"سُمارة" الجبل الذي يحولك إلى طائر والنقيل الناطح للسُحب

تقارير - Friday 29 May 2020 الساعة 10:26 am
نيوزيمن، كتب/ بشير المصقري:

سمارة.. أو سمارى كما تقول الأسطورة إن هذه المنطقة الجبلية والنقيل الأشم كان محطةً لإحدى الملكات الحميريات التي فضلت معانقة السحاب والضباب الكثيف لمدعى أن ذلك الضباب يتحول إلى ملابس يحيكه الدخان لبنات المُلك.. المهم أن ذلك النقيل العجيب الذي يتلوى كأفعى وينحدر ثم يصعد لمرات عديدة يشعر معها من يعانون من إفراز العصارة الصفراوية بالدوار أو الدوخة والغثيان أثناء السفر..

نقيل سمارة يربط بين المناطق الوسطى وإب الغروب ويتبعها إدارياً.. وهو جبل خالد يحوي معالم أثرية وحصونا وقلاعا منها قلعة هيوه الشهيرة ولم تكن الطريق إلى إب تمر عبره قديماً فهناك طريق قديمة في السهل، الأمر الذي جعل الجبل يحمل رمزية عظيمة لارتفاعه الكبير الذي كان يتغطى بالضباب على مدار العام وفي منتصف القرن العشرين تم شق طريق تلتف حول سماره كما تلتف الأساور في معاصم الحسناوات ومعه نسي الناس الطريق السفلى التي كانت مستتبة مع وسائل التنقل القديمة مثل الدواب والجِمال والحمير وغيرها في زمن المركبات، وبدا أن الصعود والهبوط لم يعد أمراً شاقاً مع وجودها مثلما كان في زمن التنقل عبر الوسائل البدائية.. لنقيل سمارة عدد من الحكايات منها أن الشيخ سلطان بن زايد حاكم الإمارات إبان زيارته لليمن مر منها في عام 1986م قادماً من صنعاء باتجاه تعز وحين رأى تلك المرتفعات الشاهقة وتلك الحواف العميقة قال قولته المشهورة: يجب أن يُمنح كل يمني رخصة قيادة ولو قطع هذا النقيل راجلاً..

ومن ذلك النقيل وعنه يُحكى أن الشركات الصينية التي كانت تشق الطرقات في اليمن بذلت جهودا كبيرة في تلك الطريق حتى إنها واجهت عقبات من بعض المواطنين الذين كانوا يقفون حجرة عثرة أمام المخطط آنذاك وكان يحدث شجار وممانعة من لدى بعض السكان لمصلحة شخصية ربما، وعلى إثر ذلك قال أحد المهندسين الصينيين في شجاره مع أحدهم أنا موت، أنت موت، طريق يمشي..

وفي سمارة أيضاً وبعد تعبيد وسفلتة النقيل نشأ المثل القائل: إن كنت من الموت هارب فما من الموت ناجي وإن كنت من الجوع هارب فاهرب سحول ابن ناجي، فمن هذا النقيل تصل سحول بن ناجي بسهولة ويسر..

سمارة تحولت إلى محط استجمام في المناسبات والاعياد يقصده اليمنيون ولا يستطيع زوار اليمن عند المرور منه مقاومة الإغراء الذي يقدمه العلو الشاهق فيركنون سياراتهم وينزلون هناك ولا يتمنون أن يمر الوقت، وذلك لأنك قد تلمس السحاب بيديك لو أعطاك القدر أياديَ بطول إياد العُلج بن عُنق الذي كان يأخذ السمك من البحر ويشويه في قرص الشمس كما تقول الأسطورة عن ذلك العملاق..

وفي سمارة يقدم لك القدر خدمة أخرى وهي أن تمر برفقة عائلتك في أي وقت بأمان فأنت في أحد مرتفعات محافظة إب السلام المتسمة بالأمن والأمان، وهناك بإمكانك مصافحة كرامتك وإنسانيتك وأنت تمر من بين قرى طيبة ربها غفور ولا يمكن أن يعترضك أحد فأنت لستَ في نقيل بني سلامة الذي دفع مواطنا ومعه حريم في موكب عرس أن يقفز بسيارته بمن فيها من شاهق في ذلك النقيل تمسكاً بالكرامة وتاركاً الخزي والعار لقطاع الطرق والنهابين في ذلك الزمن..

سمارة تتحول فيها إلى طائر بل إنك ترى ظهور الطيور وترى أجنحتها وهي تصفق للجمال الذي أبدعه الله وحباه وخص به محافظة إب، وتتذكر الريادي بالمحويت، ذلك المكان الذي تكون فيه أقرب إلى السماء..

* بالتنسيق مع الكاتب، من صفحته على فيسبوك