نقل "سبأفون".. حاجة ملحة أم تعبير عن صراع أجنحة داخل الشرعية للسيطرة على اتصالات الـ 4G

إقتصاد - Thursday 24 September 2020 الساعة 12:37 am
عدن، نيوزيمن، خاص:

لا يزال إعلان شركة "سبأفون"، أول شركة للهاتف النقال في اليمن، نقل مركزها من صنعاء الخاضعة لسيطرة الحوثي إلى العاصمة المؤقتة عدن، يثير علامات استفهام كبيرة.

فإعلان الشركة الذي اختارت له يوم الـ 21 من سبتمبر ذكرى سيطرة الحوثيين على صنعاء، حمل في طياته اتهامات خطيرة بعرقلة عملية نقلها من صنعاء إلى عدن طيلة الفترة الماضية.

إذ قالت إن "المليشيات الانقلابية الحوثية حاولت طوال الفترة الماضية، عن طريق عناصرها المتوغلة في المناطق المحررة، القيام بعرقلة مشروع تشغيل وتأمين الشبكة من العاصمة المؤقتة عدن".

وأضافت إن ذلك جاء "عن طريق استهداف أعمال الشبكة، والاستيلاء على معداتها وأجهزتها، وتلفيق الأكاذيب، وانتحال شخصيات مدراء، وتزوير مستندات، والتغرير على السلطات، وارتكاب جرائم تخريب وإتلاف ممتلكات وتعريض سلامة المواطنين والعاملين للخطر، وانتهاءً ببث الشائعات الملفقة ونشرها إعلاميا ضد جهود وأعمال إطلاق الشبكة من العاصمة المؤقتة عدن".

>> انفصال "سبأفون”.. أمم الحوثيون حصة حميد الأحمر في صنعاء فهرب إلى عدن

حديث الشركة يعد اتهاما واضحا بعرقلة عملية نقل مركزها من صنعاء الى عدن، ويكشف عن صراع مهم داخل الشرعية بالنظر الى كون الشركة احد الاستثمارات التابعة للقيادي الاخواني المقيم في تركيا/ حميد الأحمر.

ومما يعزز من ذلك ما سبق إعلان الشركة بأيام من حملة غير مسبوقة على وزير الاتصالات لطفي باشريف من قبل نشطاء الإخوان على مواقع التواصل الاجتماعي، واتهامه بخيانة الشرعية.

الحملة التي شنها نشطاء الإخوان على مواقع التواصل الاجتماعي تحت هشتاج #باشريف_يخون_الشرعية، اتهموا فيها الوزير بمنع تحرير قطاع الاتصالات من قبضة مليشيات الحوثي، وهي مطالب سبق وأن نادى بها نشطاء مستقلون منذ تحرير العاصمة عدن عبر إلزام شركات الاتصالات بنقل مقرات او العمل على إنشاء شركات جديدة.

اللافت في هجوم نشطاء الإخوان على الوزير هو التركيز على اتهامه بعرقلة نقل شركات الاتصالات من صنعاء الى عدن، لتتوقف الحملة تماما بعد إعلان الشركة نقل مقرها إلى عدن.

وهو ما فسر على أنه تجلٍ لصراع خفي بين أجنحة الشرعية للسباق على قطاع الاتصالات في المناطق المحررة والاستحواذ على إيرادات هذا القطاع التي من الممكن أن تصل إلى مليارات الريالات شهريا في حالة تقديم خدمات أفضل مما هو موجود حاليا.

ويمكن قراءة ملامح هذا الصراع من إشارة بيان الشركة الى "استمرار طاقمها في الأعمال الحثيثة مع وزارة الاتصالات لاستكمال تشغيل بقية الخدمات وصولاً إلى تقنية الجيل الرابع والخامس".

تقنية الجيل الرابع التي يشير اليها بيان الشركة، يقصد به خدمات الجيل الرابع لنقل البيانات المعروف بـ 4G، والذي يتفوق بخمسة أضعاف على خدمة الجيل الثالث او الـ 3G الذي لا تزال تحتكره شركة يمن موبايل منذ سنوات، في حين لا تزال باقي شركات الاتصال تعمل بنظام الجيل الثاني.

نظام 4G الذي لا يزال محتكرا حاليا لدى شركة عدن نت يعد المشروع الأكبر في قطاع الاتصالات في اليمن وتم تدشينه منتصف يونيو 2018م من قبل الرئيس هادي بتكلفة تزيد عن 100 مليون دولار، ولا يزال الغموض يحيط بأسباب تعثر المشروع بعد نحو عامين.

