لم تتسول أو تستسلم كطفلة بعد وفاة والدها.. "ربيعة" أول تهامية تفتتح "بنشرا"

المخا تهامة - Friday 08 May 2020 الساعة 08:40 pm
المخا، نيوزيمن، خاص:

على أرضية ترابية تظلل نصفها ظلة حديدية، فيما النصف الآخر تلسعها أشعة شمس المخا الحارقة، تناثرت عليها بانات ومفاتيح براغ سداسية الشكل وصامولة لفك إطارات السيارات، فيما كانت ربيعة ذات الثلاثة عشر ربيعا، منهمكة في تغيير إطار إحدى السيارات.

تقع الورشة بمحاذاة الخط الإسفلتي لمركز النجيبة التابعة للمخا، وقد أتاح لها ذلك القرب في جعلها قبلة للسيارات والدراجات النارية التي تثقب إطاراتها وتحتاج إلى إعادة إصلاحها.

ومنذ نحو عامين تقريبا، تعمل تلك الطفلة في هذه المهنة لإعالة أسرتها بعدما قضى والدها نحبه في الحرب التي أشعلت جذوتها مليشيات الحوثي عندما احتمى بمحطة مشتقات نفطية تقع بالقرب من ورشته المتواضعة بداية عام 2018.


>> ثلاثة أشقاء بعمر الزهور يعيلون أسرتهم بإصلاح الإطارات

لكن قذيفة حوثية استهدفت محطة البنزين لتحترق ويذهب معها "أحمد سيف القمع" وأحد أبنائه، وبقيت ورشته البسيطة لأطفاله من بعده، يقتاتون من دخلها البسيط.

تعمل ربيعه في تلك الورشة (بنشر) بصمت ونادرا ما توافق على التحدث لوسائل الإعلام، وكأنها ترى أن قوت أسرتها يأتي من كدها وعرق جبينها، لا من استجداء الناس.

لكن ما تقوم به قد يبدو عملا شاقا بالنسبة إلى طفلة ما تزال عظامها طرية عن عمل كهذا، غير أنها مدفوعة تحت ظروف الحاجة ومن أجل الصمود في وجه المتغيرات التي أحدثتها حرب المليشيات والتي أفقدت أسرتها عائلها الوحيد وشقيقها، لتتصدر ربيعة المشهد وتتكفل في دخل يومي يغني أسرتها حاجة السؤال.

وجود طفلة تعمل بورشة لتبديل اطارات السيارات، يثير دهشة كل من يصلها إليها، لكنه يعد مشهدا بطوليا لطفلة وجدت لتحمي أسرتها من سوء الأقدار التي تركتهم على قارعة ذلك الخط الإسفلتي، يواجهون بصمت وألم لا يسمع أنينه سوى من اقترب منهم بشكل أكبر، واطلع على ظروف الأسرة وحالها الذي أصبحت عليه.

حال ربيعة هو حال آلاف الأطفال ممن قذفت بهم حرب المليشيات إلى المجهول، ولهذا فإن أوجه الحرب القبيحة التي أشعلتها الذراع الإيرانية تعرف بالمآسي التي تخلفها، والندوب التي تترك آثارها دون أن يتمكنوا من التخلص من أوجاعها وآلامها القاسية.