ندوة حقوقية بتعز: الأجندة السياسية عطلت وصول أصوات الضحايا في اليمن إلى العالم

السياسية - Friday 20 November 2020 الساعة 03:24 pm
تعز، نيوزيمن:

وصف أمين عام نقابة المحامين بمحافظة تعز توفيق الشعبي الآليات الدولية المتبعة في رصد انتهاكات حقوق الإنسان في اليمن بـ"الفشل"، مشيراً إلى أن الآليات التي تتبعها المجموعات المنبثقة عن الهيئات الدولية "يشوبها الكثير من التقصير والتقاعس" إضافةً إلى "التحيز وفقدان النزاهة أحياناً".

جاء ذلك خلال الكلمة التي ألقاها الشعبي، خلال ورشة عمل نظمها المركز القانوني اليمني ومؤسسة تمكين للتنمية وحقوق الإنسان الخميس بمحافظة تعز.

وأكد الشعبي على "فشل المنظمات الحقوقية والهيئات المحلية المعنية بحقوق الإنسان الرسمية والأهلية في تقديم الصورة الكاملة للانتهاكات التي ارتكبت خلال السنوات الكاملة، وإيصال صوت الضحايا إلى العالم".

وأكد الشعبي في كلمته على أن مفردة الفشل لا يتحملها للوسط الحقوقي والإنساني في اليمن فقط بل تشمل مجموعات العمل المنبثقة عن الهيئات الدولية والآليات التي تتبعها في رصد الانتهاكات والكشف عنها".

وأضاف: "للأسف فشلنا في إيصال أصوات الضحايا في اليمن إلى العالم، بسبب طغيان الأجندة السياسية على العمل الحقوقي ما ساهم في التغطية على الانتهاكات والجرائم الجسيمة في حق المدنيين والتي يرقى بعضها لمستوى جرائم الحرب".

وقدمت عدد من أوراق العمل خلال الورشة، حيث استعرضت الأستاذة صباح عبد المجيد رئيسة مؤسسة نحن هنا وعضو مؤتمر الحوار الوطني، في ورقتها أدوار المنظمات الحقوقية المعنية برصد وكشف الانتهاكات والدفاع عن حقوق الضحايا خلال الحرب.

كما استعرضت الأستاذة رغدة المقطري عن اتحاد نساء اليمن تأثير الحرب على حقوق الفئات الضعيفة، حيث تطرقت إلى أوضاع النساء في اليمن نتيجة الحرب وتجاهل المنظمات الحقوقية لمعاناتهن.

المحامي مختار الوافي، أمين عام المركز القانوني اليمني، استعرض عدداً من الملاحظات والانتقادات القانونية والمهنية على أداء فريق الخبراء البارزين الخاص باليمن، معتبراً أن تقارير فريق الخبراء "تفتقد للموضوعية والحياد والشفافية والنزاهة والمصداقية باعتبارها معايير اساسية في عمل التقارير الدولية".

وأشار الوافي إلى أن تقارير فريق الخبراء افتقرت للتوازن والمساواة "حيث ركز فريق الخبراء على انتهاكات طرف معين وتجاهل انتهاكات وجرائم الطرف الآخر، وبعضها يرقى إلى مستوى جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية وفقا للقانون الدولي الانساني والقانون الدولي لحقوق الانسان"، مشيراً إلى أن وقائع ونتائج التقارير الأخير لفريق الخبراء جاءت "متعارضه ومتناقضة بشكل كبير ورئيسي مع مخرجات ونتائج قرارات وتقارير اممية مثل تقرير فريق الخبراء التابع لمجلس الامن وتقارير هيئات الامم المتحدة".

وانتقد الوافي تقرير فريق الخبراء الأخير، مشيراً إلى أنه قد شابه "الكثير من الخلل والاعتوار بالاعتماد في تحقيقاته على الافادات الشفوية غير موثقة وما خلص اليه من قناعات شخصية مبنية على تقارير اخبارية واعلامية غير موثوقة وتحقيقات غير مدعمة بالوثائق والمستندات الفنية المتخصصة".

واتهم الوافي فريق الخبراء الأممي بـ"تجاوز صلاحياته" من خلال "إحالة الوضع على المحكمة الجنائية الدولية وتوسيع قائمة الاشخاص الخاضعين للعقاب"، معللاً ذلك بأن "الولاية الممنوحة للفريق لا تخوله تلك الصلاحيات"، مشيراً إلى أن "التقارير الصادرة عن الفريق ذات طابع سياسي لغرض تكريس سياسة الضغط على الحكومة اليمنية لفرض التسوية السياسية القائمة على مبادرة المبعوث الاممي مارتن غريفث".

واتهم الوافي فريق الخبراء الخاص باليمن ب"عدم الالتزام في بالتكيف والتوصيف القانوني للأطراف وفقا للمعتمد في قرارات فريق الخبراء التابع لمجلس الامن". وأشار إلى بعض الأمثلة على ذلك، منها الوصف الذي أطلقه تقرير فريق الخبراء الأول على زعيم جماعة الحوثي بوصفه "قائد الثورة".

