مرشحة ترمب للمحكمة العليا تواجه أسئلة حرجة في «الشيوخ»

العالم - Wednesday 14 October 2020 الساعة 08:30 am
نيوزيمن، الشرق الأوسط:

لليوم الثاني على التوالي، واجهت مرشحة الرئيس الأميركي لمنصب قاضية في المحكمة العليا إيمي كوني باريت المشرعين في اللجنة القضائية في مجلس الشيوخ المعنية بالمصادقة عليها في منصبها. لكن المختلف اليوم هو أن أعضاء اللجنة بدأوا بمساءلة باريت رسمياً، بعد اليوم الأول الذي اقتصر على الخطابات الافتتاحية للمرشحة ولأعضاء اللجنة.

وعكست جلسة المساءلة المتشنجة واقع الحدث وأهميته، إذ انهال الديمقراطيون على باريت بوابل من الأسئلة التي تراوحت بين مواقفها من الإجهاض إلى الرعاية الصحية المعروفة بـ«أوباما كير» وحق حمل السلاح، وصولاً إلى الانتخابات الأميركية.

فما لا شك فيه أن توقيت المصادقة على ترشيح من هذا النوع فرض نفسه على مجريات الجلسة، وأضاف مزيداً من التوتر على أجوائها، فقد جاء تعيين باريت في هذا المنصب الذي ستشغله مدى الحياة، في حال المصادقة عليها، في خضم الموسم الانتخابي الرئاسي، وفي وقت يتنازع فيها الطرفان الديمقراطي والجمهوري على انتزاع الأغلبية في مجلسي الشيوخ والنواب. وقد بدا هذا واضحاً في الأسئلة التي طرحها أعضاء اللجنة على باريت، وتصريحاتهم. وأبرز هؤلاء رئيس اللجنة الجمهوري ليندسي غراهام الذي يخوض سباقاً محتدماً للحفاظ على مقعده في ولاية ساوث كارولاينا. فغراهام، وهو من حلفاء ترمب الشرسين، تحدث عن سباقه الانتخابي في الجلسة، وانتقد مواقف الديمقراطيين المحذرة من أن تعيين باريت سيؤدي إلى إلغاء الرعاية الصحية لكل الأميركيين. وهو موقف ردده الرئيس الأميركي دونالد ترمب، في تغريدة له تعليقاً على الجلسة، في دليل على أهمية الملف، وتأثيره على الناخب الأميركي. فقد قال ترمب: «الجمهوريون سيوفرون رعاية صحية أفضل من تلك التي يوفرها الديمقراطيون، وبتكلفة أقل، وسوف يحمون الأشخاص الذين لديهم حالات صحية سابقة».

وجاءت تصريحات ترمب هذه رداً على السيناتورة كامالا هاريس، وهي عضوة في اللجنة القضائية التي استمعت إلى باريت، ونائبة المرشح الديمقراطي جو بايدن. هاريس حذّرت من أن المحكمة العليا، بأغلبيتها المحافظة، قد تجرد الأميركيين من الرعاية الصحية التي مررت في عهد الرئيس السابق باراك أوباما، مذكرة بأن هذه القضية ستطرح أمام المحكمة في العاشر من نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، بعد الانتخابات الأميركية.

وقالت هاريس: «في حال حكمت المحكمة بإلغاء القانون، فهذا يعني أن ملايين الأشخاص سيخسرون تأمينهم الصحي في أسوأ وقت ممكن».

وقد سُلطت الأضواء على باريت التي ضغط عليها الديمقراطيون بشكل كبير لتوضيح موقفها من الملفات المختلفة المثيرة للجدل، لكن القاضية المتمرسة تمكنت من المراوغة، وعدم الإجابة بشكل مباشر، فهي ليست المرة الأولى التي تواجه فيها أعضاء اللجنة التي سبق أن ساءلتها في عام 2017، لدى المصادقة على تعيينها قاضية في الدائرة السابعة في محكمة الاستئناف. وأكدت باريت أنها لن تسمح لمواقفها الخاصة والشخصية بالتأثير على قراراتها في المحكمة، وأنها «ستطبق القانون المكتوب».

ويتخوف الديمقراطيون من أن يؤدي تعيين باريت في المحكمة العليا إلى ترجيح الكفة نهائياً لصالح المحافظين الذين سيتمتعون بـ6 مقاعد، في حال المصادقة على باريت، مقابل 3 لليبراليين. لكن الواقع هو أن مجلس الشيوخ سيصادق عليها في نهاية المطاف بسبب سيطرة الجمهوريين على الأغلبية فيه، وهذا ما أكد عليه غراهام الذي قال: «هذه الجلسات لا تهدف إلى إقناع بعضنا لبعض بوجهات نظرنا. ففي النهاية، كل الجمهوريين سيصوتون لصالح المصادقة، وكل الديمقراطيين سيصوتون ضدها».

وعلى عكس الديمقراطيين، أشاد الجمهوريون بشكل كبير بباريت المحافظة، وطرحوا عليها سلسلة من الأسئلة التي بدا من الواضح أنها تهدف إلى استقطاب المحافظين من الحزب. فبعض هؤلاء الجمهوريين يخضون سباقات حاسمة في ولاياتهم، وينازعون للحفاظ على مقاعدهم في مجلس الشيوخ. فخسارتهم لهذه المقاعد تعني خسارة الجمهوريين للأغلبية في المجلس. ومن أصل 12 جمهورياً في اللجنة، 5 منهم يخوضون سباقات حساسة، وقد حاول هؤلاء جذب أصوات الناخبين خلال الثلاثين دقيقة التي خصصت لهم لطرح أسئلتهم. فهم يعلمون أن موضوع تعيين باريت هو شغل المحافظين الشاغل، وأنهم كرسوا كل مواردهم للمصادقة عليها، عوضاً عن تخصيص هذه الموارد للسباق الانتخابي. فبالنسبة للمحافظين، المصادقة على باريت مضمونة أكثر بكثير من فوز ترمب بالانتخابات، أو احتفاظ الجمهوريين بمقاعدهم في مجلس الشيوخ. ويقول أحد المتبرعين المحافظين: «إن إعادة انتخاب ترمب غير أكيدة، أما باريت فسيكون من المفاجئ للغاية عدم المصادقة عليها». وقد تعهد زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ ميتش مكونيل بالمصادقة على باريت في الـ29 من الشهر الحالي، ما يعني أنها ستتسلم منصبها قبل الانتخابات الرئاسية.

ويدعو الديمقراطيون باريت إلى عزل نفسها عن قرار حسم الانتخابات، في حال وصلت القضية إلى المحكمة العليا، وحاول الرئيس الأميركي التشكيك بالنتائج. لكن باريت قالت إنها ستتشاور مع قضاة المحكمة الثمانية الآخرين، وإنها لن تجزم بعزل نفسها قبل التشاور.

ومن جهتها، تركز حملة ترمب الانتخابية على المصادقة على باريت بشكل كبير، وقد حث نائب الرئيس الأميركي مايك بنس الديمقراطيين على عدم تكرار سيناريو جلسات المصادقة الفوضوية على القاضي برت كفناه الذي عينه ترمب. وقد أدى أداء الديمقراطيين الضعيف في تلك الجلسات إلى خسارة اثنين منهم لمقاعدهم في مجلس الشيوخ في الانتخابات النصفية.