حيث لا تزال تغطية الشركة محصورة في احياء من مدينة عدن رغم كثرة الوعود من قبل وزير الاتصالات بتوسعته ليشمل المحافظات المحررة، كما ساءت الخدمة المقدمة من الشركة بشكل كبير بسبب عدم التوسعة في سعات محطات البث مقابل اعداد المشتركين.

هذا التعثر الغامض يثير الجدل بشكل لافت بالنظر الى عدم وجود عراقيل امام المشروع، وبالنظر أيضا الى تواجد الوزير باشريف في عدن رغم الاحداث التي شهدتها بين الانتقالي والشرعية وانتهت بمغادرة الحكومة وكافة مسئولي الشرعية.

غموض استمر مع حلول الذكرى الثانية لتدشين شركة عدن نت، ليظهر وزير الاتصالات باشريف يبشر بانتقال أول شركة للهاتف النقال من صنعاء وعدن وهي شركة واي التي أعلنت جماعة الحوثي افلاسها أواخر مارس الماضي، مبشرا بانتقال "سبأفون" أيضا.

وسرعان ما تكشفت حقائق هامة حول انتقال الشركة، وتورط قيادات في الشرعية مع قيادات حوثية لإعلان افلاس الشركة بهدف السيطرة عليها ونقلها الى عدن ومنحها رخصة تشغيل خدمات الجيل الرابع مع بقاء نشاطها في مناطق الحوثي.

وعزز من ذلك وثيقة رسمية صادرة من باشريف الى وزير المالية بإعفاء أجهزة تابعة للشركة من الرسوم الجمركية تحت ذريعة انها "ضحت بكل تجهيزاتها في صنعاء بهدف نقل نشاطها الى عدن".

نشطاء وصحفيون كشفوا عن تورط قيادات بالشرعية وعلى رأسهم نجلا هادي ناصر وجلال في صفقة تصفية "واي" ونقلها الى عدن وتسهيل تدشينها عبر الوزير ومنحها خدمات الجيل الرابع، مؤكدين بان ذلك يفسر التعثر الغامض لشركة عدن نت الحكومية.

وبعد مرور اكثر من شهر ونصف على اعلان الوزير نقل الشركة الى عدن، نشرت وسائل إعلام تابعة للشرعية نقلا عن مصادر مقربة من الوزير بان الشركة ستقوم بتدشين عملها من عدن عقب عيد الأضحى الفائت أي منتصف أغسطس الماضي.

وبعد مرور اكثر من شهر دون وجود أي مؤشر على قرب انطلاق الشركة، جاء اعلان شركة "سبأفون" عن نقل مقرها الى عدن وعملها مع وزارة الاتصالات لتشغيل تقنية الجيل الرابع، وهو ما يعد تنافسا واضحا على الاستحواذ على هذه الخدمة بالمناطق المحررة أكثر منه تحريرا لقطاع الاتصالات من سيطرة مليشيات الحوثي.

حيث تؤكد مصادر فنية بأن ما تم لم يكن نقلا للشركة من صنعاء الى عدن، بقدر ما كان عملية فصل لإبراج بث الشركة بالمناطق المحررة من السيرفرات الموجودة في صنعاء وربطها بسيرفرات جديدة في عدن، وهو ما قصدته الشركة في إعلانها عن "تدشين خدماتها الآمنة للاتصالات بالهاتف النقال في المناطق المحررة عبر شبكة اتصالات مستقلة عن سيطرة وتحكم الميليشيات الانقلابية الحوثية في صنعاء".

في حين تقول مصادر أخرى في الشركة بأن هذه الخطوة جاءت بعد قيام ميليشيا الحوثي بمصادرة 56 بالمائة من أسهم الشركة إلى حسابها الشخصي، وهي حصة حميد الأحمر وإخوانه، والشخصيات والكيانات الموالية للشرعية المساهمة في الشركة، والتي أصدرت الميليشيا حكما بمصادرة أموالهم وممتلكاتهم.

تبقى الإشارة إلى أن القناعة الراسخة بكون الشركة أحد الاذرع المالية لجماعة الاخوان يثير الشكوك حولها من الجوانب الأمنية وتدشينها كشبكة مستقلة في المناطق المحررة التي تخوض فيها الجماعة صراعا واضحا مع القوى المسيطرة على الأرض وبخاصة في الجنوب.