وانتقد الوافي الفريق لـ"عدم اشراك جميع الاطراف المعنية في التحقيقات وتبادل جميع الوثائق والمستندات المتعلقة بالمزاعم والانتهاكات وفقا لما هو مقرر في آلية العمل الاممية والدولية في اجراء التحقيقات"، مشيراً إلى استبعاد تقارير فريق الخبراء لأحد أطراف الصراع "وهو تدخل النظام الايراني" والذي "اكدته ووثقته جملة من المواقف والقرارات الدوليه"، معرباً عن استغرابه لعدم إشارة التقارير الصادرة عن الفريق إلى "الدور الايراني المباشر الذي يؤجج الصراع في اليمن"، معتبراً أن ذلك "يثير الشك والريبة في عمل الفريق وما خلص اليه من نتائج".

وأوضح الوافي في معرض انتقاده لتقارير الفريق الأممي اعتماده على "معلومات وادعاءات من مصادر مجهولة تفيد استخدام قوات الشرعية والتحالف للاطفال في النزاع" وهي العبارة التي وردت – بحسب الوافي – في مقدمة التقرير الصادر عن فريق الخبراء عام 2018، مشيراً إلى أن مثل "هذا الادعاء لا يمكن الاعتماد عليه او الرجوع اليه كمصدر اتهام". واستطرد: ومع ذلك فقد أشار تقرير الخبراء نفسه وبشكل أقل اهمية استخدام مليشيات الحوثي للأطفال في النزاع..

واعتبر الوافي أن هذه التقارير قد تخطت مرحلة المساواة بين الضحية والجلاد إلى "مرحلة التجريم غير الشرعي لطرف الشرعية وقوات التحالف على حساب الفاعل الاساسي والمرتكب الرئيسي للجرائم في اليمن وهي مليشيات الحوثي والتي كانت التقارير تصفها بسلطة الامر الواقع"، معتبراً أن هذه التقارير استندت إلى دلائل "غير كافية، وغير حقيقية وليست دقيقة في مثل هذه القضايا كما جاءت مخالفة لما هو على أرض الواقع".

واستعرض الوافي عدداً من الانتهاكات الموثقة والمرتكبة من قبل مليشيات الحوثي والتي قال إن تقارير الفريق الأممي قد تجاهلتها، ومنها جرائم "زراعة الالغام بشكل عشوائي في الطرقات والمزارع وجوار المدارس والميادين العامة والتي راح ضحيتها آلاف الضحايا من النساء والأطفال، فضلا عن تفخيخ جثث الموتى. واطلاق الصواريخ البالستية على المدن والاحياء السكنية واجبار الاطفال على الانخراط في قوات المليشيات ودفعهم للخطوط الامامية ثم القيام بتصويرهم كقتلى مدنيين من قبل قوات الشرعية والتحالف، "وهو ما يعد تضليلاً وانتهاكاً لحقوق الطفل"، حد وصفه.

وخلال المناقشات التي تخللت الورشة، استعرض عدد من الحقوقيين والخبراء القانونيين عدداً من الملاحظات النقدية على أداء فريق الخبراء الأممي، حيث اعتبر عدد منهم أن فريق الخبراء الأممي قد عمل في تقاريره المختلفة على تسطيح كثير من الانتهاكات التي مارستها مليشيات الحوثي والتي ترقى لتصبح جرائم حرب.

وأشار عدد من المشاركين إلى أن الفريق قد سعى إلى اللعب على الألفاظ والتوصيفات واجتزاء الحقائق، وامتنع عن زيارة كثير من المواقع والمرافق التي تظهر حجم الانتهاكات التي ارتكبتها المليشيات الحوثية، معتبرين أن الفريق عمل على توظيف مجموعات عمل محلية تقوم بعمله، واستند ظاهرياً على المعلومات المقدمة منها، والتي غالباً ما كانت مجتزأة وناقصة، فضلاً عن التنصل من واجبه في الكشف عن انتهاكات المليشيات الحوثية للرأي العام العالمي بحجج واهية مثل "تضارب المعلومات".

وأكد المشاركون على جملة من التوصيات الواجب تنفيذها من أجل رصد الانتهاكات والانتصار لحقوق الضحايا، حيث أوصى المشاركون بضرورة التنسيق الفعال بين منظمات المجتمع المدني المحلية لإيصال رسالتها إلى العالم الخارجي، وكذا إنشاء شبكة حقوقية قوية من المنظمات الفاعلة في مجال حقوق الانسان للارتقاء بالعمل الحقوقي وتوفير مصدر محايد وموثوق للمعلومات، وتشكيل لجان فرعية منبثقة عن الورشة لإجراء دراسة دقيقة لتقارير فريق الخبراء البارزين، على أن تشمل الدراسة تحقيق النقد البناء وتوضيح أوجه الخلل والقصور في إحاطات فريق الخبراء وبيان سبل المعالجة المقترحة.

وطالب المشاركون مجلس حقوق الإنسان بجنيف والتابع للأمم المتحدة، بضرورة إعادة النظر في تقارير فريق الخبراء البارزين المعني باليمن، وتصويب ما ورد فيها من اختلالات ومعالجة أوجه ذلك القصور في أي تقارير أو إحاطات قادمة انتصاراً لحقوق الإنسان وضحايا الانتهاكات من اليمنيين، أياً كان مرتكبو هذه الانتهاكات، وأياً كانت هوياتهم وخلفياتهم السياسية والثقافية والاجتماعية.