للاستقرار النسبي لنظام الدولة.

يعتمد بعض اليمنيين في أديس أبابا وبقية مدن إثيوبية على الأعمال اليومية، فيما يظل آخرون وهم قليل؛ بانتظار ما تجود به المنظمات من مبالغ بالكاد تكفي لسد قليل من الحاجة.

المنظمات هناك تقوم بالرعاية الطبية الكاملة على الرغم من النظام الصحي المتواضع للبلد.

كما تعمل على تأهيل وتدريب من يريد أن يتعلم مهنة معينة، في مجال الخياطة والطباخة ومهن أخرى.

الجميع يسجل في منظمة الUN بمجرد وصوله أرض الحبشة، حيث تأخذ الإجراءات المرور بالمِجريشن (الجوازات) للتأكد من سلامة البيانات، ثم تمر بالآرا (الأمن القومي)، بعدها ترفع للمنظمة.

تدفع الجهات المانحة ما لا يقل عن 300 دولار لكل لاجئ هناك بحسب المصادر، لا يصل منها سوى من 25 إلى 30% فقط إلى أيدي اللاجئين.

غير أن القليل منهم من يعتمد على هذه المنحة التي تبدأ ب50 دولارا وتنتهي عند ال 70، فهناك من يعمل في مطاعم والبعض في محلات إكسسوارات، وآخرون مهندسون.

السودان.. هجرات قديمة

في تقرير سابق كنا قد أوردنا جزءا كبيرا من أحوال اليمنيين هناك، وهنا نضيف وجهة نظر أخرى لأحد القادمين من جنوب اليمن.

مسعود أحمد، في الخمسين من العمر، له 3 أعوام في السودان. يتحدث عن هجرة قديمة، اغلبهم من شمال اليمن من المناطق الوسطى، بالاضافة إلى أبناء حضرموت.

يقول، وهؤلاء استقروا في مدن البحر الأحمر، بورتسودان، وكسلا، وجزء منهم في الخرطوم ومدن نهر النيل.

يعتقد مسعود أن البعض من اليمنيين الذين هاجروا قبل عقود، كانوا قد اندمجوا مع النسيج الاجتماعي السوداني، وعملوا بتجارة التجزئة واحتكروا نشاط الأفران والمخابز.

يأتي ذلك، بحسب المصدر نفسه، قبل أن تنحسر الهجرة، ويعود معظم اليمنيين نهاية السبعينات مع صعود الرئيس الحمدي، وبداية الطفرة الاقتصادية بالخليج، ولم يتبق إلا القليل هناك.

يضيف مسعود أحمد، نحن اليوم من أصحاب الموجة الثانية للهجرة بالسودان، عدد قليل يحاول البحث عن عمل، لأن ما يقارب ال 95% من اليمنيين الموجودين حاليا في السودان؛ هم من طلاب الجامعات والدراسات العليا.

وضع غير مشجع

الوضع العام غير مشجع، يذكر مسعود في هذا السياق بأن ظروف البلد غير مشجعة، لا للاستثمار ولا العمل بسبب القوانين، إضافة إلى انفصال الجنوب؛ الذي أدى إلى انقطاع أهم موارد الدولة وهو (النفط).

وختم في هذا الجانب، أنه لا توجد جالية يمنية كبيرة بالسودان، وأما الموجودون فيحاولون التأقلم مع ظروف وامكانيات البلد.

مسعود أكد أنه لا يستطيع اتهام السفارة اليمنية بأي تقصير، فلا يوجد ما تقدمه وهي تقوم بواجبها فيما يخص أمور القنصلية؛ من تجديد وثائق وغيرها، ويتم ذلك بشكل سلس.

تظل قصص الهجرة مفتوحة وتبعاتها مؤلمة، لأنها في الغالب؛ إما أنها هجرة عشوائية أو أن البلد الذي تم الاستقرار فيه غير قادر على استقبال لاجئين، نظرا للأسباب والظروف نفسها التي تعاني منها معظم البلدان اليوم.