"مستبد ويجب أن يدفع الثمن".. سياسات أردوغان في وجه عاصفة فوز بايدن

العالم - Sunday 15 November 2020 الساعة 07:34 am
عدن، نيوزيمن:

يعيش النظام التركي بقيادة الرئيس رجب طيب أردوغان حالة من القلق والتوجس والترقب للتحولات المرتقبة في سياسة الإداة الامريكية الجديدة يقيادة الرئيس المنتخب جو بايدن الذي سيتسلم مهامهة في يناير القادم.

ويجمع الخبراء والمحللون انه بمغادرة الرئيس الحالي دونالد ترامب للبيت الأبيض، سيكون أردوغان قد فقد واحدا من أبرز حلفائه، وتبعا لذلك، سيتعامل مع رئيس وإدارة أميركية لا تكن أي ود لأردوغان وحزبه وسلوكياته الاستراتيجية، داخلياً وخارجياً.

ويستند الخبراء الى تصريحات نارية ادلى بها بايدن أثناء حملته الانتخابية في منتصف شهر أغسطس الماضي، حددت بوضوح استراتيجيته نحو تركيا ووصلت حد وصف اردوغان ب"المستبد" وتوعده بدفع ثمن سياسياته المزعزعة لامن المنطقة، فضلا عن تعهده بدعم احزاب المعارضة لمواجهة وهزيمة اردوغان.

وفي عرضه لمستقبل العلاقات بين بلاده وتركيا قال بايدن في مقابلة تلفزيونية: "لقد قضيت الكثير من الوقت مع أردوغان.. إنه مستبد.. إنه رئيس تركيا وأكثر من ذلك بكثير.. عليه أن يدفع الثمن".. مضيفا "أن الأتراك عليهم أن يفهموا أن أميركا لن تستمر في اللعب معهم بالطريقة التي كانت تلعب معهم بها، وأن الولايات المتحدة في حاجة إلى العمل بجدية أكبر مع الحلفاء لعزل أفعال أردوغان في المنطقة، لا سيما في شرق المتوسط".

وزاد بالقول: "يمكننا دعم تلك القيادات التي لا تزال موجودة في تركيا، وتشجيعهم على مواجهة أردوغان وهزيمته.. ليس عن طريق الانقلاب، ولكن من خلال العملية الانتخابية".

وهنا يتضح جليا لاردغان بان هذه الرؤية التي يشكلها حاكم البيت الأبيض المنتظر تستوعب كل اطماع واساليب السلطان الإخواني، ولا مجال معها لمواصلة

أجنداته الاستعمارية المفضوحة في المنطقة الممتدة من آسيا الوسطى والقوقاز إلى الخليج وشمال إفريقيا.

فعلاوة على احتلالاته العسكرية وقضمه لأجزاء واسعة من غير دولة مجاورة ولا مجاورة في سياق إعادة إنتاج وإحياء الفاشية العثمانية، لا يتوانى عن الركون إلى مداعبة المشاعر الإسلامية والتلاعب بحس العامة لتورية نزعاته الاستبدادية الشمولية.

وهكذا فهو يعمل على تسعير الصراعات الدينية واستحضار الزمن العثماني البائد محاولاً لعب دور السلطان "الفاتح" قائد الأمة والمنافح عنها ضد أعداء الدين كي تكتمل أركان حبكته الكوميدية السوداء الركيكة في مسعاه للتستر على جوهر سياساته العنصرية التركية الهادفة إلى التوسع وفرض الهيمنة على دول المنطقة الإسلامية والعربية منها بالدرجة الأولى وسرقة ثرواتها ومواردها من البترولين الليبي والعراقي إلى غاز المتوسط.

فسلطان الإخوان بشعبويته المنفلتة من كل عقال يعبر والحال هذه عن طبيعته التكوينية الغوغائية حيث اصطناع الأزمات والحروب البيئة المنعشة لخطابه العدواني البطريركي المتخيل تركيا دولة كبرى تبسط سلطانها وفرماناتها على مجمل بلدان الإقليم وشعوبه.

ووسط الانتكاسات التي منيت بها سياساته داخليا وخارجيا يجد اردوغان نفسه مكشوفا امام رئيس دولة عظمى ملم بكل اطماعه وحتى اساليبه في الإيغال حد الابتذال في البزنس الديني والبروباغاندا الثيوقراطية سعياً وراء تحقيق تلك الاطماع بادوات واذرع اخوانية منتشرة في عدة دول.

