فقر مدقع وويلات حرب وقسوة حياة: تزايد حالات الانتحار في اليمن.. ما الدوافع والأسباب؟
السياسية - Thursday 27 August 2020 الساعة 12:19 am
على وقع الحرب وسلسال الموت، الذي لا يكاد يتوقف يومًا عن حصد أرواح الآلاف من اليمنيين، إما بالرصاص والقصف الجوي، أو بالجوع والأوبئة القاتلة والمجاعة، يسابق اليمنيون أجلهم المحتوم بالانتحار قبل الأوان.
بين الفرار من ويلات الحرب المستمرة، والفقر المدقع الذي طال معظم سكان البلاد، جراء الحصار وانقطاع المرتبات وارتفاع الأسعار، وقسوة الحياة بمختلف جوانبها على الإنسان اليمني، لم يجد المئات من اليمنيين مخرجًا آخر سوى الموت، بمشنقة نصبوها لأنفسهم أو بجرعة سم أو بطرقٍ أخرى، هناك حيث تتعدد الطرق والموت واحد.
واعترفت مليشيات الحوثي، ذراع إيران في اليمن، في تقاريرها بتسجيل 152 حادثة انتحار خلال ستة أشهر فقط، فيما يقدر مراقبون أن العدد الحقيقي يفوق ما ذكرته الجماعة الانقلابية، بخاصة في العاصمة صنعاء ومحافظة إب اللتين تتصدران أعداد الحالات الموثقة.
ورجحت المصادر، أن السبب الأول خلف تصاعد أعداد المنتحرين في مناطق الجماعة الحوثية يعود إلى الضغوط المعيشية والنفسية الصعبة والمأساوية التي يعانيها السكان بفعل الانقلاب الحوثي وتوقف الرواتب وارتفاع نسب البطالة.
وكشفت صحيفة "الشرق الأوسط"، أن العاصمة المختطفة صنعاء تتصدر قائمة المدن في حوادث الانتحار، يليها محافظات إب، والحديدة، وذمار، وتعز، وصنعاء المحافظة، وحجة، والمحويت، وعمران، وريمة، وصعدة، وفق الإحصائية التي كشفت عن أن الانتحار بالأسلحة هو أكثر الطرق شيوعاً في حوادث الانتحار المسجلة، يليها الانتحار عن طريق الشنق، ثم الانتحار بالحرق بالنار، ثم السقوط من أماكن مرتفعة، إلى جانب الانتحار عن طريق تناول مواد سامة.
الشرق الأوسط: ممارسات الحوثي وضيق العيش يرفعان أعداد المنتحرين اليمنيين
وفي إطار تلك الحالات المرصودة، أقدم عبدالحليم مسعد أحمد من قرية الرماد الاخماس مديرية الفرع محافظة إب، على الانتحار، بسبب حالة الفقر والوضع الاقتصادي السيء الذي وصل إليه، متزوج ولديه 3 أبناء.
>>انتحار شاب في العدين.. والحوثي ما زال يحشد إلى الجبهات
وعثر على الأستاذ التربوي علي جازي مشنوقاً، وهو في الأربعينات من العمر، بسبب الوضع المعيشي الصعب الذي كان يعاني منه، نتيجة ويلات النزوح والتشرد وانقطاع صرف المرتبات والمستحقات وتراكم الديون عليه، ما انعكس سلباً علی حياته المعيشية والأسرية، وولد لديه شعوراً بالذل والهوان والعجز في توفير احتياجات أسرته ومواجهة أعباء الحياة والتزاماتها".
>>انتحار ثاني تربوي من نازحي حرض بسبب ويلات النزوح والغلاء وعدم صرف المرتبات
وأقدم شاب عشريني على الانتحار بعد عودته بثلاثة أيام من القتال مع مليشيات الحوثي في جبهة الساحل الغربي.
>>انتحار شاب بعد عودته من جبهات الحوثي
وقالت مصادر حقوقية سابقة لـ"نيوزيمن"، إن السجين محمد عبدالله الميفعة (ثلاثون عاماً) بسجن المركزي بصنعاء، انتحر بعد عجزه عن سداد مبلغ خمسمائة ريال أخذها مقابل رهن هاتف لسجين آخر ليسد جوعه.
>> وجبة طعام ورهن يجبران نزيلاً من الحديدة في السجن المركزي بصنعاء على الانتحار
>> عقاقير الحوثي طريق لاستقطاب المغرر بهم من المراهقين.. انتحار أصيل يكشف المستور
وفي السياق، قال مصدر محلي لـ"نيوزيمن"، إن المواطن عبده علي سيف، انتحر شنقاً في منزله الكائن في منقطة الزراعي بعزلة بني أسعد في مديرية حزم العدين، حيث كان يعاني من ضغوط نفسية تسبب بها عجزه عن سداد ديون كبيرة نتيجة الوضع المعيشي الصعب الذي يعانيه.
>> ظروف المعيشة تجبر مواطناً على الانتحار في إب
انقطاع الرواتب لفترة 6 سنوات تسبب ذلك التدهور الاقتصادي والمعيشي بحدوث حالات انتحار في أوساط المواطنين، سواء في المدن أو في القرى والأرياف اليمنية، وقد شهدت حالات الانتحار تصاعدا لافتا، منذ انقلاب الحوثيين على الدولة، مخلّفة أزمة إنسانية هي الأسوأ في العالم، بحسب تقارير دولية.
يأتي هذا في ظل انشغال مليشيا الحوثي الإرهابية بحشد المقاتلين إلى الجبهات من مختلف مناطق وقرى المحافظات التي تحت سيطرتهم، بعد أن خسرت المليشيا مئات المقاتلين في صفوفها، إلى جانب محاولة توسعها وإشراك أكبر قدر من المقاتلين من كل مكان.