تحفة سعيد الشرعبي.. أول امرأة نظمت مسيرة احتجاجية ضد حكم الإمام في تعز

السياسية - Friday 03 July 2020 الساعة 10:01 am
عدن، نيوزيمن:

على طريقة المهاجل التي يرددها الفلاحون في الأرياف اليمنية، خاطب حاكم تعز حينها وولي العهد الإمام أحمد؛ الثائرة تحفة سعيد الشرعبي، التي قررت مواجهة حكم أبيه.. حيث أرسل لها مهددًا بقوله: "يا شرعبية/ خلي الأذية/ صوت المدافع/ بالجحملية" ليصبح هذا البيت الشعري اختصارا للقصة كاملة، يتداولها الناس طيلة العقود الماضية.

تقول الرواية إن عامل الإمام في منطقة "شرعب" أجحف في حق الرعية، وهي سمة كانت لدى كثير من مندوبي وعاملي حكم الإمام يحيى ومن بعده أحمد.

حدث ذلك الظلم في أربعينيات القرن الماضي في منطقة شرعب السلام محافظة تعز غرب اليمن.

تحفة حبل

هي تحفة سعيد سلطان الشرعبي أطلق عليها والي تعز "تحفة حبل" نسبة إلى منطقتها، وكان من مهامه إيقاف أي حركة احتجاجات في المحافظة.

يذكر حفيدها محمد سعيد الشرعبي أنها اشتهرت بهذا اللقب منذ ذلك الزمان حتى فارقت الحياة أواخر 1994م.

ويضيف بأنها أول من نظمت "مسيرة راجلة" ضد الإمام أحمد في تعز عندما كان واليا عليها، احتجاجا على المتنفذين والاتاوات التي كانوا يفرضونها على الرعية.

بالإضافة إلى ذلك تصديها للاعراف التي عمدت إلى حرمان المرأة من نصيبها في الميراث وهو أمر يخالف الشريعة الإسلامية.

وصولها قصر العرضي

وصلت "تحفة حبل" إلى قصر العرضي بتعز تقود مسيرة راجلة ومعها سلاحها الشخصي الذي رفضت التخلي عنه، حينها خرج الإمام لاستقبالها خارج القصر.

يواصل حفيدها سرد القصة فيذكر أن الإمام سألها عن سبب حملها السلاح وعدم تخليها عنه، فأكدت له بأنها تحمي نفسها من (عساكر الإمام).

لم يكن أمامه سوى الاستجابة لمطالبها بشرط بقاء العامل في المنطقة، كما وجه بكف الأذى عن المواطنين وإعادة أرض تحفة.

الغريب أن العامل نفذ الأوامر لبعض الوقت، ثم عاد من جديد ليمارس الظلم على الرعية ما اضطر الثائرة تحفة إلى طرده من منطقة شرعب تمامًا، وحينها وصل الخبر ولي العهد.

الإمام يهدد تحفة

بمجرد معرفة الإمام أحمد بالقصة أرسل في طلبها متوعدًا ومهددًا إياها، وقد حمل الرسالة عساكر الإمام حيث قرأها أمام مجموعة من الحضور في القرية والتي تقول "يا شرعبية/ خلي الأذية/ صوت المدافع/ بالجحملية".

وبحسب حفيدها فقد كانت هذه رسالة تهديدا باستخدام القوة ضدها هي وأبناء المنطقة، ومن حينها أصبحت تحفة تقوم بدور الشيخ في منطقتها، تفصل في قضايا الناس وتمثلهم أمام الدولة وأمام القبائل الأخرى.

ذلك ما ذكرته ابنتها شلعة عبده قائد، مؤكدة أنها أصبحت ثائرة تقود أبناء المنطقة للتحرر من الإمامة، وأنها رفضت أن تكون مثل باقي المشايخ الذين كانوا يأتمرون بأمر الإمام.

تحفة ترفض التخلي عن حقوقها

في هذا الإطار أضافت شلعة بأن والدتها خالفت الوضع السائد حينها في المنطقة والذي كان يقوم على حرمان المرأة من الميراث، مؤكدة أن والدتها ناضلت من أجل استعادة حقها في الأرض، التي كانت تحت تصرف إخوانها وبعض المشايخ المحسوبين على الإمامة، حيث استطاعت استعادة أراض شاسعة من ميراث والدها الذي حرمت منه لسنوات.

تواصل شلعة سرد قصة أمها فتذكر أن أمها ظلت قوية إلى أن جاءت "الجبهة الوطنية" والتي تصادمت مع السلطة القائمة والجبهة الإسلامية في السبعينيات حتى بداية الثمانينات من القرن الماضي.

تضيف، لقد نكل أفراد الجبهة الوطنية بالكثير من مشايخ شرعب باستثناء أمي التي حاولوا كسب تأييدها، وقد أعلنت مساندتها لهم بالفعل.

عُقدة ركوب السيارة

تختم شلعة قصة أمها الثائرة الراحلة فتقول، بأنها كانت ترفض السفر على متن السيارة، وأنها لم تعرف ركوب السيارة في حياتها إلا مرة واحدة طيلة حياتها حين تم إسعافها للعلاج في أيامها الأخيرة.

وختمت، أن والدتها كانت تقطع رحلاتها وأسفارها مشيا على الأقدام، وأنها ذهبت إلى صنعاء مسافة 250 كيلو مترا للقاء الإمام يحيى مع أفراد منطقتها.