ويرجح الخبراء انه عندما يتولى بايدن رئاسة الولايات المتحدة، سيتعامل على الأرجح مع أطراف كردية خارج العراق، في كل من سوريا وتركيا، وهي أطراف تمس توجهات واستراتيجيات الرئيس أردوغان.

وفي الداخل التركي، سيتعامل بايدن مع حزب الشعوب الديمقراطية المؤيد للأكراد في تركيا، والذي يُعد ثاني أحزاب المعارضة التركية من حيث عدد أعضاء البرلمان.

وبايدن الذي أثار مسألة الإطاحة بأردوغان من خلال دعم قوى المعارضة التركية، ربما يتجه إلى المساعدة في خلق توافق سياسي بين حزب الشعوب الديمقراطية "الكردي" وبين حزب الشعب الجمهوري "الأتاتوركي" حزب المعارضة الرئيسي.

اما في سوريا، سيضغط بايدن على أردوغان في مستويين متوازيين. إذ سيزيد التعاون والاعتراف السياسي بالإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، التي يملك فيها الأكراد السوريين نفوذاً رئيسياً، وهو أمر قد يعني في نهاية المطاف حصول الأكراد السوريين على مساحة للحكم الذاتي في مناطقهم الحدودية مع تركيا.

أما عسكرياً، فإن الإدارة الأميركية الجديدة ستزيد من دعمها لقوات سوريا الديمقراطية، لأنها تعتبرها شريكتها الرئيسية في محاربة الإرهاب. وهو ما سيمنع أية اندفاع تركي جديد، لمحاولة احتلال المزيد من الأراضي في شمال شرق سوريا كما فعلت من قبل في مناطق عفرين ورأس العين، بضوء أخضر من إدارة الرئيس ترامب.

وربما سيساعد الاقتصاد التركي المنهار في سرعة اهتزاز الأرض تحت أقدام سلطان الاخوان في الداخل و زيادة المشكلات له في عهد بايدن، منا قد يعزز الدعوات المتنامية لانتخابات رئاسية وبرلمانية مبكرة.

وكانت وكالة "فيتش" للتصنيف الائتماني، اعلنت في أغسطس الماضي.

خفض آفاق الاقتصاد التركي إلى درجة "سلبية"، نظرا إلى تراجع الاحتياطي النقدي للبلاد والانهيار المتواصل لسعر العملة التركية وضعف الثقة في سياسة أنقرة المالية.

وبحسب شبكة "بلومبرغ"، فإن الوضع في تركيا يثير قلقا بشأن الحصول على تمويل من الخارج، ولذلك تم خفض تصنيف البلاد إلى "BB-"، والذي يقل بثلاث درجات عن المعدل المطلوب للاستثمار.

ويرى مراقبون أن العام 2015 كان فاصلا بالنسبة للاقتصاد التركي، ففيه بدأ الاقتصاد يدخل مرحلة انكماش شديدة، أي بالضبط في نفس السنة التي غيّر فيها أردوغان طبيعة النظام السياسي في بلاده، من برلماني لرئاسي، ليتفرد بحكم البلاد، ويحول بلاده إلى دولة ساعية للهيمنة بالقوة على محيطها السياسي والجغرافي.

وبعدما خرجت تركيا بشكل واضح عن التفاهمات الإقليمية والدولية، بالذات مع الولايات المتحدة، تراجعت العملة التركية وخسرت قرابة 40 بالمئة من قيمتها خلال عام 2018.

وتبعت حالات التمرد التركية على حلفائها التقليديين، سلسلة من عمليات الانخراط لأنقرة في القضايا الإقليمية والدولية، من سوريا مرورا بليبيا والعراق وأرمينيا وصولا إلى البلقان، عبر استخدام القوة العسكرية والهيمنة من خلال حيل سياسية ونشر الميليشيات الارهابية والاخوانية المتطرفة والمرتزقة، مما راكم من أتعاب الاقتصاد التركي الهش أساسا وخلق اجواء متوترة في دول المنطقة وحول علاقات انقره مع عدة دول من التعاون والشراكة الى عداء معلن واجواء حرب كما حدث مع اليونان وقبرص عقب استفزازات تركيا بالتنقيب عن النفط والغاز في مناطق متنازع عليها شرق البحر الابيض المتوسط.