من “موفنبيك” إلى “الريتز كارلتون” وبين الرياض وطهران.. الفشل الثابت الوحيد في أداء الشرعية

تقارير - Tuesday 10 November 2020 الساعة 10:30 am
عدن، نيوزيمن، خاص:

تُواصل أوراق الديبلوماسية اليمنية تساقطها على مدار العام، لم يبق لها ما تحفظ به ماء وجهها أمام خريف السياسة الدولية وعلاقتها بالآخرين وأمام آمال المواطنين، واليوم مع قطع الديمقراطيين شوطهم الأهم إلى البيت الأبيض، فإن الإجازة التي منحتها الإدارة الجمهورية للبيت الأبيض لهذه الشرعية ستنتهي، الجمهوريون لا يكترثون بأداء الدبلوماسية في دول لا تمثل لهم “أهمية”، على عكس الديمقراطيين الذين يحتاجون هذه الدول الهامشية لبرامجهم التي يسوقون عبرها للتغيير، والبداية باختبار المؤسسية والعمل السياسي في أنظمة دول الهامش هذه، ولو شكلياً.

ايرلو.. صدمة المواطن بتآكل الشرعية

"كنا نحرث في حقول ميتة، وقفنا مع الحكومة معتقدين فعلًا أنها ستصل لِنَجدتنا، لكن الذي وصل هو السفير الإيراني (حسن ايرلو)".

الحديث لمواطن من صنعاء، علق جُل آماله على شرعية الرئيس (هادي) بعد أن تم رفع شعار "قادمون"، لتجد مأرب نفسها في مرمى نيران المليشيا، فيما الشرعية تتصارع على حقائب ميتة.

إذًا من يقف وراء وصول السفير الإيراني بعد ما يقارب 6 أعوام من الحرب في 17 أكتوبر/ الماضي؟ ولماذا في هذا التوقيت بالذات؟ وما شعور وزارة الخارجية اليمنية؛ والسفير يدشن فعاليات مهرجان (المولد النبوي) من ميدان السبعين الخميس الماضي 29/ أكتوبر.

الدبلوماسية الشرعية.. ضد جبهاتها

في مقابل ترهل الشرعية، تظهر نزوات بريطانيا المتكررة والمبعوث الخاص الذي ظهر أقل من وسيط.. يقود مفاوضات غير مُلزِمة، نجاحها الوحيد هو “إعاقة مسار المعركة العسكرية في الحديدة”.

وفي السياق، جاء تصريح السفير البريطاني في اليمن (مايكل آرون) الذي بدأه بعبارة "يجب على هادي.. والحوثيين العمل مع المبعوث لإنهاء الحرب في البلد"؛ حفيظة الجوقة الإعلامية والسياسية للرئيس هادي.

واليوم، تتدافع التصريحات من رموز من الحزب الديمقراطي الامريكي الذي قطع شوطا كبيرا للعودة الى البيت الابيض، ورغم تقييده في غرفتي البرلمان بغرفتيه، النواب والشيوخ، عبر اغلبية جمهورية في احدى الغرفتين وتعادل في الاخرى، فان القادم قد يعيد الطريقة الديمقراطية التي كان بدأها جون كيري، الذي ذهب مباشرة للحوثيين وجلبهم مرغمين للجلوس أمامه للتوصل لحلول قد يقيد تطرفهم وعنفهم لكنه لن يحقق آمال اليمنيين وجبهاتهم التي قدمت عشرات الآلاف من الشهداء ضد الصلف الحوثي خلال السنوات الست.

محطات تم دفنها

لا تزال قرارات الأمم المتحدة السابقة وكذلك المرجعيات الثلاث تشكل "حافظة" لاجندة وممارسات مليشيا الحوثيين التي تعمل برتبة بواب لا أكثر لدى المطامع الإيرانية في المنطقة.

وقد تمثلت تلك المرجعيات في قرار مجلس الأمن رقم 2216 والمبادرة الخليجية التي تمت في شهر أبريل/ 2011م والتي انبثق عنها انتخاب الرئيس هادي في 21 فبراير 2012م.

المرجعية الثالثة كان "الحوار الوطني" والذي شكل منعطفًا هامًا في المشهد السياسي اليمني، فقد جرى في أجواء مشحونة تحت سقف (فندق موفنبيك) والأكثر غرابة أنّ تمدد الحوثي كان يسير بالتزامن تمامًا مع وقائع المؤتمر ونتائجه.

