فرَّت من الحوثيين إلى المخا بحثاً عن أمان.. سعيدة المُسنة التي يرهقها ضجيج المدينة

المخا تهامة - Monday 30 November 2020 الساعة 01:45 pm
المخا، نيوزيمن، خاص:

كانت تشير إلى رأسها في إيماءة وكأنها مصابة بالصداع، وتلك هي مشاكل الضغط لدى كبار السن.

لكن سعيدة عبده، النازحة من حيس والتي بدت وكأنها في السبعين من العمر، اقتربت منا بشكل أكثر، وقالت بصوت خافت، إن ضجيج المدينة أحدث لها صداعاً أبدياً منذ أن قدمت إلى المخا وكان ذلك فاتحة لحديثنا معها.

تضيف، إنها عاشت عمرها في الفلاء ضمن أسرتها التي تمتهن تربية الأغنام، وحيدة في قفار البراري الواسعة، ولم يكن بوسعها الاختلاط مع كثير من الناس وتلك هي طبيعة الحياة في المناطق السكانية البعيدة، التي لا يقصدها سوى الرعاة.

استرسلت في حديثها وعلامات الوهن بادية عليها، إن حياتها منذ البداية إلى أن شارفت الاقتراب من العقد الثامن كانت في تلك القفاري، ولم يحدث أن غادرتها حتى قدمت مليشيا الموت والدمار وحولت تلك المناطق الواسعة إلى أماكن للموت والرهبة.

لم تجد أسرتها، أمام الأساليب الحوثية الإجرامية سوى الرحيل، وصباح اليوم التالي وفي اللحظة التي تسبق ضوء الفجر تسللت الأسرة من باب عشتها البسيطة بخطى خفيفة حتى لا توقظ أصوات أقدامها عناصر المليشيا التابعة لإيران في مواقع قريبة منها وانطلقت وسط السهول الجدباء على أمل أن تجد في مناطق أخرى الأمان الذي فقدته في تلك المنطقة.

قدمت إلى المخا كنازحة ولم تجد سوى مخيم النيابة ليأويها لكن الحياة البدوية التي عاشتها غابت عنها هنا في هذه المدينة التي بدأت تستعيد زخمها.

لقد كان ذلك تحولا دراماتيكيا في حياة تلك المسنة وعائلتها، لتبقى رهينة ضجيج المدينة وصخبها، وهو شيء لم تعتد عليه منذ أن كانت طفلة، لكنها الحرب التي فرضت عليها ذلك ودفعتها إلى العيش وسط ذلك الصخب بدلا عن سكون الريف وهدوئه.

بداية الأسبوع الماضي كانت كما لو أنها تتساءل، هل ستحذف طريقة حياتنا التي "اعتدنا عليها طيلة العقود الماضية من بقية أعمارنا" يبدو الأمر كذلك، إذ لا مؤشرات على انتهاء حرب الحوثيين، فيما اتفاق جديد يعد له، ستبقى معاناة السكان والنازحين دون حل إلى ما شاء الله.