شارع المعز لدين الله خان الخليلي والحسين.. روحانية وتاريخ معتَّق بالدهشة

متفرقات - Wednesday 28 April 2021 الساعة 02:30 pm
القاهرة، نيوزيمن، خاص:

وأنت تسير في كثير من شوارع القاهرة وأحيائها تتأكد لك حقيقة: "أن البلد الآمن يستطيع أن يخلق السياحة من العدم ويحول كل شيء فيه إلى متحف كبير وواسع، على عكس البلد الفاشل غير المستقر وإن كان يزخر بحضارة عتيقة وأماكن جذابة".

كانت تلك نقطة على السيطرة لا رتوش فيها أو مواربة، فمدينة كالقاهرة فيها ما لا يتسع المقام لحصره من أماكن للسياحة الدينية والتاريخية والترفيهية، فالمتحف الوطني لوحده الواقع في قلب التحرير يحوي أكثر من 100 ألف قطعة أثرية.  

حي الحسين

ما إن تقترب من "جامع الحسين" الذي شيد في العهد الفاطمي سنة 549 الموافق 115 ميلادية وخاصة في رمضان حتى يستقبلك بائع محمل بالرغيف يطلب منك أن تشتري كمية ليقوم هو بتوزيعها كصدقة بالنيابة عنك على الجالسين جوار الجامع من المحتاجين.

عمال المطاعم ينادون عليك بكل ترحاب لتناول بعض الوجبات أو المشروبات الساخنة كاليانسون والشاي والقهوة والعصائر الطازجة.

تتخلص من كل هؤلاء جميعًا يمنة ويسرة على عجالة للوصول إلى شارع "المعز لدين الله" الذي يزدحم بالزوار والمارة والعربات الصغيرة الخاصة بنقل البضائع.

قبل أن تصل هناك لا بد وأن تمر بأزقة "خان الخليلي" المكتظ بمحلات التحف والهدايا التي تحمل طابعا تاريخيا إما فرعونيا أو إسلاميا، والأقمشة والمصوغات الفضية والذهبية والمصنوعات اليدوية الجذابة وصناديق الصدف، يعود اسم الحي وتاريخه إلى العصر المملوكي شيده الأمير جهاد الخليلي بحسب الروايات.

خان الخليلي

يستقبلك "مطعم خان الخليلي ومقهى نجيب محفوظ" بشغف لما له من مكانة، إضافة لطابعه الخاص وديكوره الجميل، وهو مزار لكثير من السياح العرب والمصريين، كما أن فيه فرقة موسيقية بقيادة أحد العازفين على آلة "القانون" والإيقاع "الطبلة"، تقدم الفرقة عروضًا جميلة ومتقنة يوميًا حيث يقومون بعزف أغلب الأغاني الشهيرة والقديمة لعمالقة الطرب أمثال أم كلثوم وعبد الحليم وشادية وفائزة أحمد وملحم بركات وصباح فخري وسيد درويش وغيرهم الكثير.

مقهى الفيشاوي

هناك مقهى الفيشاوي خلف جامع الأزهر وهو من المقاهي المشهورة يتجاوز عمره 150 عامًا وقد أخذ مكانته من جلوس رائد الرواية العربية والمصرية نجيب محفوظ، والذي كان يستقبل فيه المبدعين والأصدقاء. إضافة إلى أنه مكان يزوره الكثير من السياح بشكل دائم وفنانون وكتاب عالميون. 

وهناك لؤلؤة الحسين، وولي النعم جميعها مقاهٍ تخلق جواً من الدهشة والحيوية، وعشرات المطاعم التي تتنافس على تقديم الخدمات والوجبات المصرية والعربية.

شارع المعز لدين الله

المنطقة المحيطة بجامع الحسين وخان الخليلي تشبه صنعاء القديمة وسوق الملح وسمسرة النحاس وسوق الزبيب والباز (القماش) وهي من الأماكن التي تعيدك إلى زمن بعيد تنسى معها مدن الاسمنت والشوارع المعبدة بالاسفلت وحتى الإضاءات المزعجة.

يمتد الشارع لأكثر من 4500 متر، كما أن عمره يزيد على 1000 عام، فيه أكثر من جامع أثري إلى جانب جامع المعز ومحلات الحلي والشيش وأدوات منزلية نحاسية وباعة حلويات تقليدية ومقاهٍ حديثة، وأيضا مبانٍ قديمة يتم توارثها بين الأبناء تحولت مع الزمن إلى متاحف ومحال للتجارة في نفس الوقت، ويشتهر بفنون العمارة المتنوعة بين المصرية والأندلسية والعثمانية، إضافة إلى ذلك الأضواء والفوانيس الهادئة.

يصادفك المصورون وهم يحملون المعدات التي ستلتقط صورة بها كالملابس الفرعونية أو غيرها ذات طابع تاريخي إسلامي ما يجعلك تعيش أجواء خرافية.

بلد مليئ بالدهشة

المصريون يستطيعون خلق أجواء سياحية إلى جانب التي لديهم، فكل شيء يتحول إلى مزار أو متحف في هذا البلد.

أشياء وفسيفساء صغيرة وتفاصيل دقيقة تصبح مع مرور العقود شيئاً مبهراً ومكاناً أثرياً تخلق أجواء من الدهشة.

فوق ذلك ثمة توسع عمراني وبنى تحتية مذهلة تخلق يومياً آلافاً من فرص العمل ومثلها عدد هائل من الوظائف.