انقسم الناس بين مؤيد ومؤمل بالحوار الوطني الذي بدأ في 18 مارس 2013 وسط تفاؤل قوى سياسية موجَّهة وانتهى في 25 يناير 2014، لكن وخلال 10 أشهر تضاءلت فرص النجاة واكتملت أركان الانقلاب في 21 سبتمبر 2014م من نفس العام.

الدور العربي.. طوق قطر

استبشر معظم اليمنيين بانفراجة وشيكة حين أخرج "البيت الخليجي" قطر منتصف العام 2017، باعتبارها حليف التآمر ضد الدولة اليمنية من وقت مبكر، وقد نقلت تآمرها من ليبيا القذافي إلى إيران وتركيا، لكن ما حدث أن قطر صارت هي من توجه الحملات باسم الشرعية ضد التحالف، بدأت بالامارات ثم انتقلت للسعودية، وصار الصوت اليمني كأنه ملك لقطر، وصارت على علاقة بطرفي التآمر، الاخوان والحوثي.

الحوثي.. جهد لم يتوقف في خدمة القتل والجوع

الحوثي لم يستفد فقط من ضعف الشرعية، بل إنه وظف الجهود العالمية للاغاثة لصالحه، فتلاعب بالمساعدات الإنسانية ونهب أكثر من 60% منها، وزرع آلاف الألغام والعبوات التي تستطيع قتل أكثر من مليون مواطن، بحكم أن هناك عبوات يصل وزنها بين 40 و70 كيلو جراما، هذا غير الألغام الفردية وتهجير ونزوح أكثر من 3 ملايين مواطن داخل المحافظات.

بل إنه زرع البحر بالألغام البحرية التي أعاقت حركة الصيادين اليمنيين في مناطق الساحل الغربي وخلفت عشرات القتلى والجرحى، وصل بعضها إلى "المياه الإقليمية".

ناقلة (خزان صافر) هي الأخرى أظهرت الوجه الأكثر قبحًا لدى مليشيا الحوثي ذراع إيران في اليمن، كما أثبتت فشل الضغوط الدولية نحو تقليل أضرار الكوارث البيئية من ناحية، واستهلاك مثل هذه القضايا كعناوين للتفاوض وإبداء القلق.

ويعد الخزان العائم في البحر الأحمر أحد أكبر الخزانات في العالم، يحوي حاليًا وبحسب التقارير، على مليون و240 ألف برميل من النفط، وهو عرضة للانفجار في أي لحظة بسبب عدم صيانته منذ أواخر العام 2014 أي قبل 7 أعوام.

ديبلوماسية فندق الريتز

بعد سنوات الفشل المتراكم، نقلت الحكومة اليمنية كل خبرتها في صناعة الفشل الى فندق (الريتز كارلتون) حيث تقيم في العاصمة الرياض منذ العام 2015، وبعيدا عن واجباتها تجاه الخدمات العامة للسكان وعن الجبهات التي تبدو الشرعية غير معنية به ولا تتأثر بهزائمها المتكررة، فان الفشل الاكبر تمثل في أن الشرعية التي لم تعد أي من سفاراتها في دول العالم تقوم بواجبها، وفيما وزير خارجيتها منشغل بمعارك ضد التحالف، فقد بسط الحوثيون السجاد الاحمر ليسير عليه احد قيادات الحرس الثوري الايراني، بصفته سفيرا لايران في اليمن. ومن المتوقع أن يكون السفير القادم هو “القطري” وقد يلحق به سفير سلطنة عمان وسفراء آخرون.

ويرصد العالم هذا الفشل الشرعي، أمام جماعة ترفع "شعارات الموت”، محتارا، ومع قليل من التحرك الحوثي والايراني فقد انتقل العالم من الحيرة الى التعامل ببرود مع شرعية لا تريد أن تفعل شيئا.

ايران.. بناء المعبد

مقابل ذلك كله فان إيران ومعها أدواتها ماضية في خدمة مصالحها الاستراتيجية، وتقوية حضورها في "المنطقة"، فاليمن هي بمثابة القمة التي ستمكنها من الرؤية الواضحة والمناورة بحرفية وقدرات عالية وإدارة مشروعها الكبير،

ومن سوء حظ هذا البلد فإنه حتى صراعات الأقطاب والمَحاور والمعسكرات تنعكس عليه؛ بمعنى أن ما يجري بين الصين وأمريكا وروسيا وكوريا الشمالية وإيران وتركيا وفرنسا وحتى إسرائيل، سيلقي بظلاله على الأزمة شئنا أم أبينا بحكم افتقادنا لمركز القرار الذي تسقط الشرعية اوراقه فشلا بعد فشل وعجزاً بعد عجز وتخبطاً بعد تخبط.