
يكاد اتفاق الرياض أن يطوي الشهر الثامن على توقيعه دون أن يبصر النور، وذلك بسبب الجهود المبذولة من حزب الإصلاح الإخواني لعرقلة الاتفاق الذي يرى الإخوان المسلمون أن تنفيذه سيحد من نفوذهم واستحواذهم على الشرعية، والتي نجحوا خلال السنوات الماضية من السيطرة على قرارها السياسي والعسكري، خاصة أن الاتفاق قد أكد على عدد من البنود وفي مقدمتها تفعيل دور كافة سلطات ومؤسسات الدولة اليمنية، وإعادة تنظيم القوات العسكرية تحت قيادة وزارة الدفاع، وإعادة تنظيم القوات الأمنية تحت قيادة وزارة الداخلية.
فقبل أن يجف الحبر الذي تم توقيع الاتفاق فيه في الخامس من نوفمبر الماضي، بدأت قيادات إخوانية عليا ومن داخل الشرعية نفسها بالتشكيك بالاتفاق ومهاجمته والتنصل منه، وفي مقدمة هذه القيادات الوزيران الإخوانيان ”أحمد الميسري وصالح الجبواني”.
الجبواني أثبت أن الشرعية باتت مخترقة بشكل كامل من قبل التنظيم الدولي للإخوان المسلمين، وأن القيادات الإخوانية داخل الشرعية تضع أجندة الجماعة قبل الأجندة الوطنية، حيث سارع ومن داخل الشرعية نفسها للتشكيك بالاتفاق. قال إن الإمارات صنعت اتفاق الرياض لتربح ما خسرته في الحرب اليمنية، مشيراً إلى أن الاتفاق يراوح مكانه، وأن الهدف منه ضرب الشرعية في الصميم، وأن اتفاق الرياض ضرب الشرعية في الصميم، وأفرغها من عناصر قوتها الذاتية، ومنح المجلس الانتقالي الاعتراف الرسمي.
وبالتزامن أيضاً مع توقيع اتفاق الرياض كان الوزير الإخواني أحمد الميسري يصرح بما قال إنه رفضه للتواجد العسكري السعودي على أرض المهرة وإحلالها في المواقع السيادية بدلاً عن الكادر اليمني، ومنتقدا ما وصفها بالسلوكيات والمؤشرات السلبية للسعودية في محافظة المهرة، داعياً إلى ضرورة تصحيحها والوقوف أمامها.
وقد شنت وسائل الإعلام التابعة لحزب الإصلاح الإخواني بمهاجمة الاتفاق، والتمهيد للخطوات السياسية والعسكرية التي سيتخذها الحزب في سبيل تعطيل هذا الاتفاق، حيث قام الجبواني وبدون علم وموافقة الحكومة اليمنية بزيارة إلى تركيا وتوقيع اتفاقيات لتسليم الموانئ اليمنية إلى الجانب التركي لإدارتها.
الخطوات التي يقوم بها الإخوان المسلمون لتعطيل تنفيذ اتفاق الرياض استمرت طوال الأشهر الماضية منذ التوقيع على الاتفاق، لتزداد وتيرتها بالتزامن مع عقد الرئيس هادي لاجتماعه الأخير في الرياض مع نائبه ورئيس مجلس النواب ورئيس الحكومة والهيئة الاستشارية وقيادات الأحزاب السياسية، والذي تم تخصيصه لبحث تنفيذ اتفاق الرياض.
فقد قام الإخوان المسلمون بتبني المطالبة بتدخل تركي في اليمن يكون بديلاً عن التحالف العربي، ودعوا لمسيرات جماهيرية ضد التحالف العربي وللمطالبة بتدخل تركيا في اليمن، حيث دعوا لهذه المسيرات بالخروج في مناطق نفوذهم وتحديداً في تعز التي خرج فيها عشرات الأشخاص وهم يرفعون شعارات مناوئة للتحالف العربي وللقيادات السعودية والإماراتية.
وعلى الرغم من أن اتفاق الرياض قد أكد على نبذ التمييز المناطقي والمذهبي ونبذ الفرقة والانقسام، وإيقاف الحملات الإعلامية المسيئة بكافة أنواعها بين الأطراف، إلا أن الحملات الإعلامية المسيئة ضد التحالف العربي والمجلس الانتقالي الجنوبي استمرت من جميع وسائل الإعلام التابعة والموالية لجماعة الإخوان، وصولا إلى التلفزيون الرسمي التابع للشرعية والذي يبث من العاصمة السعودية الرياض والخاضع لسيطرة الإخوان، حيث شن رئيس قطاع التلفزيون الإخواني جميل عزالدين، ومن على شاشة الفضائية اليمنية الرسمية هجوما لاذعا ضد دولة الإمارات العربية المتحدة والتي وصفها بالدولة المحتلة، كما هاجم المجلس الانتقالي الجنوبي.
يشار إلى أن الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي كانا قد وقعا في 5 نوفمبر الماضي في العاصمة السعودية الرياض على اتفاق مصالحة بوساطة سعودية ومشاركة تحالف دعم الشرعية، بهدف تفعيل دور كافة سلطات ومؤسسات الدولة اليمنية، وإعادة تنظيم القوات العسكرية تحت قيادة وزارة الدفاع، وإعادة تنظيم القوات الأمنية تحت قيادة وزارة الداخلية، والالتزام بحقوق المواطنة الكاملة لكافة أبناء الشعب اليمني ونبذ التمييز المناطقي والمذهبي ونبذ الفرقة والانقسام، وإيقاف الحملات الإعلامية المسيئة بكافة أنواعها بين الأطراف، وتوحيد الجهود تحت قيادة تحالف دعم الشرعية لاستعادة الأمن والاستقرار في اليمن، ومواجهة التنظيمات الإرهابية.